شمس الدين: النساء الضحايا مجرد أرقام!

في القوانين اللبنانية نصوص تنتهك حقوق المرأة، لكنّ مسيرة الاصلاح بدأت. نحن بحاجة الى قانون اختياري للاحوال الشخصية، والى اجتهادات في المحاكم الشرعية. ورغم النضال يبدو أنّ منح المرأة اللبنانية حق منح جنسيتها لاولادها من زوجها صعب التحقق لاسباب طائفية. هنا لقاء "إحصائي" حول المرأة والانتهاكات التي تعاني منها، والإنجازات التي حققتها مؤخرا، مع الباحث في الشركة الدولية للمعلومات محمد شمس الدين.

لم يمنع إقرار اللجان النيابية المشتركة مشروع قانون حماية النساء من العنف الأسري، في الثاني والعشرين من تموز عام 2013، من سقوط ضحية جديدة. فالجاني لم ينتظر انتهاء عمل الهيئة العامة لمجلس النواب، حتى تعرضت السيدة الشمالية فاطمة، الحامل في شهرها الثالث، للضرب المبرح من زوجها وشقيقه ووالدتهما، والأسباب – تضاربت بين مصدر وآخر- لكنّ كل منها يعد تافهاً أكثر من غيره. جريمة جديدة وضحية جديدة تُعيد ملف الجرائم الأسرية، التي كانت النساء أغلب ضحاياها، الى الواجهة، فعلاقات المحبة وأواصر القربة التي ينبغي أن تجمع أفراد العائلة الواحدة، تحولت بفعل ظروف عديدة الى حقد ووحشية.

توجهت “شؤون جنوبية الى الباحث في الشركة الدولية للمعلومات محمد شمس الدين، وكان معه هذا اللقاء الذي يعيد طرح أكثر النقاط أهمية في هذا الملف.

كانت بداية اللقاء مع شمس الدين حول وضع المرأة، في القوانين اللبنانية لجهة مواجهة العنف، فأشار إلى “أن القوانين اللبنانية  تتضمن نصوصاً تحمي المرأة كما سائر اللبنانين من العنف، ولكن كون المرأة هي العنصر الأضعف في المجتمع اللبناني، نظرا للتركيبة الاجتماعية والثقافية فإنها تتعرض لاعمال عنف وانتهاك وتكون مرغمة على القبول والسكوت، ومع الاسف فالكثير من هذه الانتهاكات قد يكون مصدرها الزوج او الأب او الأخ  او قريب اخر، وكذلك قد يكون رب العمل. من هنا أقرت الحكومة اللبنانية في العام 2010 مشروع قانون حماية النساء من العنف الاسري، وبعد إحالة المشروع الى مجلس النواب عكفت اللجان النيابية المختصة على دراسته في 39 جلسة، امتدت على مدى 14 شهرا” كان آخرها في 31 تموز 2012″.

وتابع شمس الدين كلامه مشيراً الى أنه “وفي ظل تعطّل عمل مجلس النواب فان مشروع القانون لايزال ينتظر عودة مجلس النواب الى العمل، وفي ظل الاوضاع السياسية الحالية استبعد، ان يتم اقرار القانون في الفترة القريبة القادمة وربما يتأخر الأمر الى ما بعد الانتخابات النيابية القادمة، أي الى نهاية العام الحالي 2014”.

وفي الشق المقابل، يؤكد شمس الدين أن هنالك الكثير من النصوص القانونية التي تنتهك حقوق المرأة اللبنانية، وتجعلها في الدرجة الثانية، ومنها على سبيل المثال منع الجنسية عن ابناء اللبنانية المتزوجة من أجنبي، حيث يقول: “في السنوات الماضية انطلقت ورشة تحديث وتعديل بعض هذه القوانين، فحصلت المرأة على حق ضمان زوجها واولادها، وحقها بفتح حسابات مصرفية لأولادها، وحقها في سفر أولادها ضمن اجراءات معينة، اما في موضوع منح المرأة اولادها من زوجها الأجنبي جنسيتها فالأمر معقد وله ابعاد طائفية، تتعلق بالتوازنات الديموغرافية بين الطوائف اللبنانية، لذا أستبعد اقراره. فالدراسات تبيّن ان اكثرية النساء اللبنانيات المسلمات المتزوجات من أجانب، متزوجات من عرب ومسلمين من دول يرغب افرادها بالحصول على الجنسية اللبنانية ولديهم عدد كبير من الاولاد، في حين ان اكثرية النساء اللبنانيات المسيحيات المتزوجات من اجانب، هم من دول لا يرغب افرادها بالحصول على الجنسية اللبنانية. كما ان عدد اودلاهن قليل، وبالتالي فان اعطاء المرأة هذا الحق يعني تلقائيا” اضافة وزيادة اكبر في اعداد المسلمين مقابل زيادة أقل في اعداد المسيحيين، وهنا جوهر ولبّ المشكلة، لذلك لا اتوقع ان تنال المرأة هذا الحق الطبيعي والبديهي، لأن الإعتبارات الطائفية التي تكتسب ابعادا” وطنية وميثاقية لها الاهمية الاولى”.

وحول مشروع قانون حماية النساء من العنف الأسري، يشير شمس الدين الى أن التعديلات على مشروع القانون في مجلس النواب، أبدلت تسميته ليصبح “حماية النساء وكامل افراد الاسرة من العنف الاسري، وفي مشروع القانون الكثير من المواد التي تشكل حماية للمرأة. كما تردع من يعتدي عليها بانزال عقوبات شديدة بحقه، ومن هذه النصوص (كل شخص من افراد الاسرة قتل عمداً إحدى الاناث في الأسرة أو أقدم قبل قتلها على أعمال التعذيب أو الشراسة عليها عوقب بالإعدام)، وفي نص آخر: (كل شخص من أفراد الأسرة قتل قصداً إحدى الإناث في الأسرة عوقب بالأشغال الشاقة من 20 الى 25 سنة على ان لا يستفيد من العذر المخفف في بعض الحالات تبعا” لنص المادة 562 من قانون العقوبات).

ويتابع شمس الدين: “لكن عيب هذا المشروع هو نص المادة 26 بعد تعديلها بما يرضي المرجعيات الدينية، اذ نصت هذه المادة على إلغاء جميع النصوص المخالفة وفي حال تعارضها مع احكام وقوانين الاحوال الشخصية، وقواعد اختصاص المحاكم الشرعية والروحية والمذهبية، تطبّق أحكام هذه الاخيرة” كما يقول شمس الدين. ويردف قائلا: “وهنا أتمنى العودة عن هذا النص”.

وحول عمل المحاكم الروحية والشرعية، يشير شمس الدين الى أن “المحاكم في بعض أنظمتها تطبّق نصوصاً دينية ولاسيما المحاكم لدى الطوائف الاسلامية، ومن المعروف ان لا اجتهاد في موقع النص، ولكن بعض الاحكام هي اجتهادات، ومن هنا يجب تطوير هذه الاجتهادات لتكون اكثر إنصافاً. وانا لست صاحب اختصاص في هذا الامر، بل هو بيد رجال الدين والعلماء”. ويعتقد شمس الدين أنه من “حق جميع اللبنانيين نساءً ورجالاً، مسلمين ومسيحيين، أن يكون في لبنان “قانون مدني اختياري. واشدد على كلمة اختياري للاحوال الشخصية فتُترك الحرية لكل فرد ان يختار، أما القانون المدني او القانون الديني من خلال المحاكم الروحية والشرعية، وهذا  حلّ مرحلي، وقد يشكل نقلة نوعيّة في أنظمة الاحوال الشخصية المعتمدة لدينا منذ زمن العثمانيين”.

أما عن الاحصاءات المتوفرة والتي تُحصي عدد النساء اللواتي تعرضن للعنف، من احد افراد الاسرة، فأوضح شمس الدين أنه بلغ عددها أحد عشر جريمة في العام 2010، وسجل في العام 2011 أربع جرائم، وجريمتان في العام 2012، وثماني جرائم في العام 2013، وكان من ابشعها على الاطلاق جريمتي مقتل رلى يعقوب في حلبا في عكار بعد تعرضها للضرب على يد زوجها، وجريمة مقتل فاطمة بكور(21 عاماً) ذبحا في مرياطة على يد زوجها وهي حامل في شهرها السابع ولم يمض على زواجهما اكثر من سنة.

السابق
مين هيّ ضاحية بيروت الجنوبية وشو تاريخها؟ (1)
التالي
شباط الصيداوي: حدثان تاريخيان.. بلا اغتيال الحريري