الرئاسة؟ وما هي أمام دماء شهداء حزب الله؟

السيد علي الأمين
لم يعد خافياً أنّ الإستحقاق الرئاسي لم يحن أوانه بعد في نظر المتحكمين بإنجازه أو تعليقه. اللحظة الإيرانية التي تقرر حصول الإنتخابات الرئاسية لمّا تزل بعيدة. الحراك الداخلي حيال الشأن الرئاسي من قبل تيار المستقبل والقوات اللبنانية لم يفضِ إلى نتيجة حسم خيار الإنتخابات. والمواقف التي تطايرت من قوى 8 آذار، في هذا الإتجاه أو ذاك، تعبّر بوضوح عن أنّ الإنتخابات الرئاسية تحتاج إلى وقتٍ إضافي، أي إلى إشارة إقليمية لن تصدر قريباً على ما يبدو.

لم تكن مواقف الرئيس نبيه بري، المصوّبة تجاه ترشيح ميشال عون بعد لقاء معراب، سوى تعبير بليغ عن صمت الأخ الأكبر، حزب الله. ولا كان زغرتاوياً بحتاً إصرار فرنجية على معاندة رئيسه في التكتل النيابي العماد ميشال عون، بعدما جمعتهما سنين “النضال” من أجل “المقاومة” وخيار الممانعة السوري، بل هو أيضاً من براعة التقاط فرنجية ما يفكر به السيد نصر الله. لذا أمّن فرنجية مع الرئيس بري الأرضية المناسبة التي تتيح لحزب الله أن يجد ما يساعده على أن يأخذ مزيداً من الوقت ليختار بين أميرين على قلبه، رغم دين الوفاء الذي يقيده حيال الجنرال ميشال عون. وربما هذه الحيرة تتطلب مزيداً من المساعي والدعاء في صلاة الليل لأيام عدة كي يفتح الله أمام حزبه ويختار بين من هو الأقرب، ليس إلى قلب السيد، بل إلى قلب المقاومة وعقلها وإلى شهدائها.

إقرأ أيضاً: إنّه «الطائف» يا غبي

ربما في 16 شباط المقبل، أي في ذكرى القادة الشهداء، قد تكون اللحظة المناسبة، بالمعنى الوجداني العميق، لكي ينير الله، ببركة الشهداء، طريق الإختيار بين أميرين وحبيبين متوّجين على قلب “المقاومة” وجبينها. أوَ ليسَ معيار كل ما قام به حزب الله ويقوم به وما سيفعله ينطلق من ثابتة المقاومة وحفظ دماء الشهداء؟ إذاً يتطلب اختيار رئيس الجمهورية، الذي آل إلى “المقاومة” اليوم، توفيقاً إلهياً. تماماً كما أنّ كل الانتصارات التي حققها حزب الله تطلبت هذا التوفيق الإلهي، الذي صار لازمة لكل ما حققه حزب الله في لبنان وسورية وفي فلسطين… إلى الحدّ الذي ينعم اللبنانيون ببركاته، لكن كثيرين منهم مصابون بالنكران وقلّة الوفاء والغدر.

إقرأ أيضاً: رئيس مسيحي ضعيف.. غير ذلك خروج على الطائف؟

وربما لأنّ نِعَم الإنتصارات الإلهية التي تتنزل على اللبنانيين جعلتهم أقلّ اهتماماً باستحقاقات دنيوية، لا ترتقي إلى المفردات الروحانية وإلى الطرق التي سلكها الشهداء. فماذا يشكل موقع رئاسة الجمهورية وماذا يعني أن يكون اللبنانيون بلا رئيس للبلاد؟ الرئاسة ليست في الواقع أمراً مهماً إذا ما كان الناس يتطلعون إلى تحقيق الأهداف الإلهية السامية. فضلاً عن أنّ الرئاسة لا تأتي بإنتخاب عشرات النواب لشخص ليصبح رئيساً، يجب أم يدقق اللبنانيون وينظرون بعين القلب ليكتشفوا أنّ لديهم رئيساً من خامة الزاهدين بتلك المناصب الدنيوية ومن قماشة الشهداء وفيه من روح الله… ما لو كشف على عيون اللبنانيين وقلوبهم لخروا ساجدين.. طوعاً، طبعاً، فلا إكراه في الدين. لكن تبيّن الرشد من الغيّ.

إقرأ أيضاً: حزب الله يبدو محرجا بعد ترشيح «الحليفين» من قبل الخصوم

الدولة عموماً، حكومة ومجلس نواب وأدواتهم في الإدارة العامة والأجهزة على اختلافها، ما هي إلاّ لغاية اسمها عدم السماح بطعن ظهر “المقاومة”، باعتبار أنّ “المقاومة” لا تحتاج إلى دعم هؤلاء المتشبثين بمناصب دنيوية ولم تكن يوماً بحاجة لهم. هي موجودة بإرادة الله وحزبه، ولو شاء الله أن تكون غير ذلك ستكون ما يشاء. هي مشيئته أن تتوزع بركاتها في أصقاع البلاد، والأقربون أولى بالمعروف.

نصرالله حزب الله

لذا أمام هذا الفيض الالهي يجب ألاّ يخاف اللبنانيون. فشأنكم أن تتمثلوا بكلام الله : “قال لصاحبه لا تحزن إنّ الله معنا”. لا تخافوا أيّها اللبنانيون وأكملوا سيرتكم في الشكر على النعم التي تنالونها ببركة “المقاومة”. أمّا الرئاسة وما إلى ذلك من تفاصيل فلا تشغلوا بالكم كثيراً بفراغها أو ملئها، فهناك من يعلم مصلحتكم أكثر منكم، وهو أدرى بطرق الصلاح والخير منكم. وهذا معاذ الله لا ينتقص من إنسانيتكم. لكن: أليس فوق كل ذي علم عليم؟ هي هكذا. هذا شأن له من يقرره وما عليكم إلاّ الإنتظار حتى يقضيَ الله أمراً كان مفعولاً.

السابق
رئيس غرفة الصناعة يسأل جبران باسيل: هل هناك قرار بتجويع اللبناني؟
التالي
زين العمر ومعين شريف: حراك مدني.. فـ«لبيك جنرال» ثم زحفاً زحفاً إلى معراب