تحقيق شامل: هل تفتح النفايات مجلس الوزراء المقفل بأمر عوني؟

نفايات
ما خشينا منه وقع، غرق لبنان في أشبار من نفاياته. مشهد الشارع الممتلئ بالنفايات فرض نفسه، وطغت هذه الأزمة على سائر الأزمات السياسية دون حلول مجدية، في ظلّ حكومة مفلسة عجزت عن معالجة قضاياها، الوطنية منها والبيئية. "جنوبية" تحدّثت إلى المعنيين، من وزير البيئة إلى مجلس بلدية بيروت وناشطين بيئيين في حملة إقفال مطمر الناعمة وإلى مصادر أخرى معنية.

لليوم الرابع على التوالي يستمر إقفال  مطمر الناعمة بالشمع الأحمر الشعبي، بعد انقضاء المهلة المحددة للتمديد: 6 أشهر على انتهاء هذه المرحلة الانتقالية من دون إيجاد بدائل عن هذا المطمر. الحصيلة إلى الآن، نفايات تملأ أرجاء العاصمة وتزكم الأنوف برائحتها النتنة. أزمة كشفت افلاس الحكومة اللبنانية.

4 أيام يضاف إليها 48 ساعة تفصلنا عن موعد جلسة مجلس الوزراء المقرّر عقدها الخميس وفيها سيكون نقاش ملفّ النفايات، هذ اذا تمّ مناقشته  في ظلّ إصرار وزراء التيار الوطني الحرّ على رفض البحث في أي أمر قبل بت الآلية الجديدة لعمل الحكومة. ما يدفع إلى التساؤل عما إذا كانت الآلية المتعثرة ستتفوق على أولوية معالجة أزمة النفايات؟ أم أنّ النفايات ستفتح طريق عمل مجلس الوزراء؟

إذاً نحن أمام كارثة بيئية في ظلّ تراكم المزيد من النفايات، وهي وصلت  إلى حدّ قطع بعض الطرقات.

 أزمة تعلن إثرها الدول المتقدمة حالة طوارئ بينما في لبنان حدث ولا حرج. والمتوقع  أن تنفجر الأزمة وأن تتوزع شظاياها على المناطق، في اليومين المقبلين على أبعد تقدير خصوصاً أنّ قدرة استيعاب مراكز تجميع النفايات هي أربعة أيام بعد اقفال المطمر.

وتزامنت أزمة مطمر الناعمة مع انتهاء عقد شركة سوكلين المختصة بجمع النفايات وطمرها منذ العام 1994،  فقد علّقت شركة “السوكلين”  عملها منذ مساء يوم الأحد الفائت وتوقفت عن جمع النفايات من بيروت وجبل لبنان إذ لم تتبلغ رسميا أي طلب أو مسعى لتمديد العقد معها.

نفايات

هذا وأكّد مصدر خاص لـ«جنوبية» أنّه “لا يوجد مساع لتجديد العقد في الوقت الراهن”. وأضاف المصدر أنّ “باب المناقصة لم يفتح بعد لأنه لم يتم تقديم أية مناقصة لا من “سوكلين” ولا من شركة غيرها حتى الآن”.

وقد  فرضت هذه  الأزمة المستجدة واقعًا بيئيا ضاغطا على بلديات عاليه والشحار الغربي، إذ بات على كل بلدية أن تتحمل مسؤوليتها في معالجة نفاياتها، علمًا أن هذه البلديات لا تمتلك الامكانات اللازمة لمواجهة هذه الأزمة.

 وفي هذا السياق، قال رئيس اتحاد بلديات اقليم الخروب محمد بهيج منصور لموقع جنوبية: “مبدئيا نعمل على مداواة المسألة، وكلّ بلدية عليها تحمّل المسؤولية، ذلك أن الدولة لم تستطع حلّ هذه الأزمة”. وأكّد أنه “لا يمكن استمرار الوضع على هذا الحال، ولا نستطيع الصمود كثيرا إذا لم تساعدنا الدولة”. لافتًا إلى أنّ “امكانات المادية للبلديات والاتحادات لا تستوعب هذه الأزمة خاصّة شراء أرض لطمر النفايات”. وتساءل منصور: “أي سيارات ستنقل النفايات إلى مكان طمرها  في حال تواجدت هذه الأرض؟”.

 نفاياتكما صدر بيان عن بلدية سبلين طلب  من الأهالي التعاون ورمي النفايات المنزلية ضمن حديقة المنزل واعتماد طريقة دفنها ضمن حفرة في حديقة المنزل وعدم رميها في المستوعبات حتّى لا تتراكم”. أما في بيروت فأكّد مصدر خاص لـ “جنوبية” أنّه “يوجد حلّ خاص لبيروت و بلدية المدينة تعمل على حلول مع شركة “سوكلين”، التي تتواجد على عقار تابع للبلدية وبالتالي يوجد خزان يستوعب كميات من النفايات ولكنه ليس حلّاً نهائياً”.

وفيما المخارج الممكنة لهذه الأزمة الخطيرة تبدو غير متوافرة عند معالي وزير البيئة محمد المشنوق الذي  صارح موقع “جنوبية” وكشف عن  “تعذّر وضع خططٍ استراتيجية الآن لمشكلة النفايات، فلا بدّ من اعتماد حلول آنية” وشدّد بعد اجتماع لجنة البيئة النيابية في المجلس النيابي برئاسة النائب مروان حمادة، على ضرورة عدم وقف جمع النفايات.


وأكد  المشنوق أنّ شركة سوكلين تتابع جمع النفايات خارج إطار العقد الذي انتهى في 17 تموز، وهناك رغبة كاملة للتعاون مع كل البلديات”، مشيرا الى وجود 670 مكبا للردميات. 

وتابع: “النفايات ستتكاثر وتطوف على الجميع وهذه المسألة ليست مذهبية ولا طائفية وعلى البلديات والمكبات التعاون معنا، وعلى المواطن والمجتمع المدني مسؤولية ودور كبير في ملف النفايات“.

بدوره قال النائب مروان حمادة: “مشكلة النفايات هي مشكلة وطن وأوّل الحلول التي يجب البدء بها رفع النفايات وفضّ العقود والبحث بجدية بموضوع المحارق، وتوصلنا الى آلية جديدة لمعالجة ازمة النفايات بدءًا من اعطاء البلديات حقوقها والنظر في تسهيل عملها في هذا الملف“.

 علمًا أن مصدراً خاصّاً أكّد لجنوبية أنّ “شركة السوكلين توقفت عن جمع النفايات في كل المناطق ويقتصر الأمر في مدينة بيروت على كميات قليلة”. وتابع المصدر أنّه “في الأيام المقبلة ستتوقف سوكلين نهائيا عن جمع النفايات بسبب عدم توفّر أماكن لتفريغها في ظلّ تسكير مطمر الناعمة”.

إلى ذلك، ما زالت الحركة البيئية اللبنانية ونشطاء بيئيون يسعون إلى منع إعادة تشغيل مطمر الناعمة ويواصلون تجمعهم أمام المطمر لمنع إعادة فتحه. وأكّد عضو في حملة إقفال مطمر الناعمة لجنوبية أنّ “الإقفال بات من دون رجعة ولن يفتح نهائيًا ولو بالقوّة”. مضيفًا: “منطقة الناعمة تعاني كارثة بيئية يوميًا تنعكس على سلامة أبنائها، فقد كثر ولادة أطفال يشكون من الربو، وزادت حالات العقم لدى النساء، فمن غير المنطقي أن تتحمل منطقة الناعمة  وحدها مسؤولية النفايات وعلى كل بلدية أن تهتم بنفاياتها”.

السابق
جريصاتي بعد اجتماع التكتل: ماذا يعني الحياد في رئاسة الدولة؟
التالي
بعد مواقفه الضبابية والمشاغبة على الحريري: لماذا جعجع في السعودية؟