اللواء: سليمان يعتبر المذكّرات السوريّة رداً على موقفه وسلامة يتخوّف

محتويات "الداتا" (Data session" وسلسلة الرتب والرواتب لموظفي القطاع العام، ومذكرات التوقيف السورية بحق الرئيس سعد الحريري والنائب عقاب صقر وملف النواب المهددين، اربع ملفات ساخنة غابت عن مجلس الوزراء، مع ان المعالجة الجدية كانت تستدعي جلسة او اكثر لكل ملف منها، لكن سياسة النأي بالنفس ارتأت ان تبعد السخونة عنها، بحجة ابعاد السخونة عن الاستقرار العام.

وفيما غرق مجلس الوزراء في انجاز جدول اعمال مالي ووظيفي وعقاري تناهز بنوده الـ70 موضوعاً، منها تعديل نظام التعويضات والمساعدات للموظفين والموظفات وجميع المتقاعدين في الادارات العامة بدوام كامل وفي الجامعة اللبنانية، والمتعاقدين والمتعاملين بدوام كامل مع وزارة الاعلام، كانت هيئة التنسيق النقابية تنظم مسيرة بعنوان "تعبيراً عن الغضب والاستنكار"، انطلقت من ساحة البربير وسارت على الاقدام الى السراي الحكومي. ورفعت خلالها شعارات ويافطات تطالب باقرار السلسلة، وسط شلل في ادارات الدولة ومؤسسات التعليم والمدارس الرسمية والمهنية، واقفال خجول في المدارس الخاصة، وأكد بعدها النقابي حنا غريب لـ"اللواء" ان ايام الدراسة التي خسرها الطلاب نتيجة الاضراب سيصار الى التعويض عنها خلال ايام العطل، مؤكداً "اننا نريد حقوقنا كاملة ولن نرضى بشق القطاعين العام والخاص"، مشيراً الى ان الهيئة ضربت موعداً اسبوعياً للاضراب والنزول الى الشارع مع كل جلسة حكومية.

وكشف مصدر اقتصادي لـ"اللواء" ان حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، ابلغ مجلس الوزراء صراحة والرؤساء والوزراء الذين التقاهم انه لن يتحمل مسؤولية اية تداعيات قد تترتب عن تمويل السلسلة واحالتها الى مجلس النواب على الصعيد النقدي.

على ان اللافت في الجلسة الحكومية، وقوف الجميع بمن فيهم رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة في اتجاه واحد مع رفض طلب الاجهزة الامنية تزويدها "بداتا" الرسائل النصية، بعدما تبين لديها ان المتورطين في جريمة اغتيال اللواء وسام الحسن استخدموا هذه التقنية في اتصالاتهم لتنفيذ الجريمة، بحجة انهم لا يستطيعون كشف البلد بهذه الطريقة واستباحة خصوصيات الناس، ولم يتسنَّ خروج وزير واحدة بالمجاهرة بتأييد طلب الاجهزة من اجل توفير الامن للناس.

واستند الوزراء وفي مقدمتهم وزير الاتصالات نقولا صحناوي في تبرير رفض اعطاء "الداتا" ان كشف الاتصالات من شأنه ان يؤثر على السرية المصرفية، وعلى عمل المؤسسات والشركات التي تعمل في لبنان، عندما يصبح كل شيء مستباحاً.

واستناداً الى نقاش وزاري اخذ جانباً من الجلسة، تقرر بالاجماع عدم الموافقة على الطلبات المتعلقة بالمعلومات عن محتويات Data session والمعلومات كافة المتوافرة عن المشتركين في بعض الخدمات، وتكليف وزيري الداخلية والاتصالات متابعة هذا الامر، وحصر تزويد الاجهزة الامنية بالمعلومات التي قد تحتاجها بالارقام المشبوهة وفقاً للاصول المرعية.

واوضحت المصادر الوزارية، ان الوزير مروان شربل بقي صامتاً اثناء مناقشة هذه المسألة، لكنه ابلغ المجلس، بأن المسؤول في تيار "المستقبل" ماهر ابو الخدود حمل اليه في الاسبوع الماضي لائحة بشخصيات من التيار معرضين لاخطار نتيجة تلقيهم تهديدات، طالباً تأمين الحماية لهؤلاء الأشخاص، وانه أجابه بأن لديه عناصر كافية لتأمين هذه الحماية، ناصحاً بالاستعانة بشركات أمن خاصة، على اعتبار أن العناصر الأمنية غير مدربة على حماية الشخصيات المهددة، ولفته الرئيس نجيب ميقاتي إلى أن هذا الموضوع سيكون موضع اجتماع أمني سيعقده لاحقاً في السراي.

وبالفعل، أعلن شربل بعد هذا الاجتماع الذي اقتصر حضوره على المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم ومدير عام امن الدولة اللواء جورج قرعة، والمدير العام لقوى الأمن الداخلي بالوكالة العميد روجيه سالم، على انه تمّ تكليف قوى الأمن الداخلي باستخدام كافة الأجهزة التابعة لها، بالتنسيق مع باقي الأجهزة الأمنية لحماية جميع السياسيين الذين من الممكن أن نؤمن لهم الحماية والارتياح النفسي والجسدي في الوقت ذاته، لافتاً إلى أن هذا الامر سيتم قريباً وبالتواصل مع الاشخاص الذين نعرف انه يمكن أن يكونوا معرضين للخطر، مشيراً الى بعض الصعوبات في ما يتعلق بالامكانات البشرية والمادية.

ولفت إلى أن حماية الشخصيات تتطلب تدريباً شبه اسبوعي، وهو أمر غير متوفر، مبدياً اعتقاده بأن لا أحد في العالم يستطيع حماية شخصية أكثر من نسبة 50 إلى 60 بالمائة.

المذكرات السورية
في هذه الاثناء تفاعلت قضية المذكرات السورية على الصعيدين السياسي والقضائي، خصوصاً بعدما تردّد في الكواليس السياسية، أن هذه المذكرات لا تستهدف فقط تيّار "المستقبل" بشخص الرئيس سعد الحريري، بقدر ما تكشف عمق الأزمة بين النظام في سوريا والرئيس ميشال سليمان، والتي كشف عن جانب منها رئيس تيّار "المردة" النائب سليمان فرنجية مؤخراً، ولا سيما في اعقاب الكشف عن مؤامرة الوزير السابق ميشال سماحة، من قبل شعبة المعلومات، ودعوة القضاء الى الإسراع في إنجاز التحقيقات في هذه الجريمة.

وفي تقدير أكثر من مصدر، وبينهم مسؤول كبير غير مدني أن صدور مذكرات التوقيف السورية لم يكن فقط نتيجة بث التسجيلات الصوتية للنائب صقر التي اعتبرها الأخير مفبركة ومزورة، بل جاءت بمثابة رد على تحريك القضاء اللبناني لملف سماحة واللواء السوري علي المملوك، حيث كان مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر قد طلب من قاضي التحقيق العسكري الأوّل رياض أبو غيدا استدعاء اللواء مملوك ومدير مكتبه العقيد عدنان، بعدما ادعى عليهما بتهمة محاولة القتل والقيام بأعمال إرهابية.

وبناء على هذا الطلب، قرّر أبو غيدا أمس استدعاء الرجلين للاستماع إلى افادتيهما في قضية سماحة، مستبعداً في الوقت عينه دعوة المستشارة الرئاسية السورية بثينة شعبان كشاهدة في هذه المرحلة من التحقيق. وتقرر إرسال القرار إلى وزارة الخارجية بواسطة وزارة العدل لابلاغه إلى قاضي التحقيق العسكري الأوّل في دمشق.

واللافت انه في أعقاب صدور هذا القرار، سارع السفير السوري في لبنان علي عبدالكريم علي إلى الإعلان من منبر وزارة الخارجية التي زارها واجتمع إلى الوزير عدنان منصور أن سوريا رفعت دعوى ضد من شارك وساهم وحرض وموّل وسلّم السلاح إلى من وصفهم "بالمجموعات الارهابية" في سوريا، وانه اوكل إلى المحامي رشاد سلامة متابعة هذه الدعوى، الا أن المحامي سلامة قال لدى سؤاله عن التكليف ان الموضوع لا يزال قيد الدرس وانه لم يقدم أي شكوى، في حين أكد المحامي العام الأول في دمشق محمد مروان اللوجي أن قاضي التحقيق الأول أصدر ثلاث مذكرات توقيف غيابية في حق كل من الرئيس الحريري والنائب صقر ولؤي المقداد، وأنه أرسلها عن طريق الانتربول الدولي، معتبراً أن الجرائم المرتكبة من قبل هؤلاء إرهابية.

أما الرئيس الحريري فسارع إلى إصدار بيان اعتبر فيه أنه "من سخرية القدر أن يتحوّل الوحش إلى إنسان ينطق بالعدل ويصدر الأحكام"، واصفاً الرئيس الأسد بأنه "وحش كامل المواصفات فقد صلاحيته الأخلاقية والإنسانية والسياسية، وهو مطلوب إلى عدالة الشعب السوري التي سيمثل أمامها عاجلاً أم آجلاً، كما أنه سيمثل بالتأكيد أمام العدالة اللبنانية، وهو الذي شارك عن سابق إصرار وتصميم في عمليات الاغتيال والإرهاب وإرسال المتفجرات لإثارة الفتن بين اللبنانيين.

قانون الانتخاب
وعلى صعيد آخر، أكدت مصادر نيابية في المعارضة أنها قررت تحييد إقرار قانون جديد للانتخابات عن المقاطعة، وهي في صدد دراسة الطريقة الأفضل لذلك، بما يلائم وضعها الأمني في ظل التهديدات بالجملة لبعض قياداتها، وفي هذا المجال فإن الوفد الذي انبثق من اللقاء الأول في منزل النائب بطرس حرب والذي يضم النواب: مروان حمادة وسمير الجسر وإيلي ماروني وجوزف معلوف سيزور الرئيس بري اليوم لوضعه في أجواء ما توصلت إليه المشاورات.

وحسب مصدر نيابي بارز شارك في الاجتماعين، أن الاتجاه لحضور أول اجتماع للجنة التواصل الانتخابية في المجلس، على أن توزع بعدها أماكن الاجتماعات خارج المجلس وحسب ترتيبات معينة، كبادرة حسن نية، علماً أن أسماء النواب الذين سيشاركون قد تخضع لتغييرات بما يتماشى مع هذه المستجدات.

وجدد الرئيس بري، كما نقل عنه النواب بعد لقاء الأربعاء أمس، التأكيد على تفعيل عمل المؤسسات الرسمية وفي مقدمها مجلس النواب، مشيراً إلى أنه سيتابع الموضوع مع نواب 14 آذار الذين طلبوا موعداً للاجتماع معه.

وشدد على ضرورة الانصراف إلى معالجة كل الاستحقاقات التي تهم لبنان واللبنانيين بعيداً عن سياسة الانتظار والرهانات، مؤكداً في هذا المجال على أهمية استئناف درس قانون الانتخابات لبت الاستحقاق في أقرب وقت ممكن في أجواء التعاون والتوافق.

وفي هذا السياق اعتبر مجلس المطارنة الموارنة أن لبنان يقف أمام استحقاقات تحتاج الى تشريع، أهمها قانون جديد للانتخابات، داعياً إلى تأليف حكومة جديدة تشرف على الانتخابات المقبلة، وأن يكون نقاش تحت القبة البرلمانية لأنه كلما ابتعد اللبنانيون عن نقاش قضاياهم تحت قبة البرلمان ازداد خطر التوتر في الشارع،  

السابق
الأنوار: تظاهرة النقابات تهاجم ميقاتي وتتجدد اسبوعياً
التالي
الشرق: حصر اعطاء داتا الاتصالات ومضمونها بالأرقام المشبوهة