هكذا قضى حزب الله والنظام السوري على «جمّول»

رفض قادةُ جمول إبتزاز "عنجر". ردَّ قائد المقاومة جورج حاوي وأحد قادتها الميدانيين الياس عطالله على العميد السوري غازي كنعان بأنهما لا يمكنهما قبول رهن دماء الشهداء خدمةً لأجندة النظام السوري. فحدث بعدها ما حدث: مطاردات وتضييق وخطف واغتيالات... فكانت نهاية جمول!

في 16 أيلول عام 1982، وبعد مئة واربعة ايام على الإحتلال الإسرائيلي للبنان اعلن جورج حاوي الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني يومها ومحسن ابراهيم الأمين العام لمنظمة العمل الشيوعي إنطلاقَ جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ضد الإحتلال الإسرائيلي “جمول”.

اوضحَ البيان التأسيسي الذي صدر من منزل الشهيد كمال جنبلاط في المصيطبة اهداف “جمول” في وطن سيد حر مستقل عابر للطوائف.

يوم عزت فيه الرجال، إنطلق المقاومون الوطنيون على مساحة كل المناطق اللبنانية المحتلة ليواجهوا العدو بما تيسر من اسلحةٍ قديمة مسحوا عنها الغبار وابدعوا.

قاوموا وحدهم طيلة عشر سنوات تعرضوا خلالها للطعن والغدر والطرد واحياناً الإغتيالات من “ذوي القربى”. كان الجميع ضدهم من الدولة بكامل اجهزتها إلى البيئة التي نثر افرادٌ منها الأرز على دبابات الإحتلال في الجنوب. ومع هذا، وصلت جمول إلى رأس العمالة انطوان لحد الذي اصابته المناضلة سهى بشارة بالمسدس الشخصي لأبي انيس. كما تم قبل ذلك تدمير إذاعة العملاء في بلدة مرجعيون، إلى غير ذلك من العمليات النوعية التي يضيق المجال لذكرها في هذه العجالة.

نفذت جمول اكثر من 5000 مهمة بينها 1113 عملية بطولية، شارك فيها ما يزيد على 7000 مقاوم وطني وقدمت 183 شهيداً و1200 جريح و3000 معتقل.

جمّول

طيلة عشر سنوات لم يطلع من جمول عميلٌ واحد ولا مُرتَشٍ واحد ولا تاجر مخدرات (او كبتاغون) واحد ولا مالك فلل وقصور واحد. دخلها المقاومون الوطنيون “فقراء” وخرج من خرج حياً منهم مُعدماً فاقداً لأبسط حقوقه كمواطن ضحى بحياته من اجل وطن حرٍ تسوده العدالة والمساواة وتكافؤ الفرض.

فماذا حصل؟

رفض قادةُ جمول إبتزاز “عنجر”. ردَّ قائد المقاومة جورج حاوي وأحد قادتها الميدانيين الياس عطالله على العميد السوري غازي كنعان بأنهما لا يمكنهما قبول رهن دماء الشهداء خدمةً لأجندة النظام السوري في ما كان يسمى يومها “تلازم المسارين”. تملص جورج حاوي من الإبتزاز ورد على رجل النظام السوري يومها بأنه لا بد من العودة إلى القاعدة لاتخاذ مثل هذا القرار.

وحدث بعدها ما حدث…

مطاردات وتضييق وخطف واغتيالات…

فكانت نهاية جمول!

إستلم حزب الله “رسمياً”، وإن دون حفل تسلمٍ وتسليم، إستلم “الشعلة” فكان له وللنظام الذي يحميه ما اراد.

لا يمكن بطبيعة الحال التبخيس بمقاومي حزب الله او عدم إيفائهم حقهم في التضحية والبطولة ودماء الشهداء. إلا انه والحق يقال، فإن “المقاومة” لم تعد مقاومة وتلاشت بطبيعة الحال اهداف جمول في وطن حر سيد مستقل تسوده العدالة والمساواة ويكون عابراً للطوائف. اهداف ما اصطُلح على تسميتها بأنها “المقاومة الإسلامية” كانت مختلفة تماماً وإن من غير إعلان. فالوقائع حكت وكذلك التجليات.

إقرأ أيضاً: من بهجة «جمّول» إلى بؤس «المقاومة»

على عكس جمول إستخدم حزب الله “المقاومة” بمناسبةٍ ومن دون مناسبة أداةً للتخوين والترغيب والترهيب. لم يتعب حتى اليوم من تمنين الناس بتضحيات شهدائه. ما حصلت عليه “المقاومة الإسلامية”، وهي القوة الضاربة الإيرانية في المنطقة، ما حصلت عليه من تسهيلات وإمدادات واموال لم تحصل جمول على واحدٍ بالمئة منه.

مقاتلو حزب الله مثلاً يقبضون رواتب دسمة ويتمتعون بامتيازات ومساعدات طببة وتعليمية وعينية ومادية مغرية فيما كان مقاومو الحزب الشيوعي يدفعون من جيوبهم (الفقيرة اصلاً) من اجل إنجاع عمليةٍ ما ضد الإحتلال وعملائه، وبمعادلةٍ وطنية سريعة، ربما يكمن هنا الفارق، كل الفارق.

إقرأ أيضاً: جمّول و «الرصاصة» الأولى!

فيما خرج ابطال جمول “نظيفين” كما دخلوا طلع من “المقاومة الإسلامية”، التي يقبض عناصرها رواتب ومخصصات مغرية كما اسلفنا الإشارة، طلع منهم عملاء وفاسدون وتجار مخدرات واصحاب رانجات وفلل وقصور. هذا فيما يعاني ابطالُ المقاومة الأولون من حرمان الدخول إلى المستشفيات والعمل وتعليم ابنائهم على حبِ وطنٍ.. لم يجدوا فيه ذرةَ وفاءٍ واحدة مما قدموه في سبيله.. وسبيلنا جميعااً.

واقع الحال اليوم دفع الكثير من المقاومين، دفع الشهداء الأحياء منهم، إلى الكفر بـ”مقاومة” صارت كل شيء.. إلا مقاومة!

السابق
الكهرباء تسرق نصف الحدّ الأدنى من أجور لبنان
التالي
مفتي الديار المصرية التقى فضل الله