الحريري بمبادرته… أطعم الطعام لمن لا يشتهيه

حكم المعاني يخالف حكم الألفاظ، فالثانية مبسوطة ممدودة إلى ما لا نهاية بينما الأولى محدودة معدودة ولن يكفيها إن هي تجملت بالحرف وبديع الإشارات وبالعقد وفن الحساب والجمال في وصف الحال، "سيد الخطابة" بليغاً، يعرف الفصل من الوصل، ويحسن إختيار الكلمات، يبرع في إنتقاء الصفات والإكثار من الأمثال، يستند في ما يتفوه بالمعرفة القائلة أن الريح كفيلة بأن تلقح الثمار والبرد متكفل بأن يعقده والشمس والقمر بأنوارهما يلوناه ليستوي بعد ذلك بالحر.ّ

أما وقد تم إسكتمال الإستعراض السياسي حول الملف الرئاسي، واكتملت الإطلالات والعراضات، عاد الشّعب أو من تبقى منه من البعيدين عن الإصطفافات إلى البدايات، ويقيناً لقد ذهبت هباء كل مساعي الحل التي حاول البعض واهماً أن يواجه بها أصحاب العقد، فقهرته حقيقة وفيها أن أولئك وهؤلاء لا يتفقان، فهؤلاء لا يشتهوا السكوت وأولئك لا يشتهوا السماع.

لقد فقدت القيادات والزعامات اللبنانية شرعيتها الأخلاقية في نظر من تبقى حرا من اللبنانيين بعض أن إستكمل المستعرضين بـ”سينيكية” مواقفهم فكان أن أظهروا بكلامهم ما ليس في باطنهم برباطة جأش وسكون جوارح، أحسنوا إختيار الألفاظ، فأسمعوا العامة غير ما تعهدوا به للأسياد، فكانت بسيطة مفرداتهم كي لا ينتقدهم عليه العلماء الفصحاء.

إقرأ أيضاً: رسالة من سعد الحريري الى سليمان فرنجية

لقد إهتم الكل بالفتنة والحرب والإصطفاف والتحيز وحشدو الطاقة لهذا المشروع أو ذاك دون الإهتمام بالبشر في وطن لامست المجاعة الفكرية والنكبة الإقتصادية والعدمية الثقافية حداً باتت معه التضحية بالناس لصالح الحرب مجازة ومباحة، وأن الصناعة والزراعة والتجارة عندهم حاجة لتوليد الطاقة المحتاجة إليها آلة الحرب خاصتهم.

إقرأ أيضاً: حزب الله: فرنجية وقع بين أيدي الحريري!

إنه القميص الذي لا تنتهي فصوله، فما بالك ولكل قميصه، فرقة لم يرَ تاريخ لبنان من قبل مثلها، والكل زوراً يدعي أن قلوبهم معه والحق أنّ سلاحهم عليه، لقد خشي هؤلاء إن تنازلوا أن يخسروا كل الإمتيازات والتقديمات التي بها زماناً طويلاً إنتفعوا “بوهيمية” غير مألوفة تجعل الناس تحتار بين كلام هرطقة وموعظة إيمان، يستبد بهم الصراخ عله يخفف الآلام أو هم يكثروا من السعال ليجف الخوف وتتباطأ سرعة الخفقان، تراهم يغلقون عين ويفتحون عين علهم يروا المقبل قبل المباشرة بالدخول في الظلام.

إقرأ أيضاً: من يحاسب المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى؟

كل شيء حاصل بالإتفاق، إنها الأجزاء وكيف تتم تتفق، وما هو موجود يحتاج إلى عناية، وله مدبر ومنظم، فلا عجب إذا إن عثر قط على فأر فافترسه، ولا عنكبوت إن افترس ذبابة، ولا ثور إن راث على مجموعة نمل فقتلها، فما حصل بعد المبادرة متوقع، ذلك أن صاحبه أطعم الطعام لمن لا يشتهيه.

السابق
مكالمة هاتفية مسربة!
التالي
وهاب: حزب الله قادر على تنسيق الموقف بين عون وفرنجية