الخيار الوطني عند شيعة لبنان: الضرورة والتحديات

استكمالا لمشروعها البحثي «تواريخ متقاطعة، حصة الشيعة منها في لبنان» الذي أنتج 13 عنواناً تعرض سردية «شيعة لبنان» في مختلف ميادين الحياة، أقامت «أمم للتوثيق والأبحاث» في أوتيل سمول فيل في بدارو ورشة عمل بعنوان «الخيار الوطني عند شيعة لبنان: الضرورة والتحديات» ضمن سلسلة ورش تحت عنوان «مساحة حرة للخيارات الوطنية لشيعة لبنان»، حضرها حوالي 50 شخصية وناشطة وناشط سياسي.

افتتحت الورشة بجلسة تحت عنوان «المبادرات الوطنية اللبنانية الشيعية: الحاجة والدور» أدارها الصحافي جاد يتيم عرض فيها السيد علي محمد حسن الأمين السياق التاريخي لهذه المبادرات والتحديات التي واجهتها ولا سيما من قبل الحلفاء قبل الخصوم، والرؤية الوطنية لهذه المبادرات، واستمرارها رغم كل ما واجهته من تهميش وخذلان، كخيار وطني دائم إلتزمه «شيعة لبنان» بمواجهة كل المشاريع الفئوية والفتنوية التي تقوم على جرّهم الى محاور إقليمية بعيدة كل البعد عن طبيعة تمسكهم بلبنان كوطن نهائي، وأكد على العمل الجدي لبلورة الهوية اللبنانية للطائفة الشيعية باعتبارها مؤسسة لهذا الكيان «نهضت به ونهض بها»، وان شرط اي مبادرة في هذا السياق هو ان صيغة الحكم القائمة على التوحش الطائفي والمذهبي، لم تعد قابلة لانتاج دينامية وطنية تنهض بالدولة وقادرة على المحاسبة، باعتبار ان محاسبة المرتكبين شرط لا مفر منه للخروج من نفق الأزمة.

وختم الأمين التحدي اليوم ليس شيعيا فحسب انه وطني بالدرجة الاولى وذو ابعاد متعددة اولها اي لبنان نريد واي دولة نرتجي، اي وظيفة للبنان في محيطه؟وهذه مهمات ملحة تتطلب مقاربتها تظافر ارادات لبنانية جريئة واعية وحالمة.

وعرض الدكتور وجيه قانصو للحالة السياسية الموجودة في الطائفة وللاشكاليات التي أضحت واضحة من خلال السرد التاريخي وتحوّل النهج من مستضعف يطلب الحق والعدل الى كيان يطلب الولاء والبيعة، وبالتالي يجب تظهير خطاب للخيار الوطني لشيعة لبنان من خلال الإنتاج المعرفي الديني والعمق الفكري والأسس السياسية القائمة على الانتماء اللبناني، فالهوية اللبنانية هي البوصلة لأي حركة شيعية، وبالتالي وجوب صهر الشيعية السياسية في الكينونة اللبنانية، فلا قيمة لها خارج حدود لبنان.

وفي الجلسة الثانية التي أدارها الدكتور خالد العزي وكانت تحت عنوان «سيكولوجيا المجتمع الشيعي: الواقع والهواجس» عرض الدكتور داوود فرج للواقع النفسيوالاجتماعي للمجتمع الشيعي وظهور سيكولوجيا الخوف والانعزال، وقدم العديد من الامثال، كما عرض واقع نظرية والفوقية والاستعلاء من قبل مجموعة تأخذ الطائفة الشيعية الى حالة من المواجهة مع مختلف الكيانات في لبنان تحت إطار الفرض والهيمنة.

وتقدم الأستاذ أحمد زين الدين بقرائة متكاملة للواقع تحت عنوان «اليقظة الشيعية المأزومة»، التي أولدت الالتباس بين الدين والسياسة وأوصلت الى نتائج دراماتيكية جعلت النخب اللبنانية من شيعة وغيرهم بمختلف أطيافهم بين سندان الخارج ومطرقة الداخل.

وفي الجلسة الثالثة التي عنونت« المجموعات السياسية التغييرية في البيئة الشيعية: الرؤية والأسلوب» والتي أدارها الدكتور خالد العزي، قدم الدكتور علي خليفة عرض للرؤية والأسلوب والمبادرة التي انطلقت فيها حركة تحرر، واعتبر أن ليس هناك مسألة شيعية في لبنان على وجه الخصوص إنما مشكلاتها عابرة للطوائف وابعادها اقتصادية اجتماعية سياسية، لكن ما يمكن تسميته اليوم الشيعية السياسية قد قام بأشياء لا سابق لها، حيث تمت مصادرة طائفة ومصادرة قضايا وطن جامعة، كمفهوم المقاومة، واضحى هناك التباس رهيب وزوال للحدود ما بين المقاومة كقضية وطنية وفصيل مسلح كحزب الله أجندته خارج الحدود السياسية للدولة الوطنية.

واعتبر الدكتور علي مراد في مداخلته أن المجموعات الميكروسكوبية التي انبثقت عن ثورة 17 تشرين قد أدت دورها، ويجب انتاج مجموعات سياسية وطنية بمعايير وأشكال أخرى، كما قدم رؤية تاريخية للوضع السياسي في لبنان، وقدم دراسة واضحة حول واقع الانتخابات في الجنوب عام 2022، وتطرق الى موضوع الحرمان الذين يعانيه البقاع من خلال عمل الجماعات المسيطرة على «الشيعية السياسية»، وختم أن لبنان يواجه ثلاثة معارك، معركة طائفية ومعركة إقتصادية، ومعركة مواجهة هيمنة حزب الله، واعتبر أن الاجتهاد في التحالف بين المجموعات السياسية في مواجهة هيمنة الثنائي أمر وارد دون الوصول الى لغة التخوين والتبعية.

السابق
غادة عون «تتمرد» على «هيئة التأديب».. الى هذا الحين!
التالي
نقابة الصحافة تنعي الزميلة ريتا شاهين