ماكرون.. «يملك ولا يحكم»!

ماكرون

خسر الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون موقعه كحاكم، أوحد لفرنسا على الرغم من تحقيقه الأغلبية في الانتخابات النيابية الفرنسية، فالأكثرية الرئاسية المطلقة (تحتاج الى 289 من أصل 577) تحولت الى نسبية بحصولها على 245 مقعداً، على الرغم من احتفاظها بموقعها في صدارة القوى الفرنسية.

تشكيلان معارضان، يساري غير متناسق، يشمل ما تبقى من يسار متطرف ويسار جمهوري وخضر (131 مقعداً لها جميعها) ، يفك تشكيله مع صدور النتائج النهائية، بقيادة جان لوك ميلونشون، وآخر يميني متطرف بقيادة مارين لوبين (89 مقعداً) وصلا الى البرلمان بقوة من دون تحقيق غالبية لأي منهما. وهذان التشكيلان لن يشاركا ماكرون الحكم بسبب تناقض كبير في الرؤية السياسية وفي كيفية إدارة البلاد.

فرنسا اليوم معرضة بقوة لأزمات حكم يصعب حلها

ولا يبقى لماكرون سوى مخرج واحد وهو التعاون مع اليمين الجمهوري (61 مقعداً)، الذي حقق نتيجة “مقبولة” بالمقارنة مع الحزب الاشتراكي، الذي يختفي شيئاً فشيئاً عن الخارطة السياسية في فرنسا! أما كل التشكيلات الأخرى فحصلت جميعها على 51 مقعداً!
إن فرنسا اليوم معرضة بقوة لأزمات حكم يصعب حلها.

فالرئيس ماكرون سيخضع لشروط اليمين الجمهوري بقيادة كريستيان جاكوب، وإن كانت أفكارهما متقاربة جداً. فالرئيس ماكرون الآتي من أجواء يسارية بالأساس تحول الى وسط اليمين، وهو ليبيرالي السياسة ومنفتح أوروبياً، لكن حكومة إليزابيث بورن لن تقوى على الصمود.

ماكرون سيكون مضطراً بالحد الأدنى الى إجراء تعديلات حكومية، وبالحد الأقصى الى تغيير الحكومة ورئيستها

وماكرون سيكون مضطراً بالحد الأدنى الى إجراء تعديلات حكومية، وبالحد الأقصى الى تغيير الحكومة ورئيستها. فحسابات ماكرون النيابية لم تطابق “بيدر” النتائج، واختياره لرئيسة يسارية للحكومة الأولى في الولاية الثانية، جاء على ما يبدو مخالفاً لإرادة الفرنسيين، ففرنسا تبدو اليوم يمينية بغالبية كبيرة في وجه تكتل لقوى اليسار مع ميلونشون.

إن أبرز قدرات البرلمان الجديد هي التعطيل، وهذا التعطيل في داخل البرلمان سيُترجم بمظاهرات احتجاجية في الشارع ضد سياسات الرئيس ماكرون. وهذه المظاهرات ستكون من طرفين نقيضين أحياناً، مما قد يدفع الرئيس ماكرون، ليس في السنة الأولى على الأقل، الى حل البرلمان، وهذا يدخل في إطار صلاحياته الدستورية.

فترة صعبة ستمر بها فرنسا وسط أزمات مالية في الداخل، ووسط الحرب الروسية – الأوكرانية

وذلك، بهدف المحاولة للحصول على أغلبية مطلقة له.. أو لخصومه، وهو أمر يبدو مستبعداً قبل نهاية عهده بعد خمس سنوات!
فترة صعبة ستمر بها فرنسا وسط أزمات مالية في الداخل، ووسط الحرب الروسية – الأوكرانية، التي يبدو فيها كل من ميلونشون ولوبين أقرب فيها من الرئيس بوتين منهما الى الرئيس زيلينيسكي. فرنسا اليوم تبدو منقسمة، وفي مأزق سياسي لا يظهر فيه آخر النفق!

السابق
أخبار وتسريبات تتعلّق بالاستشارات… هذا ما اوضحه مكتب ميقاتي
التالي
خاص «جنوبية»: الجيش يوجه «سلة» رسائل إلى «أبوسلة».. وحُماته!