بمباركة اميركية ايرانية.. تحالف مفاجئ بين الصدر والمالكي يخلط الأوراق في العراق

منذ انسحاب مقتدى الصدر وكتلته البرلمانية قبل عامين من مجلس النواب العراقي،"احتجاجاً على الفساد" كما اعلن حينها، والحياة السياسية في العراق تتسم بعدم الاستقرار السياسي في ظل الشكوى من هيمنة حزب الدعوة وفصائل الحشد الشعبي على المشهد، و"عصائب أهل الحق" و"حزب الله" العراق وغيرها من الأحزاب الولائية لايران.

لم تستطيع حكومة محمد شياع السوداني، التي تشكلت قبل عامين في العراق، الحد من نفوذ احزاب الحشد الشعبي الشيعية الموالية لايران، رغم أن تلك الحكومة نجحت في وقف التدهور الاقتصادي، وكذلك في تنشيط عدد من المشاريع الحيوية ووتفعيل المرافق العامة بما أشاع مناخا من الاستقرار على المستوى المعيشي وأوجد تفاؤلاً بمستقبل واعد على صعيد الاقتصاد الذي بدأ بتسجيل نمو ملحوظ بعد طول ركود.

توافق اميركي ايراني

منذ اغتيال قائد “فيلق القدس “الايراني قاسم سليماني، في مطار بغداد من قبل سلاح الجوّ الاميركي، وهو الذي كان نجح في تأسيس العديد من الميليشيات المسلحة الدينية العراقية الموالية، فإن هاجس طهران التي استوعبت الدرس الاميركي، أصبح العودة الى الشراكة مع واشنطن التي كانت قد بدأت عمليا عام 2003، تاريخ غزو التحالف الغربي للعراق واسقاط نظام صدام حسين، وذلك من أجل تبادل وتحقيق المصالح المشتركة، وثانياً من أجل تجنب انتقام جنرالات الجيش الأميركي، الذين يلجأون لتوجيه ضربات موجهة للحرس الثوري الإيراني والميليشيات الشيعية العراقية المتحالفة معها، عندما يتخطى الحرس الثوري الايراني الخطوط الحمر، المتعلقة بقواعد الاشتباك المرسومة مع واشنطن.

الطرفان المتحالفان سيصبحان قوتين عاتيتين تحتكران السلطة ليس فقط على الساحة الشيعية، وإنما في العراق أجمع في ظل إحجام مرجعية النجف عن التدخل

وفي هذا السياق، يبرز ما تسرّب من الأروقة السياسية في بغداد عن تحالف جديد مفاجئ يتسم ببراغماتية متطرفة فاقت التوقعات، ومفاده أن تحالفاً سياسياً وانتخابياً أصبح قيد الإنشاء، بين أمين عام حزب الدعوة الإسلامي نوري المالكي وبين خصمه التاريخي اللدود السيد مقتدى الصدر!

هذه التسريبات التي فاجأت المراقبين في العراق، خصوصاً بعد أن ظهر صدق مصادرها وموثوقيتها، لا شك أنها سوف تخلط الأوراق على الساحة السياسية بشكل كبير، وتقلب التحالفات بما يجعل من الطرفين المتحالفين قوتين عاتيتين، تحتكران السلطة ليس فقط على الساحة الشيعية، وإنما في العراق أجمع، على حدّ قول هؤلاء المراقبين، خصوصاً في ظل إحجام مرجعية النجف الدينية العليا، التي يرأسها السيد علي السيستاني عن التدخل في الشؤون السياسية، وصيامها عن الكلام حول الشأن العام بعد يأسها من الإصلاح ومكافحة الفساد.

ايران تبارك

حسب التسريبات، يبدو أن إيران متحسمة وتبارك التحالف الجديد، الذي تأمل منه أن يزيل الاستياء الأميركي من هيمنة فصائل الحشد الشعبي الولائية على العراق، وهي بصدد تسويقه أنه خطوة إلى الأمام في سبيل المشاركة الفاعلة لكافة الشرائح السياسية، لأن من شأنها أن تفك العزلة عن الصدريين من جهة، وتفتح المجال لمشاركة المعتدلين من حلفاء إيران من جهة ثانية.

بينما يؤكد هؤلاء المراقبون أن عهد المالكي – الصدر القادم، إذا ما خيّم على العراق في المرحلة المقبلة، فإنه سوف يكون من أسوأ العهود، وذلك بسبب هيمنة الدولة العميقة، التي يقودها “حزب الدعوة” على مفاصل الإدارة، واستحكام الفساد فيها، وكذلك بسبب ما يعرف عن الصدريين من نزعة تفرّد في السلطة وعدم رغبتهم بمشاركة باقي المكونات في الوزارات والمراكز التي يشغلونها في الدولة، إضافة إلى اعتيادهم تمويل تيارهم من مالية الدولة، عبر المحاصصة التي يتقاسمونها مع باقي الأحزاب.

العراق مقبل على مشهد سياسي قاتم، وتحالف المالكي – الصدر سيكون المسمار الأخير في نعش الوحدة الوطنية في العراق، وذلك مع تفريغ الساحة الشيعية من التنوع الحاصل حالياً

إذن، العراق مقبل على مشهد سياسي قاتم، فتحالف المالكي – الصدر اذا ما حصل، سيكون حسب مراقبين، المسمار الأخير في نعش الوحدة الوطنية في العراق، وذلك مع تفريغ الساحة الشيعية من التنوع السياسي الحاصل حالياً رغم انكفاء الصدريين، لان الوزراء المستقلين التكنوقراط يشكلون الثقل الوازن في حكومة السوداني الحالية كونه على رأس هؤلاء التكنوقراط، في حين أن اتفاق المالكي الصدر إذا ما قيّض له حكم البلد في المرحلة المقبلة، فإنه سيكون فصلا جديدا قديما من فصول المحاصصة السياسية، ومشهداً صارخاً من مشاهد الاستثئار بالسلطة والفساد، بما يعيد البلاد الى الـ 8 سنوات من حكم رئيس الوزراء الاسبق نوري المالكي، التي انتهت عام 2014 قبل عشر سنوات، بافلاس الدولة واحتلال “داعش” لثلث العراق.

السابق
«إمطار» شادن فقيه بالشكاوى والإخبارات.. ونقابة الممثلين «تنتفض»
التالي
دبابير غزة تهاجم الجيش الإسرائيلي!