لبنان وفلسطين ضحية «المُتحكمين».. و«قواعد إشتباك» إسرائيل!

علي الامين
يدفع اللبنانيون، كما الفلسطينيون، أثماناُ باهظة من دمائهم وأرزاقهم في معرض الحرب الدائرة في غزة، والمتفرعة عنها في لبنان، وكذلك يشهدون على المزيد من انهيار دولتهم وشرعيتها لمصلحة دويلة، تفاوض مع عدوها الإسرائيلي، الذي يبدو أنه "مرتاح على وضعه"، ويستأخر اي حل أو هدنة، طالما ان جميع الأطراف تراعي مصالحه "الحيوية"، بموجب "قواعد إشتباك" يركن إليها.

لم تضع اسرائيل بعد، ملف لبنان على طاولة البحث. المواقف الاسرائيلية وآخرها “تبشير” وزير الحرب الاسرائيلي يواف غالانت بصيف ساخن على جبهة لبنان، لا يشي بأن حكومة بنيامين نتنياهو، مستعجلة على تنفيذ اتفاق مع “حزب الله”، فيما ملف الهدنة في غزة لم يزل في حال من التأرجح والمماطلة الاسرائيلية، التي تبدو شديدة الارتباك حيال حسم الخيارات السياسية، خصوصا ان نتنياهو، بات مقتنعا كما حكومته، ببقاء “حركة حماس” كقوة اولى متقدمة على السلطة الفلسطينية، ومتجاوزة لمنظمة التحرير الفلسطينية، انطلاقا من ان نتنياهو، لا يريد ان يكون سببا في اعادة الاعتبار للشرعية الفلسطينية في غزة، هذه الشرعية التي يمكن ان تنتزع من اسرائيل مشروع الدولتين، فيما الانقسام بين “حماس” والسلطة، يبقى غاية اسرائيلية لم تنسفها “طوفان الأقصى”، بل رسختها في الاستراتيجية الاسرائيلية.

لم تضع اسرائيل بعد ملف لبنان على طاولة البحث.

في المقلب اللبناني، يهتم الفريق الاسرائيلي بصفقة مع “حزب الله”، وليس الدولة اللبنانية، يبحث عن ضمانات من جهة قادرة ان توفرها، وليس هناك من يدّعي في دولة لبنان، قدرته على الالتزام بأي اتفاق، ويستطيع ضمان تنفيذه والالتزام بموجباته، هناك “حزب الله” فقط.

يهتم الفريق الاسرائيلي بصفقة مع “حزب الله” وليس الدولة اللبنانية

والى جانب كفاءة “حزب الله” على هذا الصعيد، والى قدرته على منع حركتي “الجهاد” و”حماس” وغيرهم التعرض لمنشآت بئر الغاز في كاريش، وضمانه عدم قيام دولة في لبنان، قادرة على منافسة اسرائيل في السياحة والخدمات وفي قطاعات عدة، ومحافظته على شروط دولة متهالكة على حدود اسرائيل، فهو بذلك يمتلك كامل الشروط العملية والمطلوبة لأن يضمن اي صفقة، طالما ان البديل هو انكشاف الفوضى الشاملة في لبنان، والتي لا تضمن اسرائيل عدم انفلاتها على حدودها.

تشكل “حركة حماس” كما “حزب الله” في لبنان عنوانين لتقدم الدويلة على الدولة ودليلين على الانقسام المجتمعي وتصدع الوحدة الداخلية


بهذا المعنى تشكل “حركة حماس” كما “حزب الله” في لبنان، عنوانين لتقدم الدويلة على الدولة، ودليلين على الانقسام المجتمعي وتصدع الوحدة الداخلية، وهذا يشكل هدفا اسرائيليا استراتيجيا، لأنه الضامن لمنع تهديد الدور الاسرائيلي اقليميا ودوليا، ومهما بلغت مخاطر عملية “طوفان الاقصى”، فهي تبقى اقل خطرا على اسرائيل من مشروع سياسي وطني فلسطيني، يلتف كل الفلسطينيين حوله، ومن قيام مشروع وطني لبناني يرتكز الى وحدة الشعب، ودولة يحكمها الدستور ويسير شؤونها القانون.
ما يجري في غزة وفي لبنان، هو اعادة رسم لقواعد اشتباك جديدة بين اسرائيل و”حماس”، وبين “حزب الله” واسرائيل، فرضتها عملية “طوفان الاقصى”، وهذه المرة بشروط جديدة، فيها تقييد يوفر لإسرائيل الطمأنينة التي تريدها، على حدودها الشمالية والجنوبية.

السابق
اليكم موقف غوتيريس من تنفيذ الـ1559!
التالي
النزوح السوري بين الحلول و«العنصرية»!