بين مواجهة «داعش» وحرب الابادة في غزة.. اين وثائق التصدي للتطرف والعنف؟!

اطفال غزة

قبل تسع سنوات تقريبا، عندما انطلق تنظيم “داعش” وسيطر على قسم كبير من العراق وسوريا، وبدا بتنفيذ عمليات اجرامية في البلدين وفي العالم، بالتعاون مع مجموعات متطرفة اخرى، انطلقت في العالم مؤتمرات ومبادرات دولية وإقليمية ومحلية، من اجل مواجهة التطرف والعنف والتشدد وتم تشكيل تحالفات دولية وإطلاق عشرات الوثائق، التي تدعو لنشر الحوار والقيول بالاخر، ومنها “وثيقة الاخوة الانسانية” التي وقعت بين شيخ الأزهر الشريف الامام الدكتور احمد الطيب وبابا الفاتيكان فرانسيس.

لا يمكن مواجهة العنف الا من خلال نشر العدل وحماية حقوق الانسان


وكما عقدت بعد ذلك عشرات المؤتمرات والندوات لشرح تلك الوثيقة وكيفية تطبيقها، وكذلك عقدت مؤتمرات في كل العالم العربي والإسلامي وفي العالم، لمواجهة العنف والتطرف، وقد قمت من ضمن دراسة الدكتوراه التي اعدها، حول كيفية مواجهة تنظيم “داعش” برصد مئات الوثائق والمؤتمرات والدراسات والندوات حول كل ذلك، وتوصلت بنتيجة الدراسة انه لا يمكن مواجهة العنف الا من خلال نشر العدل وحماية حقوق الانسان، ومواجهة الاحتلال الإسرائيلي وانهاء كل مظاهر القهر والقمع في عالمنا، ولا سيما في فلسطين.
واليوم ونحن نشهد هذه الابادة الانسانية في قطاع غزة، وهذا الإجرام الصهيوني في غزة والضفة الغربية، والذي يتمثل بانتهاك كل المواثيق الدولية وحقوق الإنسان، وهو اخطر مما قام به تنظيم “داعش” وبقية التنظيمات المتطرفة، لانه يتم من قبل دولة وجيش منظم، وبدعم من اكبر دولة في العالم وهي اميركا، وبسكوت بقية الدول وعجزها عن مواجهة هذا الإجرام، وفشل كل المنظمات الدولية بوقف هذا العدوان.

نحن نشهد هذه الابادة الانسانية في قطاع غزة وهذا الإجرام الصهيوني في غزة والضفة الغربية والذي يتمثل بانتهاك كل المواثيق الدولية وحقوق الإنسان


لكن الاخطر في الامر ،غياب دور كل المؤسسات الحوارية وحقوق الإنسان، وغياب الجهات التي وقعت على وثائق الاخوة الانسانية، عن القيام باي دور فاعل لوقف هذه الابادة الانسانية.
ولا نشهد اليوم اي ندوة او مؤتمر لمنظمات المجتمع المدني، والمؤسسات التي كانت تتصدى للتطرف والعنف، وللاسف فان مواقف البابا فرنسيس لم تكن واضحة وفاعلة وكذلك معظم الجهات الدينية في العالم، واما الازهر الشريف فاكتفى باصدار البيانات والمواقف، ولكن لم نشهد اية مبادرة عملية لوقف الحصار عن قطاع غزة، وادخال المساعدات الإنسانية، رغم ان مقره في مصر، وهي دولة مجاورة وشقيقة لفلسطين.

كل المنظمات الدولية بوقف هذا العدوان لكن الاخطر في الامر غياب دور كل المؤسسات الحوارية وحقوق الإنسان


نحن اليوم أمام تحد حقيقي امام كل المؤسسات الحوارية، والجهات التي كانت تدعو لوقف الارهاب وادانته، ومواجهة التطرف والعنف الديني، فاما ان تبادر للعمل لوقف هذه الابادة الانسانية، او انها تساهم مرة اخرى بتهيئة الظروف لولادة عنف جديد، ردا على ما يجري في فلسطين من جرائم كبرى، وعند ذاك لن تنفع وثائق الاخوة الانسانية، ولا المؤتمرات والندوات لوقف هذا العنف، وما يجري اليوم سيكون دليلا على ان العالم لا يحكم الا بالقوة والقتال، وان كل القوانين الدولية لم تعد تنفع .
فهل تسارع مؤسسات الحوار والجامعات، التي تتولى تدريس الحوار وقبول الاخر ورفض العنف، لاطلاق مبادرات عملية لمواجهة هذه الابادة الانسانية بحق الشعب الفلسطيني، او تكون شريكة بصمتها عما يجري، وتضطر لاحقا لعقد المؤتمرات والندوات، لدراسة اسباب عودة العنف في العالم مجددا.

السابق
«حزب الله» يمدد لقائد الجيش «تحت الطاولة.. و«التيار» لا يستبعد إنقلابه على مرشحه لصالحه!
التالي
العسكريون المتقاعدون: لا يعنينا التمديد وتحركنا لأجل حقوقنا