هكذا يواجه بايدن «تركة ترامب» في الشرق الأوسط!

ترامب بايدن
تظهر صناديق الاقتراع بعد ايام على بدء فرز الاصوات، قرب وصول المرشح الديموقراطي جورج بايدن لسدة الرئاسة الأميركية، على حساب الرئيس الجمهوري الحالي المثير للجدل دونالد ترامب، وبذلك سيكون على الرئيس المنتخب مواجهة أزمات عدّة في الشرق الأوسط، يؤججها التنافس الحاد بين النفوذين الايراني والتركي، في ظل الصراع التاريخي بين العرب واسرائيل.

صفقة القرن، التوسع التركي، النفوذ الايراني، النفوذ الروسي، الأزمة السورية، العراق، أفغانستان، اليمن…ازمات في الشرق الاوسط ما زالت عصية على الحلّ، سوف يتركها الرئيس الاميركي دونالد ترامب الاقرب الى خسارة منصبه حسب حسابات صناديق الاقتراع التي لم ينتهِ فرزها بعد، وهي أزمات تستنزف الدول العربية والاسلامية في المنطقة، كما تستنزف رصيد اميركا المادي والمعنوي.

صفقة القرن وحلّ الدولتين

العام الماضي أعلن ترامب عن “صفقة القرن” لحل النزاع العربي الاسرائيلي على قاعدة بقاء الاحتلال الاسرائيلي للاراضي الفلسطينية، وفرض سلام على العرب مصحوب بمحفزات ومساعدات اقتصادية للفلسطينيين وتوطين اللاجئين في دول اللجوء، دون “حل الدولتين” الذي اقرته اتفاقية أوسلو.

ولا شك ان جو بايدن سينقض “صفقة القرن” التي أدانها في اكثر من مناسبة وسيعود لمبدأ حلّ الدولتين الذي تبنته تاريخيا الولايات المتحدة الاميركية.

الصفقة التي رفضها الفلسطينيون بسلطتهم الرسمية وبفصائلهم العسكرية سوف يناسبهم زوال ادارة ترامب، رغم وجود حماس وتمتع تركيا وإيران بنفوذ على الساحة الفلسطينية معارض لمصلحة الولايات المتحدة، التي سوف يتوجب عليها تحجيم هذا النفوذ والحدّ منه.

سياسة أردوغان التوسعية

“تركيا لن تبقى محصورة في الأناضول” هذا ما صرح به رئيس الجمهورية التركي رجب طيب اردوغان قبل سنوات وبدأ تنفيذه بقوة قبل ثلاث سنوات عبر تدخله في سوريا واحتلاله لشريط امني في الشمال بحجة مواجهة الاكراد، ثم تحدى اميركا بشراء نظام الدفاع الجوي الروسي أس-400، على الرغم من عضوية بلده في الحلف الاطلسي، وهو بحسب المراقبين ما يتعين على الرئيس الأميركي المقبل مواجهة طموحات الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، بالسيطرة على شرق البحر المتوسط، وكبح نفوذ تركيا في القوقاز، مع اعلان أردوغان مرارا عن دعمه أذربيجان الغنية بالنفط والغاز في حربها ضدّ أرمينيا باقليم ناغورنو كاراباخ.

النفوذ الإيراني من العراق الى لبنان

الضربة الموجعة التي تلقتها ايران من الرئيس ترامب باغتيال قائد فيلق القدس قاسم سليماني في مطار بغداد بواسطة درون أميركي، سرعان ما امتصتها طهران وتغلبت براغماتيتها السياسية على ثوابتها العقائدية، فعزز الحرس الثوري نفوذه داخل الدولة وفي الانتخابات البرلمانية الاخيره، ليبدأ بمحاولات عقد تسويات مع واشنطن في العراق وافغانستان واليمن، وكذلك استغلال امساك حزب الله للورقة اللبنانية والتلويح فيها من اجل المساومة على موقع ممتاز على الحدود مع اسرائيل التي يجري ترسيمها حاليا بمفاوضات مباشرة ترعاها اميركا.

وتستكمل إيران تطوير الصواريخ الباليستية الكبيرة والمزيد من الطائرات بدون طيار، وإطلاق بعضها على المصالح الأميركية في العراق، والاعتداء على السفن، وتهديد كل من السعودية وإسرائيل.

لذلك يحتاج الرئيس الأميركي إلى ردع إيران، وإيجاد طريقة لوقف نفوذ ميليشياتها في العراق وسوريا واليمن، فضلاً عن تسليح حزب الله في لبنان، علماً أن ايران تمر بأزمة اقتصادية كبيرة بسبب العقوبات التي فرضتها الخزانة الأميركية عليها.

يحتاج الرئيس الأميركي إلى ردع إيران وإيجاد طريقة لوقف نفوذ ميليشياتها في العراق وسوريا واليمن فضلاً عن تسليح حزب الله في لبنان

وعلى الرغم نجاح الولايات المتحدة في الحرب ضد “داعش”، تتعرض الولايات المتحدة لتهديدات وضغوط عدة في العراق وسوريا، وبحسب مصادر في واشنطن، فانه من المهم لاميركا تعزيز تواجدها في أربيل شمالي العراق وتجهيز قاعدتها بالدفاع الجوي المناسب، لاسيما أنّ المناطق الكردية آمنة وموالية لها.

طالبان والقاعدة في أفغانستان

وكان أجّج قرار الرئيس الأميركي ترامب سحب القوات العسكرية من أفغانستان بحلول العام المقبل المخاوف من تداعيات كارثية قد تفضي الى عودة طالبان للسيطرة على البلاد بسبب ضعف السلطة الشرعية في كابول، وربما سيمنح ذلك فرصة كبيرة لعودة تنظيم القاعدة ما يزيد من منسوب التهديدات الإرهابية لمنطقة الشرق الاوسط.

إقرأ ايضاً: باسيل ينضم إلى نادي العقوبات الأميركية.. فهل الثمن تشكيل الحكومة؟!

كما أنّه هناك حالة من عدم الاستقرار العام، إذ ينقسم الشرق الأوسط طائفيا بين سني تركي وشيعي ايراني، ولا تزال ليبيا تحت تهديد المتطرفين، وهو ما يستدعي حسب الديموقراطيين مواجهة حاسمة من قبل الولايات المتحدة .ولا تزال أهوال طالبان وداعش في أفغانستان محسوسة، مع الهجمات على السيخ وطلاب الجامعات وغيرهم.

النفوذ الروسي

اذا كانت عودة النفوذ الروسي الى منطقة الشرق الاوسط جرت عام 2015 عبر البوابة السورية وبموافقة الرئيس الاميركي السابق “الديموقراطي” باراك أوباما، وذلك من اجل الاشراف على اتلاف الاسلحة الكيماوية للنظام السوري بعد ان استخدمها في “خان شيخون” فتسبب بخنق مئات المدنيين من النساء والاطفال والعجزة، فإن تمادي الرئيس بوتين بتوسيع قواعده العسكرية ومحاولاته الحثيثة للالتفاف على اتفاق جنيف عبر مفاوضات استانة وسوشي وغيرها، من اجل ضمان بقاء نظام الاسد الذي منح روسيا امتيازات عسكرية بحرية وبرية وعقود اقتصادية ونفطية طويلة الاجل، شكل ذلك تحديا استراتيجيا لأميركا لم يواجهه الرئيس ترامب مطلقا، بل تعاون معه، وشجع بوتين ضمنا على دعم الجيش السوري لاعادة سيطرته على شمال سوريا، مع صمت مدوٍ عن تدمير سلاح الجوّ الروسي لمئات من المدن والقرى السورية وقتل عشرات الالوف من سكانها المدنيين.

النفوذ الروسي امتدّ بسبب التراخي الاميركي الى ليبيا لينافس تركيا على حقول النفط مستغلا الفوضى فيها وانقسامها السياسي والقبلي والعسكري، وهو ما اثار حفيظة عدد من أقطاب السياسة وصانعي القرار في الولايات المتحدة من الجمهوريين والديموقراطيين، وكذلك كتبت مراكز الدراسات تحذر من تمادي النفوذ الروسي في الشرق الاوسط. فأدى هذا الضغط الداخلي على الادارة الاميركية الى تراجع الرئيس ترامب عن قراره بانسحاب قوات بلاده من سوريا، وتأجيل انسحابها من العراق.

ويعلن الرئيس القادم للولايات المتحدة جو بايدن معارضته لانسحاب قوات بلاده من الشرق الأوسط دون ضمانات تؤمن الاستقرار وتضمن مصالح بلاده في المنطقة.

السابق
تعقيدات مفاوضات الترسيم..إسرائيل ترفض العودة الى خط الـ2010 البحري!
التالي
بعد تقلباته أمس واليوم..الدولار يواصل إرتفاعه التدريجي!