إبراهيم شمس الدين لـ«جنوبية»: شيعة لبنان يعانون من «الثنائية الفئوية».. وفي أسوأ أيامهم!

إبراهيم شمس الدين
الوزير السابق إبراهيم شمس الدين، ابن عائلة دينية عريقة والده الشيخ الراحل محمد مهدي شمس الدين، رئيس الجمعية الخيرية الثقافية التابعة لمؤسسات الإمام شمس الدين، ناشط سياسي، باحث و مثقف، مُتابع، بعيد من الإعلام، رشح عن مقعد بيروت لعام 2018.

“جنوبية” التقت شمس الدين وأجرت معه مقابلة شاملة تتناول نظرته إلى الحراك الوطني وآفاقه ودور الحراك الشيعي فيه وتطورات  الصراع و الثنائية الشيعية ومستقبله ؟

يرى إبراهيم شمس الدين أن ” حراك اللبنانيين الجنوبيين، هو جزء من الحراك الوطني اللبناني العام، رفضا وإدانة لمنهج الطغمة الحاكمة السلطة الحاكمة الحالية التي تتولى إدارة البلاد منذ سنوات طويلة، وكذلك  لمنهجها في إدارة المال العام، و مشروع التنمية، و إدارة الوحدة الوطنية، وفي تطبيق القانون، وفي الحفاظ على الناس، و على مصالحهم، هو رفض كامل وإدانة كاملة، لأن هذه الطغمة فشلت في كل شيء، بل أنها إلّتفّت على أيّ شكل من أشكال الإدارة العامة الجيد أو المقبول، لا بل حوّلته إلى حطام وحوّلت لبنان كله إلى مَنهبة عامة”.

الحراك ووصايا الشيخ شمس الدين

ويشدد على أن “الحراك الجنوبي أو حراك اللبنانيين في الجنوب هو جزء من الحراك الوطني العام، وهو يستقيم مع إحدى وصايا الراحل الكبير الشيخ محمد مهدي شمس الدين في وصيته إلى الشيعة بشكل خاص وإلى عموم اللبنانيين، وإلى الشيعة في أوطانهم أينما كانوا بأن لا ينفردوا في أنفسهم في حركة مطلبيّة مهما كانت هذه الحركة مُحقة. هذه الحركة محقة وهذا الحراك وهذه الانتفاضة محقة، بل أن ينضووا ضمن إطار عام مطلبي ينضم إليهم فيه لبنانيون آخرون حتى لا تكون مطالبتهم مطالبة فئوية لأنه ينقلب عليها فتُحارب وتُحطم، وهذا ما حدث عدة مرات في السنوات السابقة”.

واجب السلطة أن تقدّم حلولا  ولا يزال الناس يتمسكون بصيغة لبنان الدولة الدستورية الديموقراطية البرلمانية

ويتابع شمس الدين بالقول “ما يُصطلح عليه باسم الثنائية الشيعية، وأنا أسميه الثنائية الفئوية الحزبية استولت على كل شيئ، وهجّرت الناس ومنعت التنمية واستلحقت العائلات من رجال وأفراد، ولم توقر أحد سوى من يتبع لها، وسلّطت اتباعها على المال العام وعلى الناس كالغزاة الذين كانوا يحتلون مدنا وبلدانا في السابق، ويبيحون المدن لجنودهم”.

الثنائية الغاشمة في مصيلح

يفصّل شمس الدين بالقول إن “هذه الثنائية الفئوية الحزبية، وهي غاشمة في تسلّطها، لم تقدم شيئا للناس، وإن كانت اعطت أو تعطي بعض الشيء فهي تأخذه من جيوبهم، ومن المال العام، يأخذون من مالنا ويعطوننا إياه بمنّة، ويجب أن نطلبه عدة مرات من مصيلح وغير مصيلح”.

إقرأ أيضاً: بالفيديو: سليماني على الحدود وإصبعه نحو الجليل.. إنقسام وجدل لبناني!

فـ”هذه الثنائية، وخاصة زعامة جناب الأستاذ نبيه بري أخذت كل شيء أخذت التنمية، والأرض، والوظائف، والمناصب، والأرزاق، والزراعة، والدخان، والتبغ، وكل شيئ، ولم تبقِ على شيء. من أصغر وظيفة إلى أعلى وظيفة لا يمكن أن يتم شيء أو يحصل أمر حسن لأي فرد من الأفراد إن لم يكن مستلحقا أو تابعا. وأن يقدّم الولاء هو وعائلته، وينبغي أن ينتخب حسب مراده ومرادهم، حتى بعض كرامات الناس قد انتهكت، اعراضنا بعد لم تنتهك، ولا ينقص سوى أن يطالب هذا الزعيم بحق الليلة الأولى، إذا خرف هذا الزعيم، وهو يمكن أن يخرف ويطالب بحق الليلة لبناتنا، وهي يعتبر أنه مالك للشيعة، وأنهم مالكين”.

تعبير الدولة الفاشلة لا يقوم بالمقام

وبرأيه “هذه الثنائية تدّعي وتقول وتقدّم نفسها أنها تقاتل حتى تبقى صاحبة ادعاء أمام الآخرين وأمام زعماء الطوائف في لبنان والخارج، وفي بعض المحيط العربي إنهم يملكون الشيعة ولا حق لأحد فيهم وبمعنى أن الدولة غير موجودة، وأن الدولة ترّخص حتى تأخذ إذنا منهم لتتصل بمواطنيها في الجنوب والبقاع، وفي ما يصطلح عليه بالضاحية.

لم يبقَ شيئا حتى بعض كرامات الناس قد انتهكت واعراضنا بعد لم تنتهك ولا ينقص سوى أن يطالب هذا الزعيم بحق الليلة الأولى

وإلا فالدولة ممنوعة عنهم تماما والمواطن اللبناني الشيعي لا يستطيع تحصيل أية خدمة من أجهزة الدولة إلا عبر الوسيط أو حتى القواد الطائفي، لم تبقَ هناك دولة، تعبير الدولة الفاشلة صار تعبير لا يقوم بالمقام، هي دولة متلاشية تماما، القضاء فاسد والشرطة فاسدة، والقضاة في معظمهم فاسدون، والقضاة مستلحقون بمعظمهم من رجال ونساء، ومدّعون عامون مستلحقون تماما لا يأتمرون إلا بأمر زعيمهم أو بعض رجاله، لا يستجيبون لا للقانون ولا حتى لقسمهم، في الإدارة مستلحقون ويتبعون الزعماء سواء برتب مدير عام ومدير ومصلحة، وحتى مخاتير وأعضاء بلدية ومجنّدين عاديين”.

أنا أبارك هذا الحراك

ويشدد شمس الدين بالقول إنه “بهذا المعنى هذا الحراك الوطني العام، وهذه الإنتفاضة هو حراك عام وجزء منه الشيعة اللبنانيين المباركة في الجنوب والبقاع هي طبيعية ومتوقعة، وأدعو لها واقعا أن تستمر ما أمكن، وأن تحفظ ما أمكن رغم المشقة والضغط والإعتداءات والتخوين والظلم، الذي تعرّضت له في صور والنبطية وبعلبك وفي قرى عديدة، ولكن صوت الناس عاد وبرز ولا يمكن اخفاؤه. وهذه الثنائية انكشفت بقيادتها وتزعمها وتسلطها وصارت مرفوضة ومُدانة تماما ومتهمة دائما، والناس تعرف أن هذا المال مالها، وأنهم هم نهبوه، على قاعدة أن لا شيء يختفي، كل شيء يتحوّل، ثروة الناس تحوّلت من جيوبهم وعملهم وجهدهم عبر أجهزة الدولة إلى جيوب زوجاتهم وبناتهم وأولادهم. والآن اختفى المال، فبهذا المعنى أنا مؤيد بشكل تام لهذه الإنتفاضة في الجنوب وبشكل خاص في النبطية وبعلبك والضاحية التي آمل أن يحدث فيها حراك وهي تشارك، ولكن في مناطق أخرى، رغم كل الضغط والتخوين، والتخويف السخيف، والغبي بالعمالة، وفي طرابلس وبيروت وإن شاء الله تكون مباركة”.

واجب السلطة أن تقدّم حلولا

حول مكامن الفساد وهل يمكن للحراك الإنتصار على أدواته، يقول “لم يبقَ شيئ لم يفسد بعد، حتى في العنوان الديني ممن يُطلق عليهم أو يطلقون على أنفسهم إسم رجال دين وهم معممون إن كانوا يعرفون بعض دين فهم يأبونه ويتجنبونه خوفا وجبنا وطمعا براتب أو بوظيفة، كما هو حاصل الان.

إقرأ أيضاً: «حزب الله» يُجنّد مراهقي «كشافة المهدي».. هل تُشطب الجمعية من العضوية الكشفية العالمية؟

إلى مستويات في الخدمة العامة كلّها حيث عمّ الفساد كل أشكال الادارة العامة، وفي النقابات، والمجتمع المدني والأهلي التي تم الاستيلاء عليها كليّا حتى لا تعبّر عن الناس وطموحهم، وكل أشكال الفضاء العام، وكل ما يمكن أن يوضع عليه سعر ويستحصل ويرغم الناس على دفع المال للإستحصال عليه يسعر من باب النهب، حتى لم يبقَ شيء اطلاقا حتى حق الناس ورواتبهم وجهدهم نزعوه منهم”.

هذه الإنتفاضة تعبير عن حق وغضب شعبي

فهذا المستوى من الفساد، برأيه “صار غامرا وعاما وشاملا، ويحضرني الآن بعض صور القرآن أو التعابير القرآنية إنه عندما يحل غضب الله على قوم ينغمسون بالفساد والأذية والفجور، وفي البعد عن الدين في حفظ الآخرين والبعد عن الأذية، وكأن اطارنا وزمانا صار يستحق غضب من هذا النوع، وإن شاء الله تكون هذه الإنتفاضة تعبير حق، وعن غضب شعبي ووطني كبير، وليس فقط فيه نفس حق، وفيه روح حق إلهي كبير وروح حق كبرى، وكما أعلن تأييد هذه الانتفاضة، وهو شكل من أشكال الواجب كما أفهمه أولا لأنها صرخة جماعة كاملة بالحق أمام سلطان جائر، ثانيا هي مطالبة بحق مسلوب للناس من الآخرين”.

هناك محاولات لإفساد الدستور أكثر فأكثر من خلال اختلاق ووضع تكوينات إدارية جديدة ليحتموا بها من فسادهم وفشلهم ولصوصيتهم 

و”الناس موجودة وتسمع صوتها بحدة منذ أكثر من 100 يوم، والمتوقع هو الاستمرار ومن حقها أن تقول لا، وليس من واجبها أن تقدّم حلول للسلطة، وأول الكلام لماذا أنتم ستظلون ونحن نقدّم لكم الحلول، واجبكم الحالي والمستقبلي لأية سلطة هو أن تقدّم الحلول، فعندما يقول الناس: لا، معنى أن السلطة لا تُحسن العمل، فإما أن تتنحى أو أن تستقيم. فحتى الآن مجانين هم جماعة السلطة، الأمر البديهي والبسيط هم لا يقومون به، أن يستجيبوا للناس، ومن أحقر الردود وأكثرها غباءً واستهانة بالناس إنهم شكّلوا حكومة آلية تشكيلها ومعاييرها ومقاييسها والإعتبارات الداخلية هي في موقع مناف ومضاد تماما لما يُطالب به الناس”.

الحراك ليس طائفة كما عبّر عنها زعيم عين التينة

ويؤكد أن “الحراك ليس طائفة كما عبّر عنها زعيم عين التينة، هذه اللغة التي يفهمونها، والناس لا تريد طائفة جديدة، بل طائفة بالناقص، وليس واجب الناس تقديم حلولا، بل واجب السلطة ان تقدّم حلول وأن تقول صح وخطأ، ومقبول وغيرمقبول، وصالح وطالح، لا يزال الناس يتمسكون بصيغة لبنان الدولة الدستورية الديموقراطية البرلمانية التي توّلد سلطة، والحكومة ومؤسسات الدولة العليا التي تفرز سلطة، وليس الناس التي تفرز قيادة، كم قيادة يتحمل البلد، الحكومة هي القيادة”.

سلطتنا الحاكمة تتشبه بسلطة الاحتلال

وحول الحكومة الجديدة وغياب الدعم الداخلي والعربي والدولي لها يشدد شمس الدين بالقول “لا اعتقد أن مكاسب أو اصلاحات حقيقية سريعة ظاهرة في المدى القريب من طريقة تشكيل الحكومة ومن العوازل، وجدران الفصل التي وضعت في بيروت التي تقول للناس لا، هذه الجدران الخرسانية الناطقة، والتي تقول لا للناس، يعكس تعبير لسان السلطة ويتمثل بالعجز، ورفض مطالب الناس، وجدران العزل هذه تشبه جدران العزل التي وضعها الإسرائيليون بوجه الفلسطينيون، وبكل أسف سلطتنا الحاكمة تتشبه بسلطة الاحتلال. ولا أرى جدولا زمنيا، لكن يجب أن نستمر بالمتابعة، وفي رفع الصوت والإشارة إلى مكامن الخطأ: أنتم فاشلون، أنتم لصوص، وأن يشار إليهم بالإصبع وشعار “كلهم يعني كلهم” هو شعار صحيح ومحق وواقعي، وكان صحيحا ولا يزال صحيحا، ولا يستطيعون أن يضحكوا على الناس بأن يقولوا لهم غيّروا لغتكم وشعاراتكم”.

مركز السلطة الحقيقي ليس الحكومة

ويلفت شمس الدين إلى أنه “حتى الان لم نحصل على حق التطبيق الكامل للدستور بعد اقرار إتفاق الطائف. منذ التسعينيات لم يطبّق أيّ شيء من الدستور، ولا زلنا نرى حتى الآن محاولات لإفساد الدستور أكثر فأكثر، من خلال اختلاق ووضع تكوينات إدارية جديدة ليحتموا بها من فسادهم وفشلهم ولصوصيتهم من خلال المحكمة الخاصة بالجرائم الماليّة، الهدف منها مصادرة صلاحيات المحاكم الأخرى وحصرها في هذا التكوين البشع”.

ويرى أن “الفساد عندما يكون مستحكما في السلطة السياسية، وعندما يكون الفساد هو السياسة بعينه فإنه يأخذ وقتا، والناس تملك وقتا مع كل الجوع والشدة والقلق والوقت، والمعيار والمفصل هو في انتخابات نيابية جديدة، ولا أعتقد انه يمكن أن نجري واقعا انتخابات نيابية مبكرة لأن هذه السلطة ستدافع عن نفسها بشراسة بأنيابها، وهي تملك أنيابا وليس أسنانا فقط كالحيوانات المتوحشة، ولن تقبل بأي تعديل يختصر مدة المجلس النيابي المشوّه”. 

الله يساعد الشيعة اللبنانيين هي أسوأ فترة من تاريخهم في لبنان خُدعوا وغروروا من قياداتهم الطائفية والمذهبية بوهم القوة والسيطرة 

ويعتبر أن الحكومة ستحصل على ثقة هزيلة أو غير هزيلة، فالأمر سيان فهو لا يعني هذه الحكومة، و”كل ما يعنيّهم هو حصولها على الثقة، والشكل القانوني”. 

وبرأيه إن “مركز السلطة الحقيقي ليس الحكومة، فهي مجموعة مساكين، والسلطة الحقيقية هي في مجلس النواب، هناك المكمن الحقيقي للسلطة والقلعة الحقيقية، وهو المكان الأكثر تحصينا والأكثر شراسة في الدفاع عن السلطة، وفي حمايته من الناس والذي صار له ميليشيا خاصة به تحميه، وكما قلت افسدوا كل شيء حتى عنوان الحق أُفسد، كما يقول الامام علي “لماذا سُميت الشبهة شبهة لأنها تشبه الحق”، يستعملون القانون لمخالفة القانون والقمع ويقولون هو القانون”.

الشيعة اللبنانيون في أسوأ فترة من تاريخهم

ويدعو شمس الدين، بالقول “الله يساعد الشيعة اللبنانيين، هي أسوأ فترة من تاريخهم في لبنان، خُدعوا وغروروا من قياداتهم الطائفية والمذهبية بوهم القوة والسيطرة، فصار عندهم علوّ كبير، فصاروا يتكبّرون على الآخرين ويعتدون عليهم، وكل ما يقومون به يدفعون إليه عبر الفوضى، “ما تسأل إنت قوي، ولا يقولون له لا تخالف القانون واحفظ حق غيرك، علّموهم الاستكبار والاستقواء والكبر، وأسوأ فترة يمرّ فيها اللبنانيين الشيعة على خلاف اعتقاد بعضهم إننا أقوياء لا لسنا أقوياء، بل متسلّطين، والمتسلط يلقى العقاب”.

إستعادة الاموال المنهوبة

ويختم ابراهيم شمس الدين، بالقول”علي بن أبي طالب كان قويا جدا، وكان استراتيجيا جدا، وكان حكيما جدا، وكان شجاعا جدا، وفهيما جدا، لم يخالف القانون أبدا بعد حياة الرسول وفي فترة الخلافة الراشدة، وصار المعيار للحق والمقياس عندما تم انتخابه بالاجماع أراد أن يستعيد كل ما سرق من بيت مال المسلمين وكان تعبيره “زُوّجت به النساء وحررت به الرقاب”. وهذا هو التعبير الذي نعبّر عنه بقول “استعادة الاموال المنهوبة” وهو تعبير يمكن استعادته وواجب، وهي حق للناس، ويمكن استعادتها بقانون دقيق ودؤوب وذكي، ولا يمكن أن يترك، ولا يترك لينجو به، ونقول لا هنّأنهم الله به لا هم ولا أولادهم ولا بناتهم ولا زوجاتهم ولا اتباعهم”.

السابق
بعد حصر تعاملها بالدولار..«الميدل إيست» أمام القضاء!
التالي
بالفيديو:«جنوبية» بين أنصار الشهيد رفيق الحريري.. بشهادته طار عيد الحب!