نظراً لكثرة أعدادها الآتية من فلسطين المحتلة إلى الجنوب اللبناني، تتزايد عمليات صيد الخنازير في منطقة العرقوب، حيث تحوّلت شيئاً فشيئاً إلى مهنة يمارسها بعض أبناء المنطقة. منهم علي حسن شبلي الذي يمارس وأولاده هذه المهنة بالمشاركة مع أشخاص من الطائفة الأرمنية يأتون من خارج المنطقة.
بدأت عائلة شبلي هذا النوع من الصيد منذ سنوات عدّة: “لا يعرف السبب إلاَّ من يعيش هذه الأمور على حقيقتها”. ويتابع: “منطقتنا محاذية للجولان السوري، وأراضينا امتداد لفلسطين المحتلة، وهناك أعداد كبيرة من الخنازير تخرج من الأراضي المحتلة لتدخل أرضنا، ومن المستحيل التصدي لها عند خروجها. في الوقت عينه غير مسموح لنا الوصول الى القسم المحتلّ من أراضينا”.
يؤكّد شبلي أنّه لا يكسب عيشه من هذه المهنة: “السبب هو دخول أعداد كبيرة من الخنازير منذ العام 1978، والأعداد في تزايد مستمرّ لأنّ أنثى الخنزير تلد بمعدّل خمسة جِراء وأحياناً ثمانية. والحلّ الوحيد لمنع إتلاف المزروعات هو صيدها”.
معروف أنّ الخنزير يكسر الشجرة ليأكل الثمر ويأكل العنب والتين والخوخ والاجاص، ويدخل الصحارى ويحرثها. وقد دفع اهالي العرقوب أثماناً غالية بتلف صحاريهم ومزروعاتهم من القمح والذرة والحمص والعدس: “ولأنّه محرّم في ديانتنا الإسلامية ليس هناك من طريقة أخرى للقضاء عليه إلا بصيده وبيعه، حتّى لا نصطاده ونتركه يتعفّن وتأكل منه الحيوانات الأخرى، مثل الذئاب والضباع والثعالب، والغربان والنسور”، يقول شبلي.
آل شبلي وجدوا سوقهم لدى المسيحيين: “حدّد أصدقاء أرمن لنا ثمن الخنزير الصغير بـ100 دولار والكبير بـ200 دولار”. والخنازير التيلا يصطادها آل شبلي وزملائهم من مزارعي العرقوب تصطادها القنابل العنقودية التي زرعتها إسرائيل في حرب تموز 2006.
الخنزير إذا أصيب إصابة خفيفة قد يقتل الصيّاد، لذا يخرج الصيّادون بمجموعات. ويساعد شبلي أولاده، وأحدهم لم يتجاوز الـ19 من عمره. وقد تعرّف إلى رجل يُدعى ساكو وإلى زوجته لويزا بعد تحرير الجنوب العام 2000. يومها أتوا الى المزرعة لصيد السُمّن، فدعاهم شبلي إلى شرب القهوة. توطّدت العلاقة إلى صداقة مع مجموعة من الأرمن من مناطق لبنانية مختلفة، وكلّهم من صيادي طير السمّن والفرّي وغيره من الطيور.
لا وجود لأيّ رقابة على الصيد هناك. الأفضل صيدها ليلاً، يقول شبلي: “على مداخل الصحارى أو منابع المياه. ونحاول أن تكون إصابته في العنق، ثم نعمل على تفريغ معدته ثم نبيعه”.
رئيس بلدية راشيا الفخار السيد سليم يوسف قال لـ”جنوبية” إنّه “في البداية كانت الأضرار من هذه الحيوانات محمولة (أي ليست كبيرة) وكان محورها سهول المجيدية ومزرعة حلتا، لكن بعد الثمانينايت من القرن الماضي باتت الأضرار لا تُحتَمَل. ومن بلدتنا راشيا الفخار لا صيادين، فصيادو الخنازير يأتون إلى خراج بلدتنا “مزرعة الخريبة” من مجدل عنجر والقرى المجاورة، مثل الفرديس وكوكبا والهبّارية وحلتا والماري”. وتابع: “كلّ صيّاد ينوّع أسلوبه في عمليات صيده، فهناك مزارعون عملوا على وضع السمّ لهذا الحيوان، ونحن ضد هذا الأسلوب من صيد الخنازير، ليس لفضائل أو منافع الخنازير، إنما للأضرار التي تلحق بالحيوانات الأخرى، التي تأكل من جثث الخنازير الميتة. ويمكن نصب الافخاخ لهذا الحيوان كما يمكن التقاطه حيًا”.
أهل العرقوب يصطادون الخنازير ويبيعونها للأرمن
رئيس بلدية راشيا الفخّار سليم يوسف يقول إنّ "الأضرار التي تلحقها الخنازير بمزروعاتنا أصبحت لا تحتمل". فمئات الخنازير نفقتْ بواسطة الألغام والقنابل العنقودية التي زرعتها إسرائيل في المنطقة بعد حرب تموز 2006. الصيّاد علي حسن شبلي يقول لـ"جنوبية": بدأنا صيد الخنازير كمهنة منذ العام 2000 بمشاركة صيادين من الأرمن"، ويتابع: "دفعنا أثماناً غالية نتيجة تلف مزروعاتنا بسبب الخنازير".