عملية «الذئب المنفرد» في طرابلس: عمل فردي أم مخطط مدروس؟

كيف يرى كل من الخبير بالحركات الإسلامية والعنف الدينيّ الصحافي قاسم قصير والمحامي عن الموقوفين الإسلاميين محمد صبلوح ما جرى ليلة عيد الفطر في مدينة طرابلس، هل هو حادث فردي أم أمر مخطط له؟ وإلى ما يؤشر وعلى ما يدل هذا الحادث؟

في غمرة تلهيّ المواطنين والسياسيين بالموازنة والضرائب، خرج رجل قيل أنه مجنون وغير سويّ ليضرب ضربته الارهابية في طرابلس مستهدفا الجيش اللبناني فيخلط الأوراق من جديد، وكان اللبنانيون قد نسوا الارهاب منذ عملية فجر الجرود في آب 2017. حيث شعروا منذ ذلك التاريخ أنهم ارتاحوا من المخاوف التي عاشها لبنان طويلا اثر تنفيذ ارهابيو داعش والنصرة لعملياتهم الدموية في ضاحية بيروت الجنوبية والبقاع ابتداء من عام 2013.

والمُلفت ان العملية الارهابية الاخيره في طرابلس حصلت بعداعتصام أهالي الموقوفين الإسلاميين في روميّة والريحانيّة الذين يطالبون بتحسينات، وبتخفيف الأحكام، وبالعفو العام الذي وعدوا به قبيل الانتخابات النيابيّة الأخيرة، إضافة إلى إنهاء حالات التوقيف الطويل الأمد.

اقرأ أيضاً: تعليقا على جريمة طرابلس: ينشغلون بالنتائج ولا يعالجون الأسباب

في هذا الإطار، يقول الخبير بالحركات الاسلامية والعنف الديني الصحافي قاسم قصير لـ”جنوبية” ردا على سؤال إن “ما جرى في طرابلس ليس مجرد خطأ تقنيّ، وليس ردا على ظلم الإسلاميين في السجون اللبنانية، وليس وجها من وجوه الصراع السياسي في لبنان، وليس موّجها ضد قانون العفو العام، إضافة إلى تحاليل أخرى، فبرأييّ المتواضع أنها تمت بناءً على معطيات نُشرت سابقا تتحدث عن إنتقال عناصر من تنظيم “داعش” الى دول عربية وأوروبية”.

ويلفت قصير إلى أن الحلّ هو “بمراجعة الإجراءات الأمنيّة، وضبط الوضع الأمنيّ، ومراقبة كل من ينتقل الى لبنان من المتطرفين، إضافة الى التنسيق بين الأجهزة الأمنيّة اللبنانيّة، والإبتعاد عن المناكفات السياسيّة، وتوحيد الجهود لمواجهة العنف”.

وكخبير بالحركات الإسلامية، يؤكد إن “المجموعات الإرهابية تستغل الصراع بين هذه الأجهزة، والتي برزت مؤخرا، لتنفذ من خلالها، إضافة إلى ضعف السلطة المركزية، وانتشار الفقر في مناطق محددة، اضافة الى انتشار مؤسسات تسوّق لعناوين تحت عنوان “المظلوميّة””.

ويشدد قصير من جديد أن “هذه العملية الإرهابية هي الأولى بعد 3 سنوات على آخر عملية وقعت في “القاع” البقاعية في حزيران 2017، بعد ان نجح لبنان في القضاء على الإرهابيين في جرود عرسال والقاع، وقد تميّز لبنان بالقدرة على السير بالأمن الوقائي عبر اكتشاف العمليات قبل حصولها واعتقال العشرات قبل تنفيذهم أيّة عملية، خاصة بعد التقاريرالدبلوماسية الغربيّة التي تحدثت عن خروج عناصر”داعش” من سورية الى العراق، والتحضير لعمليات إرهابية في عدد من الدول العربيّة والأوروبيّة”.

فـ”هل أتت هذه العملية لمنع البت بقضية الموقوفين الإسلاميين، خاصة ان وزيرة الداخلية ريّا الحسن قد عملت على تحسين اوضاعهم”. يختم قصير، ليقول “ان هذه العمليات لا ينفذها شخص واحد، بل إن الدعم اللوجيستي مؤّمن له اضافة الى الدعم المادي والعملاني”.

بالمقابل، يرى محمد صبلوح، محامي الموقوفين الإسلاميين، ان “هذا العمل يحمل الكثير من الأسئلة، أهمها لماذا قام عبدالرحمن المبسوط بهذه الجريمة؟ ومن نشر خلال دقائق صورا وفيديوهات له خلال العملية، ولشخص ليبيّ يحمل الإسم نفسه؟”.

ويضيف صبلوح “صحيح أن المبسوط عانى خلال توقيفه من اضطرابات نفسيّة إلا أنه يعاني أيضا حالة العوزالشديد. وكنا كأهالي

موقوفين قد ناشدنا الرئيس ميشال عون للتدخل لوقف التعذيب لدى الأجهزة الأمنيّة، والذي بات معلوما من الجميع حيث إمتد الى سجن الريحانية، وسجن الرملة البيضاء، وسجن رومية. هذا التعذيب سيُخرج الموقوف مجرما متوحشا، لكن منشداتنا بقيت دون جدوى”.

ويلفت صبلوح إلى موقف الإسلاميين وأهاليهم حول الجريمة واستنكارهم لها، فيقول “أعود وأؤكد أن هذه الجريمة هي دليل براءة الموقوفين الإسلاميين منها. على العكس مما حاول بعض الإعلام نسب التهمة إليهم. إذ خلال السنوات الماضية خرج من السجن مئات الإسلاميين الموقوفين الذين انخرطوا في المجتمع وأسسوا عائلات وتابعوا حياتهم رغم الظلم الذي لحق بهم”.

اقرأ أيضاً: الإرهاب خطر يُداهمْ لبنان

ويطرح صبلوح السؤال التالي “لماذا دأب رواد وسائل التواصل الإجتماعي وبعض الإعلام على تحميل الموقوفين الإسلاميين عبء جريمة فردية ارتكبها شخص مريض؟!”. اما العلاج برأيه فيكون “من خلال تأمين العمل ومعالجة الفقر المدقع المنتشر في طرابلس، والسماح لمنظمات حقوق الإنسان بالدخول الى مراكز التحقيق السرّية لدى الأجهزة الأمنية والسماح للمحامين بحضور التحقيقات الأولية بشكل فجائي، وإغلاق سجون الشرطة العسكرية في الريحانية والرملة البيضاء، مع تأمين حقوق السجناء، والعمل على توعية المسجونين”.

وجهة نظر تحليلية من خبير بالحركات الإسلامية قابلها وجهة نظر أخرى من محامي الإسلاميين مناقضة، هذا هو واقع لبنان تجاه معظم القضايا الحساسة المطروحة على الجمهور. فمتى ستكون الحقيقة واحدة؟ ومتى سيخرج لبنان من دائرة الصراع الإقليمي الذي يجعله دوما ساحة صراعات وخلافات أمنية وعسكرية وسياسية؟

السابق
عبد الباسط الساروت «حارس الثورة» شهيداً
التالي
ما هو موقف أوروبا الشرقية والغربية من الدين وبعض القضايا الاجتماعية؟