سنة «الحرب على العدالة».. ملفات قضائية تترنح على وقع التدخلات والتهديدات والمحميات!

مرفأ بيروت القضاء

يطل العام 2022 والبلاد ترزح تحت أزمات سياسية واقتصادية مستفحلة، أزماتٌ لم يسلم منها القضاء اللبناني الذي شهد العام 2021 أسوأ مرحلة في تاريخه، مع خوض القوى السياسية “حربا” على العدالة، ترافقت مع دخول التحقيق في جريمة تفجير مرفأ بيروت. بازار التجاذبات وإغراقه في متاهات السياسة، ثم في “فوضى قضائية” لا تزال قائمة، فيما الجسم القضائي يترنّح تحت وطأة تجميد مرسوم التشكيلات القضائية منذ اكثر من عام الذي وصفه رئيس الجمهورية ب”الفضيحة”، مبررا بذلك عدم توقيعه، والذي بات بالتالي ملغىً، مع تبديل اعضاء مجلس القضاء الاعلى، الذي ينتظر استكماله لاعادة وضع مرسوم جديد مع انتهاء العهد الحالي.

اقرأ أيضاً: سنة «ظلمة» الكهرباء و«ظلامية» المولدات!


ولعام آخر، تصدر ملف المرفأ المشهد القضائي، الذي فجّر خلافا بين القضاة في سابقة قضائية لم تشهدها السلطة القضائية وذلك نتيجة تعدد الاجتهادات القانونية واختلافها، حول مسألة إزاحة المحقق العدلي القاضي طارق البيطار عن الملف، بعدما”أغضب” الثنائي الشيعي الذي وضعه على قائمة “المطلوبين” قبعه وإبعاده، وذهب الى حد تهديده عبر مسؤول الامن والارتباط في حزب الله وفيق صفا، الامر الذي دفع بثلاث قاضيات الى تقديم استقالتهن، والتي لا تزال على طاولة رئيس مجلس القضاء الاعلى من دون اي قرار بشأنها .


وطوال العام ، خطف الملف الاضواء على الساحة القضائية ، فمع بداية العام 2021 ، “خطف”الثنائي الشيعي المحقق العدلي الاول للملف فادي صوان حين نجح بنقل الملف من يده الى يد القاضي طارق البيطار، الذي شكل عقبة في وجه المنظومة السياسية التي تحاول بشتى الطرق تفريغ تحقيقاته بنقل صلاحية ملاحقة المسؤولين السياسيين الى المجلس الاعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، فكان الملاذ الاخير لهؤلاء محاكم التمييز التي لجأوا اليها في محاولة ل”ردع” البيطار، الذي سجّل رقما قياسيا في عدد الدعاوى التي رفعت ضده والتي تعدت ال17 دعوى، وكلها تهدف الى تبديل مسار التحقيق وتعطيله.

تصدر ملف المرفأ المشهد القضائي الذي فجّر خلافا بين القضاة في سابقة قضائية لم تشهدها السلطة القضائية

وليس بعيدا عن ملف المرفأ، جاءت “احداث الطيونة” الدموية لتذكي نار الفتنة وتحرض على المحقق العدلي بتحميله مسؤولية تلك الاحداث والتي بدأت بتظاهرات منددة بقراراته المتعلقة باصدار مذكرات توقيف غيابية بحق سياسيين، الامر الذي فجّر الخلاف في اولى جلسات مجلس الوزراء التي لا تزال معلقة، خلاف حول “قضية ازاحة البيطار” بين الثنائي الشيعي الذي يؤيد موقفه بعض الوزراء وبين فريق يرفض التدخل في عمل القضاء، وعلى رأسه رئيس الجمهورية.
وفيما لم ينجح هذا الثنائي بقبع البيطار”حتى الان “الا انه بعد تلك الاحداث نجح في شق صفوف اهالي الضحايا لينضم ابراهيم حطيط الذي كان “يقود” تحركات لجنة الاهالي الى قافلة المطالبين بتنحية البيطار.

البيطار قطع شوطا كبيرا لناحية معرفة اصحاب شحنة نيترات الامونيوم واسباب دخولها المرفأ وبقائها لسنوات سبعة من دون اي قرار بتلفها او اعادة تصديرها


وعلى صعيد التحقيقات في الملف فان البيطار قطع شوطا كبيرا لناحية معرفة اصحاب شحنة نيترات الامونيوم واسباب دخولها المرفأ وبقائها لسنوات سبعة من دون اي قرار بتلفها او اعادة تصديرها، فضلا عن تحديد المسؤوليات للمقصرين لهذه الناحية ، ما يبرر الابقاء على توقيف 17 من مدراء عامين ومسؤولين امنيين في المرفأ وموظفين، الى جانب ملاحقة قضاة كانوا على تماس مع قضية رسو الباخرة التي كانت تحمل على متنها المواد التي انفجرت في المرفأ.
وبالتوازي، فان العام 2021 شهد احداثا امنية عديدة وجرائم قتل لا يزال مرتكبوها في عداد “المجهولين”، بدءا من جريمة قتل جو بجاني في الكحالة وقبلها مقتل العقيد في الجمارك منير ابو رجيلي في قرطبا في ظروف غامضة واللتان ربطا بجريمة المرفأ من دون ان يتوصل التحقيق في اي منهما الى معرفة الجناة والاسباب.

عزز اغتيال سليم بهذه الطريقة المخاوف من عودة الاغتيالات في وقت لم يسجل التحقيق الاستنطاقي اي تقدم لناحية معرفة هوية المرتكبين للجريمة


وبين هاتين الجريمتين ، هزّ لبنان في شباط، خبر اغتيال الباحث والناشط السياسي المعارض لحزب الله لقمان سليم بست رصاصات، بعد خطفه اثناء زيارة منزل احد اصدقائه حيث وجدت جثته في بلدة العدوسية الجنوبية داخل سيارته. وقد عزز اغتيال سليم بهذه الطريقة المخاوف من عودة الاغتيالات، في وقت لم يسجل التحقيق الاستنطاقي اي تقدم لناحية معرفة هوية المرتكبين للجريمة.
ومع دخول البلاد عاما جديدا، “يودع” العميد منير شحادة المحكمة العسكرية بعد عامين على توليه رئاستها، وذلك في قرار مفاجىء صدر عن قائد الجيش مؤخرا الذي عين بديلا عنه العميد الركن علي الحاج رئيسا للمحكمة العسكرية، التي لا تزال “تتخبط” بملفات الارهاب وغيرها من الملفات التي تحمل طابعا سياسيا كملف”احداث خلدة” و”احداث قبرشمون” حيث المحميات السياسية تمنع ملاحقة جميع المتورطين وتقتصر على فئة دون اخرى .

السابق
سنة «ظلمة» الكهرباء و«ظلامية» المولدات!
التالي
وداعا 2021.. هكذا عايد السياسيون اللبنانيين