حارث سليمان يحذر من الوضع الإقتصادي: لبنان خسر وظيفته وثقة العالم

حذر الباحث السياسي الدكتور حارث سليمان من الظرف الأصعب الذي يمر به لبنان إقتصادياً، خصوصاً وانه "مخطوف وخسر وظيفته الإقليمية والدولية". وعرض سليمان خلال حديث إذاعي أجرته الإعلامية ألين زغيب عيسى، في حلقة من برنامج "مانشيت المساء"، على اذاعة "صوت لبنان" - الأشرفية للمشكلات السياسية والاقتصادية، واستفاض بشرح الأزمات المالية الناتجة عن الدولار والخلل في ميزان المدفوعات وصولاً إلى الوضع النقدي ومشاكله وإقتراحات الحل وفيما يأتي نص المقابلة.
  • في الآونة الأخيرة، الظرف الصعب أكثر من السابق، دفع حاكم مصرف لبنان، رياض سلامة إلى إصدار تعميم، يتم بموجبه تأمين دولارات للمحروقات والقمح والدواء، هذا التعميم ماذا يعني، أهو علاج مؤقّت أم أننا دخلنا في أزمة لا عودة منها؟

أود أن أوضح للبنانيين أن هناك ثلاث أزمات في لبنان هي: الأولى أزمة اقتصادية، وهي بدأت ربما منذ أكثر من خمس عشرة سنة. الأزمة الثانية، هي أزمة مالية ولها علاقة بعجز الموازنة، وكيفية الإنفاق الذي تديره الحكومة، وكلفة وعبء خدمة الدين والفوائد، والهدر الموجود في قطاع الكهرباء، وفي باقي التلزيمات اللبنانية، وكم هو حجم المعاشات في القطاع العام، وهذه مشكلة هي في صلب الموازنة. والأزمة الثالثة هي أزمة ميزان المدفوعات، يعني: المشكلة النقدية، وبالنسبة لميزان المدفوعات اللبناني: فلبنان ومنذ الاستقلال لديه عجز تجاري، فمثلاً، لبنان يُصدِّر بـ”ثلاثة مليارات دولار” أو أربعة، وذلك بحسب السنوات، وآخر مرّة وصلت صادرات لبنان إلى أربعة مليارات دولار، ثم هبطت إلى مليارين ونصف مليار دولار. ويستورد بمبلغ أعلى من ذلك بكثير، فيتولّد عن ذلك عجز ميزانه  التجاري. لكن هناك ميزان آخر إسمه “ميزان المدفوعات”، والميزان التجاري يقع في صُلب ميزان المدفوعات، وماذا يعني المدفوعات؟ هو يعني: كل ما يدخل إلى لبنان من دولارات أو عملة أجنبية، وكم يخرج منه من عملة أجنبية؟ منذ استقلال لبنان، وميزانه التجاري كان في عجز دائم، بينما ميزان مدفوعاته كان – أحياناً – فيه توازن، وكان فيه فائض في أغلب سنواته. فإذاً كانت كمية الدولارات التي تدخل إلى لبنان، من الخارج، تُعوِّض عجز الميزان التجاري، وتصنع خميرة داخل المصارف. وإن أحد أسباب نجاح النظام المصرفي في لبنان، أن هذا النظام المصرفي قد راكم هذه العائدات، هذه الأرباح التابعة لميزان المدفوعات، وبفعل هذا التراكم، قد تمكّن من امتلاك ودائع كبيرة جداً. لكن، منذ سنة 2011 إلى الآن، انقلبت الآية، فأصبحنا نواجه عجزاً في ميزان المدفوعات منذ تلك السنة، وكان عندنا ظاهرة، في السوق اللبنانية، في النظام المصرفيّ، اللبناني، وهي الظاهرة المتمثلة، بوجود “نمو للودائع”، نتيجة الفائض في ميزان المدفوعات، بسبب من تدفُّق رساميل كبيرة بالدولارات إلى المصارف اللبنانية، وبالتالي، كانت هذه الدولارات الجديدة، والكثيرة و”الطازجة” – إذا جاز التعبير – دائماً ما تعمل على تكبير حجم الودائع في لبنان.

اقرأ أيضاً: حارث سليمان: الشّح المالي سيطال الحلفاء أولا وسيفكك شبكة منافع حزب الله!

وتغطي نموّ رأس المال بواسطة الفائدة، وبالتالي، يصبح لدى هذه الفائدة التي يجري تسجيلها – قيدياً في البنوك، ما يوازيها كأموال حقيقية آتية من الخارج. ومنذ سنة الـ2011، إلى اليوم نشأ في لبنان ظاهرتان اقتصاديتان سيِّئتان: الأولى هي عجز في ميزان المدفوعات، والثانية هي تباطؤ في نموّ الودائع. وهاتان المسألتان لهما علاقة بوضع المنطقة، وبأداء الاقتصاد اللبناني ككل.

ولمعرفة ما كان وراء حصول هاتين المسألتين، علينا النظر إلى مصادر الزيادة في ميزان المدفوعات، فما هي هذه المصادر؟ أو لماذا تمتع لبنان بفائض في ميزان المدفوعات، منذ استقلاله لغاية العام 2011؟ فهناك مصادر شتى لذلك، حسب كل مرحلة من المراحل التي مر بها هذا الميزان:

–        هناك مرحلة التأميمات الاشتراكية في مصر، وفي سورية وفي العراق وفي غيرها.  في هذه المرحلة كان هناك هروب لبعض الرساميل العربية إلى لبنان، وإيداعها في المصارف اللبنانية.

–        وهناك مرحلة الفَورة النفطية بعد 1973، وغلاء النفط، وهي المرحلة التي حصل فيها تدفق كبير من الأموال الخليجية إلى لبنان، لوضعها في النظام المصرفيّ اللبناني. وإلى ذلك، كان هناك أيضاً، ما يُعرف بـ”الإستثمارات”، التي كانت تجري في لبنان، بشكل دائم، ذلك لأن لبنان، كان بلداً جاذباً للاستثمارات، التي كان يقوم بها لبنانيون مغتربون، أو متمولون عرب يأتون إلى لبنان لشراء أو إقامة فنادق، أو إقامة مشاريع وشركات، أو إقامة شراكات مع لبنانيين… إلخ. وإضافة إلى ذلك، كان هناك “المال السياسي” الذي كان يتدفق على الفلسطينيين عندما كانوا في لبنان، ثم وخلال الحرب الأهلية اللبنانية، كانت تأتي إلى لبنان أموال إلى معسكر “الجبهة اللبنانية”، وأموال إلى معسكر “الحركة الوطنية، وثمّ بعد ذلك، كانت تأتي أموال إلى “حزب الله”، وأموال إلى “14 آذار”، وإلى “8 آذار” وإلخ…

إضافة إلى كل ذلك، هناك الأموال المتمثلة بتحويلات المغتربين إلى الأُسَر اللبنانية. إذن فإن كل هذه التدفقات المالية هي التي كانت تغذّي – مجتمعة – ميزان المدفوعات اللبناني وهي تدفُّقات لها أسبابها، طبعاً، وخاصة المال السياسي، الذي كان يُدفع لأنّ لبنان كان بلداً مهماً، وإعلامه كان مهماً أيضاً، لذلك كان هذا الإعلام يتمتع بتدفق المال السياسي إليه، والذي توقف، عندما لم يعد الإعلام اللبناني مهماً. وبالنسبة إلى الاقتصاد اللبناني، عموماً، فإن الأمر المهم جداً، في هذا السياق، وهو أن هذا الاقتصاد، كان يتمتع بميزات تفاضلية، فلبنان كان مركزاً سياحياً، بكل ما تعنيه السياحة من لهوٍ وترفيه، وعاصمته بيروت كانت “جامعة العرب” (على الصعيد العلمي) ومستشفاهم، ومطبعتهم، وكانت “كتاب العرب” وإعلام العرب، ومرفأ العرب، ومطارهم في فترة من الفترات. فكل هذه الميزات فقدناها ونحن نُمعن في تكسير هذه المصادر واضاعة الفرص. فنحن، مثلاً – وبسبب الوضع السياسي السيء في لبنان – منعنا السياح العرب من المجيء إلى لبنان، ومثلاً، قمنا بالعبث في مؤسسات التعليم العالي في لبنان، من خلال فتحنا جامعات، منها ما له طعم، ومنها ما ليس له طعم، بحيث أننا أسأنا إلى سُمعة “الشهادة اللبنانية” ككل، بالرغم من أنه ما زال لدينا شهادة لبنانية جيدة وحسنة السُّمعة. إذن إن ما نعيشه اليوم، هو نتيجة إمعاننا في سياسة اقتسام الطوائف، هذه السياسة القائمة على المحاصصات.

  • إلى هذه الأسباب الموضوعية منها، واللاّموضوعية هناك، اليوم، الفساد أيضاً في لبنان؟

اللبنانيون ارتكبوا حماقات عديدة، وبالنسبة للفساد القائم في لبنان، فإن الفساد، لا يلعب بميزان المدفوعات بل إنه يلعب بالموازنة، حيث تأثيره المباشر هو هنا، في الموازنة. وطبعاً كل الأمور لها تأثير على بعضها عبر التداخل فيما بينها – لكن الأثر الفعلي أو المباشر للفساد، هو على الموازنة، ومن ثم، لاحقاً يؤثِّر على ميزان المدفوعات. وإذا ما أردنا أن نتحدث عن ميزان المدفوعات، فإن العوامل الرئيسية في ميزان المدفوعات هي: وظيفة البلد الاقتصادية والسياسية وسلامة علاقته بمحيطه. لكننا نحن الآن، بلد مخطوف، وبالتالي، هو بلد خرج من وظيفته الاقتصادية، وخرج من علاقاته الدولية والعربية، وأصبح بلداً لا وظيفة له، وبالتالي، فميزان مدفوعاته، أصبح مفتقداً، للحدود بين الداخل والخارج، الحدود التي يجب أن تكون لميزان مدفوعات، فميزان المدفوعات ما هو؟ هو ميزان يجب أن نضع فيه حدوداً ما بين الداخل والخارج، بينما نحن ليس عندنا في ميزان مدفوعاتنا حدود، بين الداخل والخارج، وهذا يحيلنا إلى الكلام على أزمة الدولار الحالية في لبنان.

  • في ضوء ما تحدثت به فإن مصرف لبنان اليوم أصبح مضطراً لأن يصرف من مخزون الدولار لديه، لأن سعر الدولار ارتفع، أعلى من السعر الرسمي، أي أننا اليوم أمام أزمة دولار وأزمة ليرة لبنانية على أرض الواقع؟

الأزمة موجودة من قبل ذلك، فاحتياطي مصرف لبنان من الدولار كان لديه في السنة الماضية (47) مليار دولار، والسنة التي قبلها كان احتياطه (62) مليار، ونحن اليوم نتحدث عن احتياط لديه هو ما بين (36 مليار دولار و37 مليار)، وهناك من يقولون (34 مليار) فقط، ما يعني أن هذا الاحتياط يُستنزف وبسرعة، فلماذا يتم استنزافه وبهذه السرعة؟ وهنا نصل إلى “بيت القصيد” في هذا الشأن. ولذا، فإني أقول: إن ميزان المدفوعات اللبناني، ليس معزولاً عن ميزان المدفوعات السوري، وليس معزولاً عن ميزان المدفوعات الإيراني. وإن سورية – قبل الـ2011، كان عندها إنتاج بترول (400 ألف برميل كل يوم). يعني سورية كان يأتيها دولارات كل يوم من النفط، ومن بيع القطن أيضاً، ومن بيع الفوسفات، وموارد طبيعية أخرى. بينما سورية، اليوم، ليس لديها، أيِّ مصدر للعملة الأجنبية، فهي لا تستطيع أن تبيع نفطا (لأنه موجود في الجزيرة تحت سيطرة الأكراد وغيرهم). إذاً من أين تأكل سورية اليوم؟ من لبنان، وليس ضرورياً أن يكون ذلك بالمجان. لذلك فإن أية سلعة يريد أن يستوردها السوري من لبنان اليوم، يدفع ثمنها بالليرة السورية، لأنه ليس لديه دولارات. وبالتاجر السوري الذي يحتاج إلى دولارات يأتي إلى شرائها من السوق اللبنانية.

  • ألذلك أصدر حاكم مصرف لبنان التعميم الحالي لضبط موضوع الدولار؟

طبعاً. ومصرف لبنان لجأ إلى هذا التدبير ليقول للبنانيين أنا أمدّكم بالدولار من أجل أن تستوردوا محروقات للبنان، فحسب، فلا تستطيعون أن تستوردوا محروقات للبنان ولسورية معاً. والسؤال هنا، هو من كان السبب في وجود هذه الأزمة؟ إن من سبّب هذه الأزمة هو الذي ليس لديه حساب بالدولار في البنك، أليس كذلك؟ فثمة فئة لبنانية، مُنعت من فتح حساب بالدولار، نتيجة العقوبات الأميركية، وحسابها في البنك هو بالليرة اللبنانية، طبعاً، فما حصل أن كثيرين ممن حساباتهم بالبنوك بالليرة اللبنانية قد سحبوا كمية كبيرة من الدولارات عبر التحويل من الليرة إلى الدولار. وبالتالي، فقد لاحظنا أن أغلب هذه السحوبات قد حصل في منطقة البقاع. وملاحظتنا هذه مستندة إلى وقائع طبعاً.

  • هل نعتبر أن هذه السحوبات تمت على خلفية خطة مدروسة؟

لا، بل يوجد حاجة إلى ذلك في لبنان، ولا أدري ما هو سببها، وهي حاجة لدى فئة ليس لديها حسابات مصرفية بالدولار.

  • هل هذا يعني أن العقوبات التي فرضتها أميركا على فئة لبنانية معينة كان لها مفعول عكسي على الاقتصاد اللبناني؟

لا. لم تعطِ مفعولاً عكسياً، بل مفعولها كان كما حصل، فإن أُناساً احتاجوا إلى مبالغ بالدولار وحصلوا عليها عبر التحويلات من الـATM لأنهم ليس باستطاعتهم الحصول على الدولارات من البنك، بسبب من أن حساباتهم في البنك هي بالليرة اللبنانية وليس بالدولار.

  • هذه المسألة ألا تخضع لمراقبة رسمية؟

بل رُوقبت، وانتهت. وتم منعُها. أصلاً الـATM في كل دول العالم، لا تصرف عملة أجنبية إلا في لبنان. وما جرى أن السحوبات التي حصلت قد “فتَّحت العين” على أزمة بـ”البنكنوت”. لذلك أصدر حاكم مصرف لبنان الأستاذ رياض سلامة تعميمه، وقال: إن هذه المشكلة التي سببتموها، هي ليست مشكلتي بل هي مشكلة “بنكنوت”.

  • من يتحمّل مسؤولية ما حصل، فلقد رأينا اليوم تقاذُف مسؤوليات؟

يوجد كذِبٌ في لبنان. “كلهم كاذبون”، بينما الأمر الواضح أن البنوك اللبنانية تقدِّم خدمة فيها ترف للمواطنين اللبنانيين، تتمثل في أنه باستطاعهم أن يسحبوا من حساباتهم سواء بالليرة أو بالدولار، وهذا شأن خاص بلبنان.

  • وهل سيعود سعر الدولار إلى ما كان عليه قبل هذه الأزمة؟

عُدنا إلى ما كنا عليه أي إلى مشكلتنا الأساسية، في ميزان المدفوعات.

  • يعني ما زلنا نراوح في هذه الأزمة المزمنة؟

نعم، وهي مشكلة كبيرة.

  • فماذا عن الإجراءات التي يجب أن تتخذ من أجل أن لا تُترك الأمور هكذا؟

من أجل أن نتخذ إجراءات تُتَّبع، يجب علينا إنشاء دولة. فميزان المدفوعات، من أجل أن يكون مستوياً يلزمه وجود دولة، إذ علينا إعادة الميزات التفاضلية للاقتصاد اللبناني. علينا إعادة الحدود الجيو – سياسية للدولة اللبنانية، علينا إعادة حدودها الجمركية، بدلاً من أن تظلّ مستباحة حدود الجمارك اللبنانية. علينا إعادة إدارة سليمة تستطيع إدارة البلد وموارده. علينا أن نُعيد للإدارة كفاءتها، لا أن تكون إدارة منتفخة ومتورِّمة لا تُنتج، وتمنع أحداً آخر من أن يُنتج. علينا القيام بكل هذه الإجراءات، التي، ما زلنا نتهرّب من القيام بها مدة عشر سنوات. فلقد تهرَّبنا على مدى عشر سنوات من استحقاقات محددة وهي: فلقد تهرَّبنا كل هذه السنوات، من أن يكون لنا إدارة رشيقة ومُنتجة وفاعلة وكفوءة. نتهرّب، فنحن لا نريد بلداً له حدود، ولا نريد دولته أن تكون سيدة قرارها، لا نريد بلداً له سيادته في الحرب والسلم. ونريد نحن أن نستقطب استثمارات، المستثمر الاتي عليه ان يعرف هل سيجد عندنا جبهة حرب ام منتجع سياحي ، هل ستفرض عليه دفع خوة لامراء الطوائف باسم شراكات ذائفة، لكن فكيف نُعدِّل ميزان المدفوعات؟ نُريد استقطاب استثمارات؟ هذا شيء عظيم. فكيف يأتي المستثمر ليستثمر في لبنان، دون وجود قضاء نزيه وفاعل وسريع لحل النزاعات التجارية، فيما تلعب الادارة دور المعيق لرجال الاعمال ويجري ابتزازه، ونحن لا وجود عندنا لبيئة تشجّع الإستثمار.

وبالمجمل، ليس باستطاعتنا أن نرتكب كل هذه الحماقات التي ذكرناها، ونقول في النهاية: “لماذ حدث ما حدث ولماذا وصلنا الى هنا”؟ ونحن – كشعب لبناني – نُصَفِّق لمن يفعلون ذلك.

  • هل تُؤيِّد ما قالته مصادر القصر الجمهوري أن الأزمة الحالية هدفها سياسي، أي هي تستهدف العهد؟

فما هو الشيء الإيجابي الذي فعله العهد لتكون هذه الأزمة استهدافاً له؟

  • إنه في الموضوع المالي جرت حملة شائعات؟

هناك أزمة حقيقية في لبنان. وهي أزمة مثلَّثة.

  • وهذه الأزمة يجري استغلالها سياسياً؟

ماذا يعني سياسياً؟

  • مثلاً اليوم هناك من يُحمِّل المسؤولية في وجود هذه الأزمة لحاكم مصرف لبنان، كمرشح محتمل للرئاسة؟

هذه ليست سياسة، بل هي نكايات شخصية؛ ونحن – كشعب لبناني – مشكلتنا السياسية هي: كيف يُدار البلد. وليست مشكلة نكايات وحزازات شخصية، فالسياسة هي كيف تُدير الاقتصاد اللبناني، وكيف تُدار الدولة اللبنانية، وكيف تُدير مرافقها العامة وكيف تُدير الحدود، وكيف تُمسك بالسياسة الخارجية. وجواباً على سؤال أضاف سليمان: نحن بحاجة إلى ثلاثة أمور، لتعافي البلد مما هو فيه:

–        نحن بحاجة لأن يتعافى ميزان المدفوعات.

–        ونحن بحاجة لأن يتعافى وضع الميزانية.

–        ونحن بحاجة لأن يتعافى النقد اللبناني.

ورأى سليمان: أنه يوجد فئتان في البلد: فئة ستدفع ثمن الأزمة، وفئة ستزيد أرباحها من هذه الأزمة. وأوضح سليمان: أن الهجوم على رياض سلامة بسبب التعميم الذي أصدره، هو لأنه فَصَلَ “دولاره” (أي دولار البنك المركزي) عن “دولار حزب الله” كما أوضح سليمان: هذا كل ما قام به رياض سلامة اليوم، والذي أراد القول من خلاله: إن دولار البنك المركزي (مصرف لبنان)، أُريد أن أستعمله لخدمة اللبنانيين، وليس لخدمة حزب الله ولا لخدمة سورية. وأشار سليمان إلى “أننا لا نستطيع أن نُوافق على “اختراع” حزب الله المتمثل باعتباره أن الخامنئي هو “حسين العصر”، كما لا نستطيع أن نمشي مع حزب في اعتباره أن لبنان هو “مخيم خامنئي”، فكيف يكون لبنان مخيم خامنئي؟ ومن يريد يشن حربا من اجل الدفاع عن ايران، عليه ان يقبل ان ينتظر في صف طويل للحصول على فروج كما الصفوف الموجودة في ايران!؟

وتوجّه سليمان إلى الرئيس سعد الحريري بالقول: أنا أدعو اليوم الرئيس سعد الحريري: إما أن يستقيل، وإما أن يعمد إلى إجراء تعديل وزاري، يُسَرِّح بموجبه ستّة وزراء، بحيث يتعدّل ميزان القوى في الوزارة بـ(24 وزيراً)، ويصبح الرئيس الحريري، عندئذٍ، سيد نفسه وحكومته في اتخاذ قراراته وقراراتها، وإذا لم يقبل حزب الله ذلك ليستقيل الحريري، وليتحمّل حزب الله مسؤولية البلد.

اقرأ أيضاً: حارث سليمان وكتيبة حزب الله الإلكترونية: الحقائق تحرج الشتيمة

وأضاف سليمان: إذا ما قام رئيس الجمهورية والوزير جبران باسيل وحزب الله بتأليف حكومة “لوحدن”، فماذا بإستطاعتهم أن يفعلوا؟ وليجيبوني على ذلك؟ وأعلن سليمان: كل الناس تعرف أن الرئيس الحريري “قوي ما عدا سعد الحريري نفسه، هو لا يدرك حاله إنه قوي”. وألمح سليمان: إلى أن حزب الله ومن معه هم اليوم بحاجة إلى الرئيس سعد الحريري فهو الذي بمقدوره التواصل مع دول الخليج و”سِيدر”، فالتمويل هو من دول الخليج ومن فرنسا، وهذا لا يحتاج إلى أن نتذاكى فيه أو نضحك على بعضنا البعض. ونبَّه سليمان إلى أن الدول المانحة لم تعد تثق بالمسؤولين اللبنانيين، بعد أن “جرّبتنا مراراً وتكراراً، من هنا، يرى سليمان: أن “سيدر”، لن تدفع أية مبالغ مالية إلى لبنان (حتى ولا ليرة واحدة)، لكنها آتية بمشاريع لها انعكاس إيجابي على الاقتصاد، وعلى البنى التحتية، وعلى الحركة في البلد، وعلى بعض الاستثمارات… إلخ، كما يرى سليمان أن “سيدر” لا تدفع ولا ليرة للحكومة اللبنانية” وأضاف سليمان: أن هذا الأمر مشروط “بأن كل شيء ينعمل بالطريقة الصح”، وقال سليمان: “أنا أشك في أن هؤلاء الذين هم في السلطة اللبنانية، مستعدون لعمل أي شيء بالطريقة الصحيحة” “لأن ذلك معناه أن “القومسيون” الذي ينتظرونه هو غير موجود، وهم الذين لم يأتوا ليحكموا بل ليأخذوا قومسيون”.

وحول مسألة النفط في لبنان أوضح سليمان: إن أمامنا خمس سنوات للتحدث في شأن النفط، في لبنان، كما أوضح سليمان أن ما يجري في المنطقة، في مجال النفط، هو أمر يتجاوزنا، فثمة “كونستريوم”، إسرائيلي، مصري، قبرصي – يوناني، حول الغاز والنفط، بينما لبنان ليس موجوداً داخل هذا “الكونسترتيوم”.

وأشار سليمان إلى أن أي أحد لا يستطيع أن يقوم بتصدير الغاز بمفرده، بل يجب أن يكون من ضمن منظومة محطات التسييل، كما يجب أن يكون من ضمن منظومة خطوط الأنابيب، في حين إننا نحن، لا من منظومة خطوط الأنابيب، ولا من منظومة التسييل. ولفت سليمان إلى أن معامل التسييل الأساسية موجودة في مصر، ولقد أُنشئ شيء من هذا القبيل في قبرص، ونحن خارج كل ذلك. وبحسب سليمان أن لبنان لن يفيد من النفط في المدى المنظور، حتى ولن يفيد منه إذا لم يتم إدخال لبنان، ضمن الآليات المتّبعة الإقليمية للغاز والنفط.

وختم سليمان حديثه بالقول: “ونحن خارج كل هالترتيبات، لاننا نتلهى بكل شيء تافه وسخيف. فنحن لا نملك رجال دولة في وطننا”.

السابق
في الزهراني.. حريق في محطة محروقات و7 اصابات!
التالي
شرطة مجلس النواب توضح ما حصل مع «سبعة».. وبري يعطي تعليماته!