هل يغرق اللبنانيون مجدداً بالنفايات الشهر المقبل؟

لم يستطع لبنان أن يحلّ حتى اليوم قضية مواطنيه العسكريين المخطوفين، وعجز سابقاً عن انهاء ملفات حياتية عدة على رأسها سلسلة الرتب والرواتب، والخرق الوحيد الذي زرع الرضا لدى المواطن هو ملف الفساد الغذائي والعقاري، وغداً تدخل الحكومة في نفق جديد، لا يزال مظلماً وغامضاً تفوح منه رائحة النفايات.

في 17 كانون الثاني الآتي، ينتهي عقد شركة سوكلين وستبقى النفايات مكانها. الوزارة تحاول تدارك الأمر والاسراع في انتشال الملف من البؤرة السياسية. واستطاعت اللجنة الوزارية لمعالجة موضوع النفايات الصلبة أن تخرج بخطة جديدة، يشكك المجتمع المدني واهالي المناطق المتضررة من مطمر الناعمة في صدقيتها وفاعليتها. وغداً موعد يجمع الخطة بوزراء الحكومة لاقرارها وبدء بالمناقصات.

“متكلين على الله”، يقول وزير البيئة محمد المشنوق الذي لم يلمس في اللجنة أو خلال اتصالاته أي معارضة على الخطة الجديدة، لكنه على استعداد لتوضيح أي ملاحظة جديدة. ويؤكد لـ”النهار” أن “مشكلة النفايات الصلبة يتم معالجتها من جانب بيئي وليس سياسياً”. قضية النفايات ليست جديدة، “وربما الحلول أتت اليوم لأن هناك استحقاقاً يقترب ولأنه آن الاوان أن نتخلص من هذا الموضوع”.
أما رئيس الحركة البيئية اللبنانية بول أبي راشد فيرى أن “التطورات الأخيرة في ملف النفايات الصلبة غير جدية ولا تأكيدات بأنه ستتم الموافقة غداً على قرار اللجنة، انها لعبة ومزحة”، متسائلاً: “لماذا لم تقرْ الخطة منذ أشهر، ولماذا هذه المماطلة؟”، ليخلص إلى أن “ان ما يجري هو مشروع مماطلة للتمديد لمطمر الناعمة وشركة سوكلين، لأن أي بلدة في لبنان لن تقبل بالخطة الجديدة”.
نعم، أقرت الخطة، لكنها لن تغلق مطمر الناعمة، ويقول المشنوق: “لا تذكر الخطة أن النفايات لن تدخل في 17 كانون الثاني مطمر الناعمة، بل أولاً يجب أن نسير بالمناقصات والاعلان عنها”. إذا هل سنشهد تمديدا جديداً؟

المناقصات بعد الاقرار
تحليل النتائج ودراسة فترة المناقصات قد يدفع نحو تمديد جديد، ويوضح المشنوق: “المناقصات ستحصل على ملفين، الأول: الجمع والكنس واللم، والثاني: المعالجة والطمر، وسنرى أي شركات ستقدم السعر الأفضل واي منها ستراعي الاسس البيئية والاساليب المناسبة لعملية التنفيذ، وعملية تقديم العروض والاطلاع عليها يحتاج بضعة اشهر، والمهم أن نضع الملف على السكة الصحيحة”.

أهالي الناعمة وقضية اضافية
أهالي الناعمة لن يسمحوا في ادخال النفايات إلى المطمر بعد 17 كانون الثاني، لكن المشنوق يؤكد أن “القرار ليس باقفال مطمر الناعمة انما بمجرد انتهاء العقود مع سوكلين سيقفل الناعمة في 17 كانون الثاني وحينها من الطبيعي ألا تدخل النفايات إلى المطمر، لكن أي تمديد قد يكون من أسبوع لثلاثة أشهر حسب الحاجة إلى حين إنهاء المناقصات، فأهالي الناعمة الذين ضحوا كل هذه السنوات، حينها امامهم أسابيع إضافية لانجاز هذه المناقصات”.

لكن أبي راشد يشكك في قضية التمديد لأشهر فقط، ويقول: “إلى حين اختيار مكان المطمر يوافق عليها الأهالي وبناء مركز معالجة نفايات نحتاج إلى سنتين، لكن الحل بالاعتماد على البلديات قد ينتهي بشهر واحد فقط”.
يتنقل أهالي برجا والجية وسبلين من مسؤول إلى آخر، خوفاً من اعتماد المطمر قرب مناطقهم، لكن المشنوق يشدد على أن الحكومة أو اللجنة لم تحدد أي مكان للمطمر، وهذا الأمر متروك للمتعهد، وحينما يقدم عرضها سنبحث في المكان الذي حدده للمعالجة والطمر والفرز وسنتأكد أن التنفيذ يتم بحسب الشروط البيئة”.

البلديات بدل الشركات؟
يحاول المجتمع المدني طرح فكرة اهتمام البلدية بمسؤولية جمع النفايات ومعالجتها، ويلفت أبو راشد إلى أن “الحكومة لا تأخذ برأي البلديات التي ليس لديها أي علم بأن الحكومة تجه نحو 20 سنة عمل مع شركات عبر عروض أسعار لمعالجة النفايات”، واصفاً هذا الأمر بـ”الخطأ الجوهري لأن البلديات وبحسب القانون هي المسؤول الأول عن موضوع النفايات، واليوم هناك من يأخذ دورها ويدخل أرضها، ويأخذ الكلفة من عائدات الصندوق البلدي المستقل”.
ويعتبر أن “الحل الأمثل لمشكلة النفايات هو عبر البلديات التي عليها أن تجمع النفايات وتعالجها عبر مراكز لا تحتاج إلى مطمر ولا الى محرقة وهذا ما أثبتناه للوزراء، ولا ندخل عبر هذا الحل بمزيد من الديون بل نحصل على ألموال”.
يعتمد حل المجتمع المدني على اللامركزية، ولا يحتاج إلى محارق أو مطامر أو المال بحسب ابي راشد الذي يذكر بأن هناك ” 60% من النفايات مواد عضوية تتحول في اقل من شهر إلى سماد، 30% من النفايات تباع وقابلة للتدوير و5% إلى 8% مواد يمكن أن يكون هناك استرداد حراري منها أو حلول اخرى، وتبقى كمية قليلة جداً نأخذها إلى المقالع والكسارات والمناطق المشوّهة لترديمها لانها لا تتفاعل مع الطبيعة ولا تؤذي”.
أما المشنوق فيشير إلى أن “هذا الموضوع تم طرحه في فترة سابقة كحل طوارىء، وفي حال لم نصل إلى اي نتيجة بالمناقصات، (فرضية)، فعلى البلديات أن تتحمل مسؤولياتها وتعالج الأوضاع، فالمناقصات تحتاج إلى بضعة أشهر لانهائها، والأهم هو الاسراع في طرحها والسعي في تعجيل استلام العروض”.
وسأل ابي راشد المشنوق: “لماذا لا يعتمد الوزير خطة البلديات اليوم طالما وضعها في اطار الطوارىء ولماذ يذهبون إلى ايجاد مطمر جديدة؟”، يجيب المشنوق: “لأن البلديات لا تحل المشكلة، ولير المجتمع المدني ماذا فعل بالمكبات على أبواب البلديات، اذ هناك 760 مكباً عشوائياً، راضية عنها البلديات”، متسائلاً: أين ستذهب كل بلدية بنفاياتها؟”. ويضيف: “نحترم المجتمع المدني، لكن المجتمع المدني لم يستطع أن يحل القضية، وحلوله قد تنفذ على نفايات قرية وليس مدينة “.
ويرى أن “حل عبر البلديات سيوجد مشكلة كبيرة”، متسائلاً: “أين ستذهب بلدية بيروت بنفاياتها؟ فلديها أكثر من 700 طن من النفايات، أما الضاحية الجنوبية فلديها وحدها 900 طن من النفايات، وقضية اللجوء إلى الحل كحالة الطورى هي فقط حتى لا تأكل الزبالة الناس”.

ثلاث شركات لثلاث مناطق
الخطة الجديدة تقسم لبنان إلى مناطق خدماتية، وكل شركة ستهتم بمنطقة ولها مناقصتها، ولا تستطيع أن تستلم منطقتين، ويقول المشنوق: “سنرى ثلاث شركات تعمل على الأرض بحسب الخطة الجديدة، وحاليا هناك ثلاث مناطق خدماتية، أ – محافظة الشمال وعكار، ب – كسروان والمتن وبيروت وج – بعبدا وعاليه والشوف، وفي المرحلة الثانية ندخل إلى الجنوب والبقاع وغيرها”.

بيان

وجّه رؤساء بلديّات: الدكوانة، وسن الفيل، وفرن الشباك، والشّياح، والحازمية، وعاريا، والكحالة، وحمانا، والكنيسة، وبسوس، وبدادون، وحومال، والعبادية وشويت كتاباً إلى مجلس الوزراء أعلنوا فيه رفضهم لـ”خطّة النفايات المقترحة على مجلس الوزراء، إذ إنّ إدارة النفايات هي من صلاحية البلديّات استناداً إلى المواد 13 و17 من قانون المحافظة على النظافة العامّة والمواد 49 و61 و74 من قانون البلديات”.
كما رفض الكتاب “رفضاً قاطعاً سياسة الإحتكار لقطاع النفايات في لبنان والكلفة الباهظة المترتبة عنها والتي ستضاف إلى الدّيون التي تتحملّها البلديات منذ 20 عاماً بسبب العقود التي وقّعت مع شركة سوكلين”. وعارض كذلك “معالجة النفايات بالطمر والحرق في حين توجد تقنيّات نظيفة بيئيّة تمكّننا من الإفادة من نفاياتنا كإعادة الإستعمال والتدوير والتسبيخ والإسترداد الحراري وإستخدام العوادم في تكوين المناطق الطبيعية المشوّهة”.
ورفض الكتاب كذلك التّمديد لمطمر الناعمة – عين درافيل إذ يكفي أهالي منطقة الشحّار ما تحملوه من ضرر صحي وبيئيّ ناتج عن نفايات بيروت وجبل لبنان خلال 17 عاماً.
وأعلن رؤساء البلديات الاستعداد “لتحمّل مسؤوليّة إدارة نفاياتنا من كنس وجمع وفرز ومعالجة بالطرق البيئيّة السليمة”.

السابق
المطلوب خطوات من كل الأطراف لتسهيل الحل
التالي
أهالي العسكريين عند عون سعياً للمقايضة