بين حصاري كفريا والفوعة الشيعيتين والزبداني ومضايا السنيتين: المقايضة القاتلة

منذ ما يقارب النصف الثاني من العام 2015 وتشهد بلدات الزبداني ومضايا، الفوعة وكفريا، حصاراً، الأوّل حصار من النظام السوري وحزب الله تمّ فرضه بزرع الألغام حول البلدتين ممّا منع أيّ من المواطنين من الخروج، أما الثاني فهو حصارٌ فرضته المعارضة السورية بعملية عسكرية بعدما شنت هجوماً واسعاً سيطرت به على إدلب.

يخضع حصار الزبداني ومضايا، وحصار الفوعة وكفريا، لواقع مترابط فرضته الحرب السورية، فأي إجلاء من أي جانب يقابله إجلاء من الجانب الأخر، وأي إدخال للمساعدات لا بدّ وأن يقترن بمثيله.
هذه الثنائية المتعارضة سياسياً وطائفياً باتت راسخة في الواقع السوري، فما بين الزبداني ومضايا والتي يحاصر بها عشرات الآلاف من السنة المؤيدين للثورة، وبين الفوعة وكفريا بلدات الأقلية الشيعية التي تنطوي تحت راية الولاء للنظام، يقبع المدنيين الذين لا ذنب لهم إلاّ أنّهم جزء من حرب أرادتها الميليشيات المذهبية.
بالعودة إلى بلدة الفوعة فهي تعدّ أكبر تجمع شيعي في محافظة إدلب، ويسكنها أكثر من عشرين ألف نسمة، تجاورها بلدة كفريا والتي تضم بدورها ما يقارب الـ 4000 شيعياً.

حصار الفوعة وكفريا، مُدان كما حصار مضايا والزبداني، إلا أنّه لا يمكن المقاربة بين الحصارين دون الوقوف عند نقاط عدّة، فالوضع الإنساني في الفوعة وكفريا لم يصل لما وصلته المحاصرتين من حزب الله والتي فتك بها الجوع لتأكل لحم القطط.
كذلك انتشرت بها الأمراض والأوبئة مثل السحايا.
الزبداني ومضايا لم يجدا من داعم لهما يقيهما من شرّ الحصار، في حين كان الطائرات التابعة للنظام الأسدي ترمي المساعدات بشكل دوري لأهالي الفوعة وكفريا.
كذلك الخسائر الإنسانية التي حصدها حصار الزبداني ومضايا والذي وصل في أحد مراحله لـ ثلاثة قتلى في اليوم، لم يحصدها حصار الفوعة وكفريا، إذ أنّ الخسائر البشرية لم تسجل أرقاماً صادمة كتلك المناطق.

الزبداني
من ناحية ثانية، لم يتردد عن الفوعة وكفريا أيّ محاولة للتهجير أو التغيير الديموغرافي، أو الاستيطان، على عكس الزبداني وما تعرضت له من التهجير، والسرقة، واحتلالها من قبل الميليشيات وصولاً لمضايا ومناطق سورية أخرى في الجنوب تعرضت لتهجير مذهبي أمثال داريا ومعضمية الشام.
غير أنّ كل ما سبق لا يعني أنّ الحصار الذي تنفذه المعارضة على الفوعة وكفريا مقبول انسانياً لا سيما وأنّه حصار مستند الى بعد مذهبي بالدرجة الأولى.

إقرأ أيضاً: مفاوضات بالدم والنار: الزبداني مقابل الفوعة وكفريا الشيعيتين

هذه المناطق المحاصرة شهدت عدة اتفاقيات منها اتفاق “الزبداني-الفوعة وكفريا” الذي عقد في 28 أيلول 2015، والذي نصّ على رفع الحصار عن مضايا بالتزامن مع إجلاء الجرحى، غير أنّه لم يتم الالتزام به فلا الحصار قد رفع ولا الممرات الأمنة تمّ فتحها.
كذلك شهدت في 21 نيسان 2016 استكمالاً لعملية التبادل فتمّ التوصل لإتفاق يقضي بإخراج 250 شخصاً من بلدتي مضايا والزبداني المحاصرتين من قوات الجيش النظامي وفصائل موالية له في ريف دمشق، مقابل إخراج العدد نفسه من بلدات كفريا والفوعة المحاصرة من فصائل معارضة في ريف إدلب.
في 19 آب 2016 تمكن المفاوض الإيراني من التوصل لاتفاق جديد ما بين جيش الفتح من جهة و ميليشيات حزب الله من جهة أخرى، يقضي بإخلاء 18 حالة مرضية من بلدة مضايا المحاصرة شريطة إخلاء العدد نفسه مقابلها من بلدة الفوعة.
هذه البلدات الأربعة وهذا الارتباط الذي بات عضوياً، أشار إليه الإعلامي يزبك وهبة في تقرير عرضته المؤسسة اللبنانية للإرسال (19 أيلول 2016)، وهبة الذي أوضح أنّ أي حلحلة في البلدتين الشيعيتين تنتظر حلحلة لأزمة مقابلة في الزبداني ومضايا.
لفت انّ الفوعة وكفريا تدفعان ثمن سقوط الهدنة من الصواريخ التي تسقط عليهما والقذائف.

إقرأ أيضاً: النظام وحزب الله.. مصادرة الأراضي وتغيير الهوية السكانية في مضايا والزبداني
ونقل وهبه فيما يتعلق وضع البلدتين، أنّ الأهالي قد رفعوا مذكرة سمّوها “نداء” لكل من الرئاسة ومجلس الشعب ومفتي الجمهورية السورية طالبوا من خلالها بفك الحصار عن البلدتين وفتح ممرات انسانية وإسعافية لادخال المساعدات واخراج المرضى والجرحى، كما طالبوا بإرسال المخصصات الشهرية من المازوت والطحين وتخصيص طائرتين لنقل المواد الغذائية والمازوت إذا ما تعذر ذلك براً.
مشيراً في تقريره أنّ الطائرات الروسية قد ألقت في الأسابيع الماضية مساعدات كالتي يطلبها الأهالي إلى البلدتين المحاصرتين.
هذا وقد بيّن أنّ الأهالي قد طالبوا بالمذكرة التي رفعوها ايضاً بوجوب إرسال رواتب الموظفين لدى الدولة والتي قد انقطعت عنهم.

السابق
شهادة حيّة من فرع الأمن في حلب: وضحك السجّان وقال هلأ طبت؟
التالي
ليبانون فايلز وعناوين الفحش والمثلية على الشواطئ: اللبنانيون يعلّقون!