حارث سليمان: الشّح المالي سيطال الحلفاء أولا وسيفكك شبكة منافع حزب الله!

ما هي الانعكاسات على لبنان ،في حال وصول المحتجين الايرانيين، عبر ضغوطهم على حكومتهم، الى تقليص تمويل حزب الله من ايران، لتحسين الوضع الاقتصادي الداخلي.

في محاولة لفهم ما قد يترتب على الانتفاضة الايرانية الداخلية من شحّ على ماليّة حزب الله، المموّل كليّا من إيران، حسبما اعلن الأمين العام للحزب في عدد من المناسبات، توجهت “جنوبية” بهذا السؤال الى الدكتور حارث سليمان، الذي اعتبر أن السؤال افتراضي، فقبل ان يقال هل سيطال الشحّ ماليّة حزب الله بعد الانقلاب في المشهد الايراني لصالح الشعب المنتفض؟ علينا التدقيق بهذا الافتراض، لانه من غير المنتظر حدوث انقلاب في المشهد الايراني.

وفي حال تم ذلك، نتيجة الضغط الشعبي وتم تقليص ميزانية حزب الله، فالموارد المالية التي تصل للحزب ليست من مصدر واحد. فالمصدر الرئيس هو من إيران طبعا، ولكن من مصدرين ميزانية الحرس الثوري عبر فيلق القدس، ومن موزانات الخامنئي أي الوليّ الفقيه. ولكن هناك مصادر أخرى يستفيد حزب الله منها، وهو ما يسمى بعائد عملية الفساد في العراق. فلحزب الله عائد شبه منتظم، من مشروع في نفط البصرة حيث يتقاضى الحزب اموالا شبه منتظمة”.

إقرأ ايضا: سقط وهم النموذج وبات الاستبداد سافراً

“وهناك ما يُحكى عن عمليات تبييض أموال وتجارة مخدرات في اميركا الجنوبية ولبنان وافريقيا، وان كنت لا أؤيد ذلك، لأنه في حال وجودها، فهي تذهب الى جيوب مسؤوليه، وتعود الى المرتكبين والفاسدين، وليس الى صندوق الحزب. لكن الاميركيين يؤكدون ذلك وما تزال الحقيقة ملتبسة. ما هو واضح بالنسبة لي، فإن إيران لا ترّحب بأي تمويل مستقل لحزب الله خارج اطارها، حتى لا يتوفر لدى الحزب أي هامش للاستقلالية. فمصدر نفط البصرة يمرّ عبر المنظومة الايرانية اي فيلق القدس ويديرها ايرانيون ويشترك في العملية عراقيون.

ويمتلك الحزب، اضافة لكل ما تقدم، شبكة من المؤسسات الاقتصادية التي تغطي تكاليفها وتحقق بعض الارباح كالمدارس وجامعة المعارف وبعض المؤسسات التجارية لمواد البناء والادوات الصحية والمنزلية واجهزة الاتصالات ومراكز التسوق والتجهيز المختلفة، والتي يحقق منها مكاسب مالية كبيرة نتيجة تهربه من من دفع رسومها الجمركية ومن الضريبة على القيمة المضافة عليها.

كما يستفيد الحزب من ميزانيات البلديات التي استولى عليها والتي حول اموالها لخدمة اجنداته السياسية. وفي حال حصل ما تم افتراضه من تقليص لتدفق المال الايراني الى حزب الله، فان الحزب لديه خميرة مالية عبارة عن مبالغ في بنك نوط لم يستعملها، وهو قادر على ان يصمد ماليّا وان يدير اموره ولو لفترة قليلة.

ثانيا، اذا خفّ المدخول، فسيخف “كرم الحزب” على الحلفاء في احزاب ٨ اذار وعون والجمعيات، وحزب التوحيد، مع كل من الناصريين، وعدد كبير من الشخصيات السنية والعلويين، اضافة الى الذين يخرجون الى الشاشات بصفة صحفيين او خبراء او معممين او هيئات دينية. وهي كلها مموّلة من ايران. وبالتالي سيتعرّض هؤلاء فئة “المؤّلفة قلوبهم” اولا للشح المالي، اضافة الى القنوات الفضائية والمؤسسات الاعلامية. اما في الدرجة الثانية وفي مرحلة لاحقة فسيبدأ التأثير على الطبقات الخارجية للحزب، وليس كل الحزب.

فـ”ايران تشرف مباشرة على مؤسسات تتولى رعاية أسر الشهداء والجرحى وخدمات الاستشفاء والتغطية الصحية، وكل ما يقع تحت اسم الطبابة والشأن الاجتماعي، وهي ليس بيد حزب الله مباشرة، وبالتالي هل سيعتبر الايرانيون ان هؤلاء جزءا من المؤسسات الايرانية الداخلية ام ضمن مساعدات خارجية؟. وبتقديري سيتأثر حلفاء الحزب اولا، ومن ثم المتعاقدين، أي ما يُسمى بـ”أمة حزب الله”.

تأتي المرحلة الرابعة، مرحلة المقاتلين، أي القوات العسكرية النظامية وجهاز امن حزب الله. وقد سبق للحزب أن عانى من تقليص ميزانيته عبر خفض عائدات الفساد التي كانت تتم عبر رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي الذي فتح ابواب السرقات، على العكس من الرئيس الحالي حيدر العبادي.

إقرأ ايضا: إيران غير مستعدة بعد للتحرر من سلطة «المرشد»

وبرأيي لن يقف تمويل الحزب هكذا مباشرة، بل سيكون الشح تدريجي، وسيأخذ وقتا لأن حزب الله يمتاز بتقسيط تراجعه وانكماشه، بكل تأكيد اذا دام الشح المالي طويلا ستنهار شبكة المصالح والتنفيعات التي يديرها الحزب منذ سنوات في لبنان، الحدث السوري وانتفاضة ايران الحالية هي كافية اليوم لتفكيك العصب العقائدي الذي يؤطر جمهور الحزب ومناصريه، وانهيار شبكة المنافع والتمويل لفترة طويلة، كفيلة بإدامة الانكماش التدريجي طويلا ليحدث الانهيار”.

 

السابق
جنبلاط: سورية المأساة التي لا توصف ولم يرى مثيلها التاريخ
التالي
غادة عيد.. وزيرة!