أزمة إدارات الدولة بعد الطائف.. إبحث عن أمراء الحرب!

ما إن انتهت الحرب الأهلية في لبنان، وتوصل أمراء الحرب وزعماء الطوائف الى اتفاق الطائف بمباركة دولية وعربية وشبه إجماع محلي لزّم كيان الدولة اللبنانية رسميا" لهم..

عمل زعماء الطوائف على تقاسم الحكم والنفوذ وتوزيع المغانم ،كلٌ حسب قدرته وتاثيره، وبدأوا يمارسون سلطتهم الميليشياوية هذه المرة تحت ستار مقونن و رسمي، من خلال التوغّل للإمساك بمفاصل كافة ادارات الدولة التي فُصّلت على مقاس المحاصصة الطائفية والمذهبية..

تحلل مؤسسات الدولة

أولى بشائر هذا التوغل كان ما يسمي حينها (بالاستيعاب)، عبر إدخال اعداد كبيرة من العناصر الحزبية المسلّحة ومن يدور بفلكها ضمن إدارات الدوله سواء العسكرية او المدنية، مما خلق خللاً بتركيبة ملاك هذه الإدارات انعكس صراعات دائمة لفرض النفوذ والمسك ، حتى وصلت احياناً الى داخل الطائفة او الحزب الواحد او مع زملائهم من الطوائف الأخرى، نتج عنه تقلّص بالأداء والانتاجية وتفاوت بالتقديمات بين منطقة واخرى، وكثيراً ما كان للأزلام والمحاسيب الكلمة الفصل بكل ما يقرر داخل أروقة المؤسسة والمعيار الوحيد هو الميل الحزبي والطائفي والمردود على المعنيين وحصة العائلة و الحواشي .

اصيبت مؤسسات الدوله لا سيما الخدماتية منها بالفشل والركود، عبر التوظيف الحزبي والطائفي العشوائي بهذه الادارات بعيداً عن الكفاءة والمعايير المعتمدة

نتيجة لهذه الامور اصيبت مؤسسات الدولة، لا سيما الخدماتية منها بالفشل والركود والترهل، ناهيك عن إنشاء الجمعيات التنفيعية والمجالس والصناديق المناطقية والطائفية الرديفة التي أجهضت على عمل الوزارات، وباتت عبارة عن بازارات خاضعة لمبدأ العرض والطلب وفقاً لحاجة الزعيم ومناصريه، وتستخدم غب الطلب بالاستحقاقات الداهمة لا سيّما الانتخابية منها سواء النيابية او البلدية والاختيارية وتكون مصدراً لتغطية نفقات الرشاوى على أنواعها، واستقطاب وجذب الأصوات بأساليب وشعارات مختلفة دون حسيب او رقيب، عبر التوظيف الحزبي والطائفي العشوائي بهذه الادارات بعيداً عن الكفاءة والمعايير المعتمدة ودون مرعاة للملاك او للحاجة من عدمها وصولاً إلى البطالة المقنعة وسوء التوزيع مثلاً بعض الإدارات تعاني من تخمة بالموظفين واخرى تعاني من نقص حاد.

نرى أركان الدولة يتبادلون تهم الفساد او يتساءلون عن الاسباب التي اوصلت الوضع الاقصادي في لبنان الى هذه النسبة من الانهيار، كأنهم يعيشون في عالم آخر

خطوات تصحيح المسار

أمام هذا الواقع المرير الذي تعاني منه مؤسسات الدولة اللبنانية، وهو جزء يسير من سوء الادارة وغياب اجهزة الرقابة فلا بد لها من اتخاذ خطوات عملية …

_ أولا : إعادة توزيع الفائض من الموظفين في الإدارات التي تعاني التخمة..

ثانياً: تعزيز الإدارات بموظفين من داخل الملاك في الإدارت التي تعاني النقص..

ثالثا: إعادة هيكلة بعض الإدارات التي لا تحتاج الى موظفين كون هذه الإدارات لم تعد حاجة قائمة لتسيير الأعمال (موظفو سكة الحديد).

والمضحك المبكي عندما نرى أركان الدولة يتبادلون تهم الفساد، او يتساءلون عن الاسباب التي اوصلت الوضع الاقتصادي في لبنان الى هذه النسبة من الانهيار، كأنهم يعيشون في عالم آخر ولا علاقة لهم بكل ما يحصل، وما اتينا على ذكره ما هو إلا عيّنة بسيطة من اسباب الانهيار الاقتصادي والفساد المستشري وتبديد المال العام، ناهيك عن أمور أخرى اكثر تاثيراً وانعكاساً وفتكاً بالوضع العام..

امام هذه الواقع المؤسف لا يسعنا إلا ان نقول حمى الله لبنان.

السابق
«العسكرييون المتقاعدون» يحذرون عبر «جنوبية»: من يقطع أرزاقنا وأعناقنا سنعامله بالمثل!
التالي
مولوي يرد على احد النواب: الداخلية على جهوزية للانتخابات البلدية