ما بعد بعد فشل تحالفات «حزب الله» من العراق الى لبنان!

حزب الله والبحر
لقد استطاع حزب الله في لبنان والمنطقة، من تحقيق نجاحات عسكرية عديدة، بسبب قيادة العقل المدبر الإيراني، الذي شكَّل على مدى أكثر من أربعة عقود من الزمن، القيادة الحقيقية لمؤسسات الحزب من خلال الدورات التدريبية المتواصلة والدائمة، لعناصر وقيادات الحزب التي قامت بمختلف الأدوار السياسية والعسكرية والأمنية والثقافية والاجتماعية، كما شاء لها المُخطط الإيراني.

بالرغم من النجاحات العسكرية والأمنية  التي تمكن الحزب من تحقيقها بمعونة المخطط الإيراني، إلا أن مشاريعه السياسية اصطدمت بحائط مسدود في لبنان والمنطقة، والنماذج التي تدل على ذلك كثيرة . 

نماذج فاشلة 

     ففي النموذج العراقي لم يعد لحزب الله من دور يُعوَّل عليه في الساحة العراقية، بعد المتغيرات الأخيرة التي فرضتها الانتخابات البرلمانية العراقية الأخيرة، وأسفرت عن تقدم الكتلة الصدرية على سائر الكتل النيابية  الممثلة للشرائح الشيعية في البرلمان العراقي، خصوصا بعد التراجع الهائل في عدد المقاعد النيابية للفصائل الولائية، المحسوبة على ايران وحزب الله، وهو ما يدل على نجاح ثورة تشرين العراقية في النفاذ الى الوعي الشيعي، وجعله اكثر ارتباطا بالمشروع الوطني، وليس بالمشروع الطائفي. 

اقرأ أيضاً: خاص «جنوبية»: دار الفتوى تُطوّق «نبوة» نشأت منذر..هل يسترده القضاء من دبي؟

   وفي النموذج اليمني أصبح حزب الله مُكرهاً، على إخفاء أي دور له في الساحة اليمنية، بعد المطالبات الضاغطة له بالتوقف عن التدخل في شأن دول الخليج، مما فرض على حلفائه التراجع خطوات إلى الوراء، وما النكسات العسكرية الاخيرة للحوثيين، وتراجعهم في جبهات شبوة ومأرب، سوى دليل على ان الشعب اليمني سئم الشعارات الايرانية الفضفاضة، التي تدعوهم للعداء لاشقائهم العرب دون مبرّر، ما عدا التبرير الطائفي الساقط طبعا. 

 اذا كان وصول ميشال عون لمنصب رئاسة الجمهورية نجاحا لتفاهم مار مخايل.. و انهيار غير مسبوق للدولة  

    وأما في الساحة السورية فيجري الحديث عن تحديد لدور حزب الله   وانسحابات بالجملة لعناصره ومقاتليه من مراكز تواجدها في سورية، كما يدور نقاش حول جدوى البقاء العسكري الإيراني في مناطق عدة من سورية، وذلك مع تصاعد الغارات الاسرائيلية على مواقع حزب الله وحلفائه من الفصائل المدعومة من ايران. 

لبنان وعصر الانهيار 

     وأما في لبنان فأولى نماذج الفشل السياسي لحزب الله  فهو نموذج تحالفه مع التيار العوني الذي انعقد في 6 شباط 2006، فيما عُرف بتفاهم كنيسة مار مخايل، واذا كان وصول ميشال عون لمنصب رئاسة الجمهورية عده الحليفان نجاحا، فانه في الواقع أرّخ لعصر انهيار غير مسبوق للدولة اللبنانية بكل قطاعاتها، أدى هذا الانهيار إلى تراجع سعر صرف الليرة اللبنانية، بمستويات قياسية أمام الدولار الأمريكي، في ظل نقص في احتياطي العملة الصعبة في خزانة المصرف المركزي، فضلاً عن شح مصادر الطاقة ومختلف أنواع السلع في الأسواق اللبنانية، إضافة لانعدام القدرة الشرائية عند شريحة كبيرة من المواطنين اللبنانيين، مما ساهم في هجرة أعداد إضافية من اللبنانيين خارج البلاد، بحثاً عن سبل العيش الكريم وحقوق المواطنة. 

نتائج الانتخابات في العراق تدل على نجاح ثورة تشرين في النفاذ الى الوعي الشيعي وجعله اكثر ارتباطا بالمشروع الوطني وليس الطائفي  

    وأول بند يظهر فيه فشل تحالف حزب الله والتيار العوني، هو عدم قدرة هذا التحالف على بناء الدولة، فبناء الدولة كان شرطاً أساسيًا للتفاهم بين الجانبين، وبعد مضي ستة عشر عاماً على هذا التفاهم، كل الأمور تراجعت إلى الوراء بمختلف المقاييس، وأهمها تغير الخطاب السياسي العوني الذي بات يتهرب من التفاهم بصيغته الحالية، ويطالب بتعديله وتطويره وإعادة النظر فيه، وهذا بحد ذاته يعدّ فشلا لصيغة التفاهم، التي تحمَّل تبعاتها الواقع السياسي اللبناني برمته طيلة هذه المدة، وساهمت في تعطيل المشاريع الإصلاحية. 

السابق
هبة تنحسر اليوم و«تُخلي الساحة» لعاصفة أخرى الأحد..وهذه هي أحوال الطرق الجبلية!
التالي
طيّار جنوبي يحلق في سماء أميركا.. نضال إبراهيم لـ«جنوبية»: سعيدٌ بانجازاتي لا ببعدي عن وطني!