ألوانها ساحرة من معرضها الأول.. فاطمة الحسيني فنانة ترسم الفرح!

ألوان مُعتّقة وصافية، تضاهي عين الدّيك بقدرتها على صوغ اللون، وتموجاته في العين الذكية.
الفنانة التشكيلية الشابة فاطمة الحسيني تقدم لنا ما يفتح عيوننا أكثر، فتعرض (معرضها الفردي الأول) أعمالها في “غاليري آرت سين”، الجميزة، تحت عنوان “دعها تتفتّح”، ابتداء من 26 نيسان.
فاطمة فنانة رسّامة قديرة، متمكنة من بلوغ منبع اللون، والذهاب مع توهجاته الى حدود اللهفة الراوية.
خضراء خضراء كنبتةٍ تثقب وجه التربة وتصعد خضراء، يلفحها الهواء وترتفع صفراء زرقاء حمراء بيضاء جورية خمرية، وهكذا تتوالى ألوانها في مدى يعشق اللون الذي يُزينه. ويرى المهتم، في لوحة فاطمة،مساحات لونية مخزّنة في ذاكرتها، قامت بنقلها الى حيز العين والنظر. وأعتقد جازماً انها على موعد مع اخضرار فوار ينتظرها، ستكون لوحتها المقبلة ثقيلة على صدر الهموم، خفيفة، بوزن الريشة في مدى البصر، وأكثر.
أعرفُ فاطمة وأعرف ما تخفيه في عينيها من صور كثيرة، تجسد ذروة البراءة والحنكة معاً. فكلما تحادثنا، يختفي الكلام بيننا، فيما تصرع خيالي بألوانها الناصعة الخضراء. فهي تتميز بشخصيّة قوية رغم (ضغط) البراءة على مفاصل تلك الشخصية الصارمة بلطفها، وفوضويتها المضاءة بحنكة الفاعل المقترف غلطة جميلة.
شخصية لونيّة فاعلة، وحتماً موهوبة، ليست جريئة بقدر ما هي صادقة ببوحها اللوني، جميلة بمقياس مرآة المُتعلق أو العالِق بخليط ألوانها. وأراها واثقة بضحكتها الملونة أيضاً، وطاقة ريشتها حاشدة ،كما لو أنها لا تنضب، ولن تنضب.
اللون ،فكرة كاملة في لوحة فاطمة ، فهي باحثة ومنقبة عن اثار تاريخ لا تريد له أن يعبر خارج ألوانها. وهنا تبرز طاقة الوعي التي تشحن خيال وشخصية فاطمة، الفنانة الأم حاملة جمال الطفولة وفوضاها، والصبية الجميلة التي تتراءى في مرآة ألوانها الراقية.


في الذات التشكيلية تتمايز فاطمة، وليس مهماً أن تتمايز عن سواها، بقدر ما يستهويها هذا الطيران والتحليق خارج السرب.
انه معرضها الفرديّ الأوّل، وهنا بيت القصيد ، بعد مشاركتها في معارض جماعيّة عدّة. ففي مشاركتها الفردية للوحتها،جعلها في مهب التجريب المؤجج لوعيها الدافق، أو لمغامرتها المحفوفة بالجنون .(أراها تراقب فان غوغ بذكاء ودهاء ).
فاطمة تهندس ثم تلون، ولا أراها تدوزن،هندستها كافية لتوجيه اللون الى مساربه في الوعي واللاوعي، تلك هي المعادلة في البناء الشكلاني للوحتها، انها تؤلف ما يجيش في الطبيعة وفي المكان، وتقوم بما يشبه المطابقة بين ما رأت وبين ما شعرت وأحسّت وتخايلت.
ثمة غنائية تجريديّة في لوحة فاطمة، لكنها متقاطعة عند مساحة فاصلة بين السمع والبصر، اذ يمكن للمتابع أن يسمع صوت اللون اذا ما أوغل في التبصر في ثنايا اللون وكوامنه المستحدثة.
ليس غريباً على فاطمة أن تؤلّف باللون أولاً، تؤلف حضورها في جغرافيا عمرها، في طبيعة عمرها وحياتها، في مناخ مكانها،مع أزهارها وطيورها،وبيوت زمنها وزمن أهلاها واجدادها.

السابق
حرب «حزب الله» تُنهك الجنوبيين قبل اسرائيل..و72 ساعة حاسمة في غزة؟
التالي
«غزوة البعث».. استياء مستقبلي : «تحدي في الوقت الضائع وغرف من صحن مراد..»!