«حزب الله» ورئاسة الجمهورية باقيان في الميدان السوري

حزب الله

ربما راهن البعض على أن ما يجري في سوريا من مصالحات ميدانية في الزبداني وكفريا والفوعة هو خطوة أولى على طريق عودة “حزب الله” الى جبهته الأساسية في الجنوب اللبناني في مواجهة اسرائيل. وربما انطلق هذا الرهان بالتزامن مع عملية الاغتيال التي طالت سمير القنطار، أحد قياديي المقاومة في جبهة الجولان السورية، وإعلان الامين العام لـ”حزب الله” السيّد حسن نصرالله “أن الردّ آتٍ أياً تكن التبعات”.

من المعطيات المتوافرة من هذا الفريق أن لا رابط بين التطورّين، وأن دور “حزب الله” في سوريا مستمر، ويجب ألا يراهن أحد على انسحابه منها قبل انتهاء الحرب، أما المعركة مع الاسرائيلي فمفتوحة ولا تتوقّف عند اغتيال القنطار، وقد تأخذ أشكالاً متعدّدة، إما بحرب تقليدية كالتي وقعت في تموز 2006 وإما بحرب عصابات كالتي أدّت الى تحرير الجنوب عام 2000، والأرجح أنها قد تكون بعملية موضعية كالتي تمّت رداً على اغتيال جهاد عماد مغنية، وقد تكون في الجولان، أو في شبعا، او في الاراضي الفلسطينية أو في الخارج، لكن الأكيد أن الردّ على اغتيال القنطار سيحصل.
وفق أوساط هذا الفريق، أن الجبهة الجنوبية تحكمها قواعد الاشتباك، و”حزب الله” في موقعه الدفاعي وليس هو من اعتدى أو اغتال، وهو لا يقوم بمصالحات في سوريا لينتقل الى جبهة الجنوب، ولذلك قد يؤدي الرد الى تطوّر كبير في الجنوب، وربما الى الدخول في جبهتين في سوريا ومع اسرائيل، ولكن الأرجح أن يكون الردّ محدوداً بعملية موضعية تعود الامور بعدها الى ما كانت عليه في السابق، كالعملية التي أعقبت اغتيال مغنية، بحيث بقي الحزب في سوريا وفي حالة دفاعية في الجنوب.

اقرأ أيضًا: إنتخاب الرئيس… أو تسوية المنهكين
وتقول هذه الاوساط إن المعركة في سوريا طويلة وأهدافها بعيدة ومجالاتها كبيرة، أما التسوية التي يحكى عنها في سوريا فليست واضحة. وما نشهده من ملامح تهدئة في الزبداني وكفريا والفوعة ليست سوى عمليات موضعية، وهي مرحلة ثانية من اتفاق الزبداني الذي يستتبع بمرحلة ثالثة، ولا علاقة لذلك بالتسوية السياسية في فيينا، ولا بتطورات الميدان، ولا تأثير لكل ذلك على وجود “حزب الله” المستمر في سوريا.
وقد قرأ مراقبون من فريق الرابع عشر من آذار بوضوح هذه المعطيات، ويتوقّعون أن يؤدي اتفاق الزبداني- كفريا والفوعة الى إراحة “حزب الله” في قتاله في سوريا، ولكن ليس الى درجة نقله قواته الى الجنوب اللبناني تمهيداً لمعركة واسعة مع اسرائيل. فالأرجح أن الحزب سيقدم على عملية نوعية وموضعية رداً على اغتيال القنطار. ولذلك يُستبعد انسحاب الحزب من الميدان السوري، حيث حاجة النظام اليه ما زالت قائمة. صحيح أن مسلك دمشق – حمص – اللاذقية أصبح أكثر أماناً، إلا أن المعارضة المسلحة ما زالت موجودة في مناطق متاخمة، وثمة رسم لخريطة عسكرية جديدة بين النظام والمعارضة للحزب دور أساسي فيها، في موازاة تقليص وجود الحرس الثوري الايراني في سوريا ونقله قواته الى العراق واليمن. أما اغتيال القنطار بعد اغتيال مغنية في منطقة الجولان فليس إلا ترجمة للرفض الاسرائيلي لأي نفوذ ايراني في هذه الجبهة، مع العلم أن اسرائيل لم تقم بأي ردة فعل على وجود “جبهة النصرة” في المناطق المتاخمة للقنيطرة والجولان. كما أن الاتفاق الاسرائيلي – الروسي يبدو واضحاً بإبقاء هذه المنطقة خارج اطار العمليات الروسية وضمن نطاق السيطرة الجويّة الاسرائيلية.
أما الميدان اللبناني الرئاسي، فيبدو أن محاولة فصله عن الميدان السوري والاقليمي لم تنجح، ووفق فريق الثامن من آذار، ان الوضع عاد الى الستاتيكو السابق، ومبادرة ترشيح رئيس “تيار المردة” سليمان فرنجيه انتهت عند محاولة مطلقيها إبقاءها على الأقل حيّة في الاعلام منعاً للإحراج، بعدما طرحها الرئيس سعد الحريري ولم يقبل بها خصومه. فالواضح أن لا ظروف مؤاتية لانتخابات رئاسية، ولا لتسوية شاملة بعد، وفي الوقت الراهن أقفل باب التسوية.

(النهار)

السابق
الجيش ينفذ انتشارا واسعا في حي الشراونة في بعلبك
التالي
ذكرى محمد شطح: 14 آذار تبحث عن عودة!