حسن صبرا لـ«جنوبية»: الثورة عرّت مسؤولين تسببوا بإنهيار أخلاقي ومالي

الثورة اللبنانية
صحفي لبناني عريق مثير للجدل، صاحب ورئيس تحرير مجلة "الشراع" التي أنشأها في الثمانينيات من القرن الماضي، ذاعت شهرته يعد نشره تفاصيل فضيحة "إيران غيت"، فتعرّض بسبب ذلك لمحاولة إغتيال. لكنه نال على إثر التحقيق المثير جائزة "لوموند" كأهم صحفي لعام 1986، إضافة إلى جائزة أحسن عمل صحفي عربي لعام 1986 من مصر، وجائزة تقديرية من نقابة المحررين في لبنان آنذاك. حاليا ينشط ويؤيد الثورة على الفساد في لبنان، ويرفض الإهمال العربي للبنان الذي جعله ساحة للسياسة الإيرانية وقبلها ساحة للفصائل الفلسطينية.

يعتبر الزميل صبرا أن “الحراك تأخر كثيرا”. لكن برأيه “أن تأتي متأخرا خير من ألا تأتي أبدا”. ويشدد في لقاء مع “جنوبية” على أننا ” نعيش الإنهيار”، “فهذه الحالة، برأيه، التي يعيشها اللبنانيون تجعل الأهل لا يستطيعون دفع أقساط مدارس أولادهم، فكل أسرة في لبنان فقيرة أو متوسطة تعمل حساباتها بتقشف شديد، أليس هذا إنهيارا”.

الإنهيار الأخلاقي

ويسأل “عجز المواطن عن الحصول عمّا ادخره في المصرف أليس هذا إنهيارا؟ طبعا الإنهيار الأخطر هو الإنهيار الأخلاقي عند المسؤولين السياسيين، إنهيار أخلاقي تام، فحتى الآن لم يجدوا فاسدا، ويقولون إن الأمورعادية، ويخرج علينا رئيس الجمهورية ليقول إن الأمور جيدة جدا، وأنجزنا كل شيء.

اقرأ أيضاً: إبراهيم شمس الدين لـ«جنوبية»: شيعة لبنان يعانون من «الثنائية الفئوية».. وفي أسوأ أيامهم!

إنه لأمر غريب. ويخرج علينا جبران باسيل ليقول إنهم لم يَدَعوه يعمل”. و اردف:” نريد أن نفهم: هل أنجزتم شيئا، وبالتالي دعوكم تشتغلون وسمحوا لكم؟ أم أنهم لم يسمحوا لكم بالعمل، وبالتالي هناك إنهيار. هذا هو الإنهيار الحقيقي في نفوس المسؤولين. فعندما يخرج أحدهم ليطالب بحلّ مشكلة الكهرباء، والكهرباء تكلّف 47 مليار دولار، وهو يوّقع على صرف هذه المليارات، بماذا تطالب أنت وغيرك؟ كل المسؤولين السياسيين في لبنان مسؤولون. وهناك انهياران في لبنان: إنهياراقتصادي مالي عند الناس، وإنهيار أخلاقي عند المسؤولين أدى هو نفسه إلى الإنهيارالأول”. 

عجز المواطن عن الحصول عمّا ادخره في المصرف أليس هذا إنهيارا؟

لا شخصية جامعة الآن

ويؤكد  صبرا أنه “ليس في  لبنان شخصية سياسية قادرة على الحلّ، إنه عمل جماعي”. وبرأيه “كلهم باتوا يقولون شكراً للثورة لأنها سمحت لنا أن نفهم. هذه الشخصيات الموجودة ليس منها من هو مؤهل، إذا أردنا الاصلاح علينا أن نأتي بأناس صالحين، هؤلاء فاسدين ولا يستطيعون الإصلاح، لا أمل من الطبقة السياسية الحالية، وهذا المخاض طبيعي في كل الثورات في التاريخ”.

شعار الثورة: “انتفاضة وطنية ضد الحرامية”

فـ”الثورة في لبنان وضعت هذا الشعار: “انتفاضة وطنية ضد الحرامية”، ولمواجهة الفساد لا يجوز أن يستمر الفساد، فلن يجرؤ أحد بعد ذلك على الفساد لأن هؤلاء الفاسدين يجب أن ينتهوا إما في السجون، وإما في القبور، وإما في المنافي”. ويشدد على أن لبنان “بحاجة إلى نهج جديد، عندما أتى رفيق الحريري كان هناك ظروفا عربية ودولية مؤاتية في لبنان. بالتأكيد له مكانته، ونهجه، إنما ما كان هذا ليبرز وينجح لولا الظروف العربية والدولية التي استطاع توظيفها خدمة للبنان”. ويضيف “هذه الظروف العربية والدولية الآن غير مؤاتية بالمطلق، وهؤلاء الموجودين الآن يتصرفون على حجم صفقاتهم. وما يوفر لهم الاستمرارية في السرقة والنهب هذا فقط لأنهم يراهنون على ثلاثة أمور. الأول: أن أميركا وأوروبا ما زالتا تعتبران لبنان حاجة ليبقى، الثاني: أنهم يخشون إذا فلتت الأمور في لبنان من الفوضى، وان تخرج جهات متطرفة كما حصل في مناطق عديدة، وتؤدي هذه الفوضى إلى ازدياد الهجرة السورية واللبنانية إلى الخارج. الثالث: ان هناك سمكا في البحرأي النفط والغاز ينتظرنا”. 

ويقول أن هؤلاء الفاسدين يراهنون “على أنها اذا توفرت لن يسقط لبنان، وبالتالي هم في مأمن، والمهم أن يظل في لبنان من يستطيع أنان يوفر لهم المال.

  

الثورة اللبنانية
الثورة اللبنانية

إيران والقضية الفلسطينية 

عن دور التدخل الإيراني في السياسة الداخلية اللبنانية، يشرح صبرا، بالقول “إن الإنكفاء العربي عن لبنان هو السبب، هناك واقعة حصلت عام 1982 حيث عقد المجلس الوطني الفلسطيني في الجزائر، بعد خروج الفصائل الفلسطينية من لبنان آواخر العام 1983 وكان هناك تباهٍ من الخطباء بما أنجزت المقاومة الفلسطينية، وما فعلوه في لبنان، فخرج إليهم الراحل شفيق الحوت، وقال لهم أنتم تظنون أنكم سيطرتم على لبنان، فلبنان كان حديقة من دون سياج، ومن يستطيع الدخول إلى هذه الحديقة ويتجاوز السياج يستطيع أن يفرض سلطته”.

الصحافي حسن صبرا
الصحافي حسن صبرا

لا يجوز أن يستمر الفساد، لأن هؤلاء الفاسدين يجب أن ينتهوا إما في السجون، وإما في القبور

لبنان دون سياج

وتابع “إذا دخلت إيران إلى لبنان، فلأن لبنان ليس لديه سياج وطني، ولا سياج عربي، وأنا أعتبر الدخول الايراني منطقيا، فإيران ستكون غير فاهمة لدورها اذا لم تقتحم لبنان. لأنها تريد أن تكون على حدود فلسطين”.ويكمل بالقول “عندما دعا الإمام الخميني 1982 إلى تشكيل جيش القدس، وإنه سيكون من 20 مليون مقاتل، وجد أنه سيكون هناك استحالة. لماذا؟ لأنه هناك نظامان على حدوده هما تركيا في الحلف الأطلسي، والعراق ضده. فاستبدل الفكرة بإنشاء قوى محلية تقاتل من لبنان. وكان هناك مبرر منطقي لتشكيل المقاومة لإسرائيل المحتلة، فهل يمكن أن تبقى إسرائيل دون أن يقاومها أحد، كان ذلك مستحيلا. إذا أراد أحد أن يقاتل من سيمنعه؟”.

أين كنتم يا عرب؟

ويسأل “لن ننسَ أن إسرائيل حتى تلك اللحظة كانت هي العدو الأول. والآن اختلفت الأمور عند الكثيرين، وكانت القضية الفلسطينية هي القضية المركزية والجامعة. ففي هذه اللحظة دخلت إيران، فأين كنتم يا عرب؟”. “كان هناك من يعقد مؤتمر “كامب ديفيد”، وهناك من يلتقي مع إسرائيل في أكثر من مناسبة، وهناك من قال لإسرائيل عام 1973 انتبهي مصر وسوريا سيحاربوك، فجهزّي نفسك لكي تواجهي العرب”. وتابع”: في هذه اللحظة كانت الأغلبية الساحقة من المواطنين العرب يريدون مقاتلة إسرائيل، ودخلت إيران، ولو لم تدخل إيران لما كانت منسجمة مع نفسها، ووجدت في داخل لبنان قوى رحبت بها”.

غاب المشروع العربي فدخل المشروع الإيراني

ويشرح بالقول “للذين يقولون أن لإيران مشروعا! أنا أسأل متى كَبُرالمشروع الإيراني؟

العمالة الفلسطنية

“لن ننسَ أن إسرائيل حتى تلك اللحظة كانت هي العدو الأول. والآن اختلفت الأمور عند الكثيرين، وكانت القضية الفلسطينية هي القضية المركزية والجامعة. ففي هذه اللحظة دخلت إيران، فأين كنتم يا عرب؟”.

اقرأ أيضاً: أحمد بيضون: أبطال الحرب والدمار.. «كلن يعني كلن» !

عندما غاب المشروع العربي، ولو كان هناك تفاهما وتكاملا عربيا لما كان هناك مسألة سنيّ وشيعيّ. والهلال الشيعي جاء طبيعا كأمر واقع، لأن مشروع الإمام الخميني كان الوصول إلى فلسطين”.ويدين الحكومات العربية، قائلا “إذا تخليّنا نحن كعرب عن القضية الفلسطينية فهذا أمر، واذا شاء الآخرون أن لا يتخلوا هل نريد أن نلزمهم، وإذا أردنا نحن أن نصالح إسرائيل هل نريد لغيرنا أن يصالح إسرائيل أيضا؟ أنا أقول إن وضع العرب اليوم يشبه وضع الإمبراطورية العثمانية في آواخر أيامها، أين العرب نحن نقول العرب مجازا. فالعرب تخلوا عن قضيتهم، فمصر منشغلة بذاتها، وحواضر العرب انشغلت بنفسها، وهناك بُعد عن القضية”.

السابق
اللعبة خرجت من يد الدول الكبرى.. «إدلب» ترسم خارطة سوريا الجديدة!
التالي
استعدوا لمنخفض جوي جديد.. أمطار رعدية غزيرة وثلوج!