الحريري حسمَ خياره.. ماذا بعد الإعتذار؟

عون - الحريري

تسود مخاوف في لبنان من دخول البلاد مرحلة سياسية أشد تأزماً إذا أبقى اللقاء المرتقب اليوم بين رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة المكلف سعد الحريري على الأزمة الحكومية، بسبب احتمال رفض عون التشكيلة الوزارية التي سيحملها إليه الحريري والتي تتشكل من 24 وزيراً يراعي فيها المبادرة الفرنسية، التي سبق أن تبناها رئيس المجلس النيابي نبيه بري، وبالتالي اعتذار الحريري في حال الرفض.

اقرا ايضاً: فهمي «يحمي» منظومة تفجير المرفأ..و«فقدان أهلية رئاسية» يُعزز الإنهيار!

وأكدت مصادر “الشرق الأوسط” أن الحريري ينتظر ردّ فعل عون على التشكيلة التي يحملها إليه ليبني على الشيء مقتضاه وأنه سيضطر في حال عدم تجاوبه مع التركيبة الوزارية «المتوازنة والوازنة» التي أعدها إلى الاعتذار عن تشكيل الحكومة لأنه «لن يكون شريكاً في الانهيار، وأنه يهدف من تكليفه تشكيل الحكومة العمل على رفع المعاناة عن اللبنانيين».

وكشفت المصادر أن الحريري تواصل مع بري ووضعه في صورة الموقف الذي سيتخذه في حال لم يلقَ أي تجاوب من عون، مؤكداً أنه لا عودة عن قراره بالاعتذار، وقالت إن الحريري الذي أيّد مبادرة بري التي قوبلت برفض من عون ورئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل اتخذ قراره بتحصين التشكيلة الوزارية لقطع الطريق على عون للتذرُع بعدم مراعاتها «الميثاقية» لتبرير رفضه لها.

قصر بعبدا: في إطار متصل، اوضحت مصادر مطلعة على اجواء قصر بعبدا لـ “الجمهورية” انّه ليس لدى رئيس الجمهورية اي معلومات عمّا سيكون عليه مضمون زيارة رئيس الحكومة المكلّف ​سعد الحريري​، وانّ دوائر القصر تتداول كما بقية اللبنانيين السيناريوهات المتوقعة، ولم تتبلّغ ان كان الحريري سيسلّمه تشكيلة وزارية ما، أم انّ لديه بعض الأسماء التي يمكن التشاور في شأنها، او انّ كان تتمة للقاءات سابقة توقف عندها الحوار حول بعض الأسماء التي لم يتمّ التفاهم عليها بين الرجلين، وعمّا إذا كان الحريري سيعتذر عن التأليف.

وأضافت هذه المصادر، “انّ القرار قراره، وانّ رئيس الجمهورية يتوقع ان يترجم رئيس الحكومة المكلّف المهمّة التي كُلّف بها، وأنّه ينتظره بفارغ الصبر”.

عين التينة: على خط آخر، نقلت أوساط عن مصادر مقربة من الرئيس نبيه بري عبر “الراي” الكويتية تأكيدها أن اعتذار الرئيس المكلف سعد الحريري لن يبدل الأزمة الحكومية أبدا. ولدى سؤالها عما سيتبدل على مستوى الحصص والتوازنات التي يريدها عون داخل الحكومة في حال لم يكن الرئيس الحريري هو الرئيس المكلف تشكيل الحكومة؟ تعتبر مصادر بري، أننا سنعود إلى المربع نفسه مع أي رئيس آخر، طالما أن العهد متمسك بموضوع الثلث المعطل.

وأشارت إلى أن البحث يتركز اليوم في خيارين:

٭ الأول: ألا يعتذر الحريري وأن يبقى متمسكا بموقفه، على الرغم من الضغوط الهائلة عليه من قبل الشارع في ظل التراجع المالي، أو جراء المسعى الدولي لتشكيل حكومة في لبنان، مع العلم أنه لا يريد أن يصور نفسه على أنه حجر عثرة أمام ولادة الحكومة، بغض النظر عن أن من يتحمل مسؤولية عدم التأليف هو العهد، بفعل الشروط التي يضعها.

٭ الثاني: أن أي اعتذار من قبل الحريري يجب أن يكون مسبوقا باتفاق على رزمة كاملة لتحاشي أن تكون هناك حساسية شخصية ما بين العهد والرئيس المكلف الجديد، أو اعتبارات سياسية أخرى لها علاقة بأن الحريري هو حليف بري ووليد جنبلاط، اللذين لديهما مرشح رئاسي وهو الوزير السابق سليمان فرنجية.

أما بالنسبة لمدى إمكانية ولادة اتفاق من هذا النوع، يشكل بديلا ومخرجا لسعد الحريري على قاعدة حكومة انتخابات تشكل بالحد الأدنى غطاء له في عبوره من مرحلة التكليف إلى مرحلة الاعتذار، خصوصا لناحية أن رئيسها ستتم تسميته من بيت الوسط، أوضحت الأوساط، أنه من خلال إبرام اتفاق مماثل يمكن للحريري أن يقول داخل بيئته أن سبب اعتذاره هو أن الحكومة المراد تشكيلها هي حكومة انتخابات وليست إنقاذية، وبالتالي، لا داعي لأن يكون هو على رأسها، واعتذاره ليس انتصارا أبدا للفريق الآخر، وإنما مجرد تموضع جديد.

مرجع سياسي سنّي شبه مرحلة «ما بعد الاعتذار»، إذا حصل، بمقولة «رب يوم بكيت منه، فلما صرت في غيره بكيت عليه»، متسائلا عن هوية المتطوع الجديد الذي باستطاعته تأليف حكومة وفق المواصفات المطلوبة. ويقول ان موقف رؤساء الحكومات الثلاثة متخذ لجهة عدم تسمية أحد من جهة، والاتجاه إلى عدم القبول بأي تكليف شخصي من جهة ثانية، باعتبار أنه لا يمكن للرؤساء التخلي عن الشروط الدستورية المرتبطة بعملية التأليف.

ويعبر المرجع عن قناعة راسخة لديه بأن أي تكليف جديد يأتي على منوال الواقع الحالي في الصراع الناشب بين القوى السياسية حول موضوع الحكومة، لن يحظى بأي دعم محلي أو عربي أو دولي. ويؤكد أن هناك خيارين لا ثالث لهما أمام كل من رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف: إما أن تتألف حكومة تولد ميتة في حال عمدت إلى إرضاء القوى السياسية، وإما أن تتألف حكومة على أساس ما يسمى المبادرة الفرنسية من خلال اختيار شخصيات مستقلة وغير حزبية من أصحاب الكفايات وتعمل على تحقيق الإصلاحات بما يرضي اللبنانيين أولا، ويحقق رضى المجتمعين العربي والدولي تاليا.

ويستنتج أنه في حال برز متطوع جديد للتأليف، يقبل بشرط تحالف العهد ـ حزب الله، فعندها سيكون الاتجاه إلى نموذج أكثر سوءا من تجربة حكومة حسان دياب.

بيت الوسط: وتقول أوساط قريبة من بيت الوسط إن اعتذار الرئيس الحريري عن تشكيل الحكومة، إن حصل الآن أو في أي وقت كان، لن يؤدي إلى حل أزمة تشكيل الحكومة أو متفرعاتها، مع وجود سببين رئيسيين يتحكمان بعملية تشكيل الحكومة الجديدة:

٭ الأول استمرار ربط حزب الله عملية التشكيل وولادة الحكومة العتيدة بالكامل بالأوراق التي تمتلكها إيران في التفاوض على الملف النووي مع الولايات المتحدة الأميركية، برغم كل محاولات التهرب وإخفاء هذه الخطوة.

٭ الثاني الذي يطغى ظاهريا أمام الرأي العام للتغطية على السبب الأول، وهو محاولة باسيل الإمساك بمفاصل أي حكومة تتألف، تحت عناوين وذرائع كاذبة ومتعددة، لإعادة تعويم نفسه من العقوبات الخارجية المفروضة عليه واستنهاض وضعيته السياسية والشعبية. وبالتالي، فإن أي شخصية، سياسية أو غيرها، تكلف بتشكيل الحكومة الجديدة، مع استمرار هذين السببين، ستواجه بأساليب العرقلة والتعطيل الممنهج نفسها ولو بأشكال مختلفة، وبالتالي، لن تستطيع تأليف حكومة قادرة على الانفتاح بالداخل والخارج، للمباشرة بحل الأزمة المالية والاقتصادية التي يواجهها لبنان. وإزاء هذا الواقع، سيؤدي إقدام الرئيس المكلف على الاعتذار، إلى استفحال المشكل نحو الأسوأ وتدهور الأوضاع بشكل غير مسبوق.

السابق
عقوبات أوروبية على المسؤولين اللبنانيين قبل نهاية تموز.. هل تنجح الضغوطات؟
التالي
لا تراجع.. فهمي يتحدّى أهالي شهداء المرفأ!