حرب باردة بين حركة أمل وحزب الله

امل وحزب الله
مما لا شك فيه أن ما أعلنه حزب الله على لسان امينه العام السيد حسن نصرالله عن التمسك بميشال عون كرئيس للجمهورية مقابل تمسك نبيه بري بزعيم زغرتا سليمان فرنجية أعاد خلط الأوراق ليس فقط على صعيد إصطفافات ١٤ و ٨ آذار إنما أعاد أيضاً نصب المتاريس خلف كواليس الطائفة الشيعية.

كل المحاولات المستمرة لموضعة القطبان الشيعيان حزب الله وحركة أمل داخل خانة واحدة والعائدة بأغلبها إلى فترة ما بعد تصالحهما من القتال الدامي الذي دار بينهما نهاية الثمانينات من القرن الماضي، سيظهر مستقبلياً هشاشة النظر إلى حال طائفة ترزح تحت ثقل أزماتها وعن خلاف واختلاف وتباعد مصالح حزب الله القوي عن مصالح حركة أمل التي ضعفت وتقوقعت مصالحها داخل ادارات الدولة.

لم تبتعد أمل عن الحضن العربي في الوقت الذي يعلن فيه حزب الله وبفخر مرجعية ولائه الدائم لإيران. ولم تستعدِ أمل السعودية في بيانها الذي استنكر حادثة إعدام الشيخ نمر النمر. لقد جاءت مفردات البيان باهتة وخفيفة الوطء مقابل صيحات الموت لآل سعود التي رافقت خطاب السيد نصرالله لحظة استنكاره للإعدام.

إقرأ أيضاً: الحريري بمبادرته… أطعم الطعام لمن لا يشتهيه

هذا التباين تجلى بأبهى حلته مع الحراك اللبناني، عندما أُوكل إلى مجموعة من الحراك مقربة من أجواء حزب الله حملة الهجوم على الرئيس بري، بحيث صنفته بأنه الزعيم الشيعي الوحيد المتهم بالفساد المستشري داخل أجهزة ومؤسسات الدولة اللبنانية.

حزب الله يدرك تماماً المعنى من رسالة “الصاروخ في الرأس” التي تطرق إليه بري.

 

وإستطاعت أمل عبر النائب ياسين جابر منذ أسبوع توجيه أصبع الإتهام إلى بعد قيادات الطوائف، مذكراً إياهم بمسؤوليتهم الأساسية بحماية مصالح الشعب لا تخريبها وتطرق إلى مسألة تضرر أوضاع اللبنانيين المغتربيين في حال ما استمر خطاب التصعيد ضد دول الجوار، وذلك في غمز من قناة حزب الله وخطابات نصرالله الأخيرة الموجّه ضدّ السعودية ودول الخليج العربي عموما حيث يقطن ويعمل حوالي نصف مليون لبناني.

وعلى هدير إنتصارات حزب الله المجازية في سورية وإرتداد اصدائها في لبنان عموماً وداخل الأوساط الشيعية خصوصاً، فإن حركة أمل بدأت تستشعر خطر الحزب على المواقع المحسوبة لها داخل الدائرة الضيقة في السلطة اللبنانية.

إلا أن أمل وريثة الطائفة الشيعية منذ إتفاق الطائف لن تسمح للحزب بمعاملتها كـ”تركة” أو ميراث يتجهز لافتراسها في اللحظة المناسبة.

إقرأ أيضاً: عن ديمقراطية حزب الله… من «إقليم التفاح» إلى «مضايا»

الرئيس بريإن جماهير أمل وتاريخها ليس لقمة سهلة البلع في فم حزب الله، كما يؤكد العديد من كوادرها، فالرسالة الأقوى كان قد وجهها بري لجميع الأحزاب ومن ضمنهم حزب الله خلال مهرجان ذكرى إختفاء السيد موسى الصدر السنة الماضية والتي تقول: أمل ما زالت قوية وأمل مازالت تتمتع بحاضنة شعبية صلبة في الطائفة الشيعية.. أمل هي جزء لا يستهان به من شيعة لبنان وهي تمثل مئات الاف المحتشدين في المهرجان.

ومن جهة اخرى فإن محاولة حزب الله التوغل أكثر داخل مراكز والحصص المحسوبة على حركة أمل في مراكز الدولة ستسبب أزمة ثقة بين الحليفين “اللدودين” خصوصاً وأن أمل تتعامل مع الدولة اللبنانية كحجر زاوية أساسي لإستمرارها في الوقت الذي يسعى الحزب إلى تعطيل وكسر هيبة الدولة اللبنانية من أجل الذهاب إلى “المجلس التأسيسي” المتنافي تماماً مع “طائف” بري.

في السابق كان حزب الله قد وضع اللواء جميل السيد منافساً لبري. وإستطاع بري المتميز بقدرته على الإلتفاف السياسي والمناورة عزل جميل السيد سياسياً ورمي مشروع الاخير الطامح إلى خلافته برئاسة مجلس النواب في سلة مهملات الأوهام.

إن بري وللمرة الأولى يخوض معركة التأكيد على “وجود وحيوية” حركته سياسياً وإجتماعياً وإقتصادياً مقابل تمدد حزب الله خارج الحدود وداخل المجتمع الشيعي بالتحديد.

إقرأ أيضاً: ملفات الحرب الأهلية بين المصالح الإعلامية: LBC و MTV

لقاء بري وعون ونصرالله

وعلى رغم أخطائها الكثيرة فإن أمل هي شبيهة بالحضن الوطني الآمن لطائفة يلوح مصيرها مع عواصف المنطقة المشؤومة.

هذا التمترس لن يتوضّح في العلن إلاّ مع معركة عون – فرنجية للرئاسة وإذا عدنا لخطاب نصرالله السابق فإنه قد جاء على ذكر بري مرة واحدة وبشكل مباغت.

لن تنفع صواريخ حزب الله هذه المرة ولن يستفيد من التشبث في خيار عون للرئاسة. وإذا ظن السيد نصرالله بأنه هو من يعطل المشروع الرئاسي الى حين التوافق “بالاكراه” على قدوم مرشحه الحقيقي الى قصر بعبدا، فالسيد نصرالله واهم. لأن المعطل الحقيقي هو بري وحليفه الجديد “الحريري”، وتخطي بري بالشكل الذي تسعى إليه قيادات حزب الله سيعيد خلط الأوراق والتحالفات بشكل جدي وواقعي.

لن تسمح أمل لحزب الله رغم تحالفاتها الكبيرة معه بأن يقود دفة سفينة الطائفة بلبنان.
ومن هنا يأتي قرع طبول الحرب الباردة.. فترقبوا السنوات القادمة.. والسبع العجاف.

السابق
وهاب: حزب الله قادر على تنسيق الموقف بين عون وفرنجية
التالي
بالفيديو والصور… الوزراء على مكبات النفايات!