كيف صرنا مدمنين على متابعة مشاكل المشاهير الشخصية

مشاكل المشاهير
بات المشاهير اليوم الشغل الشاعل للإعلام كأنّه ليس هناك وجود لقضايا أخرى أهمّ تشغل المواطنين. ولكن فعلياً إلى أيّ مدى تعنينا حياتهم الشخصية؟

منذ فترة غير قصيرة وموجة إطلالات الوجوه الفنية الشابة الجديدة تعلو وتتكسر على شواطئ الإعلام المرئي والمسموع والمقروء في لبنان دون رقيب أو حسيب. الكثير من الأسماء التي يصعب حتى تذكرها نتعرف عليها اسبوعياً دون أن نعرف خلفية لها ولا تاريخ ولا معرفة بعالم الفن والموسيقى. كل ما نراه منها شكلا جميلاً جذاباً لا يخلو من الميوعة والإيحاءات الجنسية فتبهر البصر لدرجة تشل الآذان عن تمييز الأصوات الناشزة والمشوشة التي لا تلبث أن تتلاشى في خضم النسيان.

عدا عن كوننا مجبورين على تحمل هذا الهراء صوتاً وصورة، ها نحن اليوم أمام ظاهرة جديدة ودور جديد نلعبه مرغمين يتمثل في حل مشاكل هؤلاء. في الماضي كانت مشاكلهم لا تزال ضمن المعقول: خلاف على أموال، فسخ عقد عمل عن غير وجه حق، غيرة بين الفنانين، مشاكل مدراء الأعمال وشركات الانتاج…. أما اليوم، فنحن نواجه واقعاً صادماً حقاً. إذ تخطى هؤلاء حدود المعقول وراحوا يجاهرون بمشاكلهم الشخصية وعلاقاتهم الحميمة في العلن. هل حقًاً تعنينا مشاكلهم الشخصية ونحن لدينا من الهموم والمشاكل ما يغنينا عن تفاهة أحوالهم وسطحيتها؟

المشكلة باتت أكبر من مجرد أشخاص يشاركوننا مشاكلهم الخاصة، بل ما يدعو للاستغراب والدهشة اليوم، أولاً: تعاطف بعض الناس وخصوصا المراهقين وتفاعلهم الكبير مع هؤلاء الناس الذي يظهر واضحاً عبر مواقع التواصل الاجتماعي. إذ باتوا الشغل الشاغل للمراهقين ومحور أحاديثهم في حين أن هناك العديد من الاهتمامات الوطنية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية والتنموية التي هي أجدى بشد انتباه الشباب وتوجيه تفكيرهم اليها. ثانياً: تحول وسائل الإعلام الى منابر مفتوحة لهؤلاء تعلو فيها أصواتهم وينحدر فيها مستوى الخطاب واللغة لتمرير رسائل شخصية في حين أن البلد بأمسّ الحاجة الى هذا الإعلام لمعالجة مشكلات الناس والواقع المزري الذي يعيشونه. ثالثاً: جعل مواقع التواصل الاجتماعي حبلاً ينشرون عليه غسيلهم المتسخ في الهواء الطلق فيضطر لمشاهدته عن قصد أو غير قصد كل من مرّ بالمكان.

ماذا يجني هؤلاء من سلوكهم هذا؟ الشهرة وهم أصلاً حاصلون عليها، أم التعاطف وشد انتباه الناس، أم النكاية بآخرين؟ وهل قاموسنا العربي شطب كلمة “الخجل” من بين مفرداته؟ أم أننا بتنا مدمنين على مشاككلهم الشخصية كما لو أننا نشاهد مسلسلات حقيقية؟

السابق
ضربة جوية على قاعدة صواريخ في صنعاء تسبّب أكبر انفجار في العاصمة
التالي
نصرالله ما عاد يقنع جمهوره لكن لا أحد يجرؤ بعد