من يحاكم سلطة «تهدر» الخيرات اللبنانية في المياه الإسرائيلية؟!

مكان انعقاد المفاوضات اللبنانية الاسرائيلية حول الحدود البحرية
يكشف تبني الطبقة السياسية للخط 23 بدلا من 29، بأن هذه الطبقة تلبي في خياراتها، من حيث تدري او لا تدري، مصالح إسرائيل والولايات المتحدة في ترسيم الحدود البحرية التي بدأت منذ نحو 15 عاما. أي أن لبنان يتحضر للتوقيع على الخط المتعرج، الذي يضمن حقل قانا له مقابل حقل كاريش لإسرائيل، ما يعني أن هذا الملف المهم والسيادي واقع تحت "إدارة سياسية" تفتقد إلى الحِرَفية، بدليل أنها ضيّعت خلال أكثر من عقد من الزمن، الكثير على اللبنانيين وقدّمت هدايا مجانية للإسرائيليين، لتصبح إسرائيل دولة مستخرجة للغاز أما لبنان فما زال في مرحلة ما قبل الإستكشاف.. هل من يحاسب او يحاكم؟!

ليس أمرا عابرا أن يعلن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، أن خط لبنان التفاوضي لترسيم الحدود البحرية هو الخط 23 وليس الخط ال29، الذي يتخذه الوفد التفاوضي لترسيم الحدود اللبنانية في الناقورة كنقطة إنطلاق للتفاوض مع العدو الاسرائيلي حول ترسيم الحدود. لأن هذا الاعلان يعتبر حجة قانونية توازي الرسالة التي أرسلها لبنان إلى الامم المتحدة، حول تعديل المرسوم 6433 والذي  يخيف الإسرائيلي لأنه يضع “حقل كاريش” ضمن دائرة الضغط وضمن منطقة النزاع، لا بل أن كلامه يلغي الرسالة ويسمح لإسرائيل بإبلاغ شركة “Energean” بإمكانية البدء بالعمل فيه.

إقرأ أيضا: «القمح الأوكراني» ولبنان.. هذا ما كشفه سيف لـ«جنوبية» عن مصير الرغيف!

إنطلاقا من هذا “الخطأ التاريخي” يمكن فهم ردود فعل الوفد اللبناني التفاوضي ورئيسه العميد بسام ياسين على كلام رئيس الجمهورية، كونه يحرم لبنان من مساحة تقارب 1430 كلم ( الفرق بين الخطين 23 و29) ولا أحد يعلم بالضبط ما تحتويه من ثروات، لكن ما يمكن التأكيد عليه أن لبنان لديه مخزون غازي كبير وأن الطبقة السياسية بأجمعها (بمن فيهم الثنائي الشيعي) قد وافقت على التنازل عن 1430 كلم من مياهها وثروتها البحرية تحت ضغط الجانب الاميركي والاسرائيلي .

مصدر في الوفد المفاوض لـ”جنوبية”: عون و”الثنائي” تخليا عن الثروة البحرية.. والكرامة الوطنية!

إذا أثبت كلام رئيس الجمهورية أن إهدار الوقت والثروة حرفة لبنانية( 10 سنوات من التفاوض حول ترسيم الحدود البحرية )، وهذا ما يوافق عليه مصدر في الوفد التفاوضي، شارحا ل”جنوبية” أن “الطبقة السياسية بتبنيها خط 23 حرقت كل الجهود التي قام بها الوفد اللبناني المفاوض إلى الناقورة لحفظ حق لبنان بالخط 29 “، لافتا إلى أنه “بعد كلام رئيس الجمهورية الاخير لن يكون للوفد المفاوض أي وظيفة إلا توقيع الاتفاق على أساس الخط 23 وهذا ما لن يقوم به رئيس الوفد العميد بسام ياسين لأنه لن يصادق على ما خططت له الطبقة السياسية”. 

يؤكد المصدر أن “الثنائي الشيعي ورئيس الجمهورية  وكل الطبقة السياسية توافقوا حول ترسيم الحدود وفقا للخط 23، بمعنى آخر الاجماع السياسي حول الخط 23 موجود، وهم يعملون على وضع التخريجة التي سيظهرونها للرأي العام اللبناني”، مشددا على أنه “صحيح أنه في عملية التفاوض يمكن لأي طرف أن يتنازل قليلا عن مطالبه، لكن الاخراج الذي إعتمدته الطبقة السياسية برمتها كان سيئا جدا “.

ويؤكد أنه بين الخطين 23 و 29 لبنان سيخسر 1430 كلم، والاهم أننا لا نعرف ماذا يوجد في هذه المسافة من ثروات نفطية أو غازية أو معادن أو ثروة سمكية، وهذا لا يمكن أن يظهر إلا من خلال التنقيب”، مشددا على أن “الموضوع ليس فقط التخلي عن ثروة بلادنا بل أيضا التخلي عن كرامتنا الوطنية  وهي مساحة توازي الارض اللبنانية من حيث الاهمية وتم التخلي عنها من الطبقة السياسية ببساطة”.

ويوضح المصدر أن “أهم ما حققته اجتماعات الناقورة هو الاتفاق مع العدو عبر الوسيط الاميركي، بأن المشكلة تبدأ بحل نقطة البداية في راس الناقورة، ثم تحققت اتفاقية على إعادة ترسيم الحدود وأسلوب الترسيم واعتماد خط الوسط “، مضيفا:”كنا بنفس الوقت متمسكين بخطنا، ونجبر الطرف الآخر على أن يناقشنا بالخطوط جنوب خط 23 وهناك الكثير من الخطوط، حيث  تم وضع إطار لكيفية التفاوض ونقول اهم شيء ان المرجع في التفاوض هو قانون الدولي وقانون البحار”.

ويذكّر المصدر أن “رئيس الجمهورية كان وضع أمام لجنة التفاوض غير المباشر اثناء اجتماعه بها في 13 تشرين الاول 2020 خطّين أحمرين، يتمثل الأول برفض التفاوض المباشر مع العدو الاسرائيلي، والثاني هو عدم حصر النقاش بالخط 23 لأن ذلك سيؤدي بلبنان في نهاية المطاف الى العودة الى المربّع الأول أي خط هوف”، لافتا إلى أن “للخط 29 نقطة بداية واضحة هي خط الوسط، وأي احتكام للبنان لمحاكم متخصصة سيوصله الى اعتماد الخط 29 القانوني والدليل الابرز هو صدور حكم لمحكمة العدل الدولية بما خص صوماليا وكينيا وهذا جاء ليعزز موقفنا”.

شربل لـ”جنوبية”:قبول السلطة السياسية بخط 23 هو الخطأ الكبير

إذا بعد ترسيم الحدود البحرية ستكون إسرائيل جاهزة للإستخراج وإبرام عقود تجارية الآن بينما يحتاج لبنان إلى سبع سنوات من لحظة نجاح التنقيب الإستكشافي، أي لا إستفادة لبنانية من الغاز قبل العام 2030 بالحد الأدنى، و في هذا الاطار يشرح وزير الداخلية السابق العميد مروان شربل ل”جنوبية” أن “الخط 29 معروف منذ العام 2013 حين تم توقيع المرسوم 6433 لكن السلطة السياسية قبلت آنذاك بخط 23 للتفاوض، وترسيم الحدود على أساسه وهذا هو الخطأ الكبير”، لافتا إلى أن “لجنة التفاوض بقيادة العميد بسام ياسين بعد دراستها الملف إكتشفت أن حدودنا الحقيقية هي 29  والاختلاف هو على نقطة الانطلاق”، ويشدد على أننا “اليوم بحاجة لترسيم الحدود والجميع يُسلم هذا الامر للحكومة ولا حلّ لدينا إلا إعتماد هذا الخيار والمصيبة كبيرة إذا طوي الملف إلى غير رجعة لأن هذا الملف يهم الولايات المتحدة أكثر مما يهم إسرائيل”.

ويختم:”في حال لم نتوصل إلى حل في ترسيم الحدود البحرية لن يكون هناك مساعدات أو دعم من المجتمع الدولي للبنان للخروج من أزمته”.

السابق
للمرة الأولى في تاريخه.. لبنان يتوج بلقب البطولة العربية لكرة السلة!
التالي
«أهل البيت» يُسألون «حزب الله» عن «الإستئثار الشيعي».. عبدالهادي محفوظ ليس آخرهم!