«حزب الله» يأكل «حصرم» عون.. والشيعة يضرسون!

حزب الله
فهمنا أن تنظيم حزب الله المُسلَّح يحتاج جناحه السياسي في لعبة السياسة إلى حلفاء أقوياء في الداخل اللبناني ليتغطى بهم سياسياً ويُغطِّي مشاريعه الخاصة لمواجهة هجمات المجتمع الدولي السياسية والإعلامية عليه، وفهمنا - أيضاً - أنَّ اقتصاره في سياساته المحلية ومشاريعه الإستراتيجية الداخلية في لبنان واقتصاره فيها على الحليف الشيعي فقط - الذي هو في الجيب بحسب تصوره - فهمنا أنَّ ذلك لا يروي غليله ولا يكفي لمواجهة السياسات الأمريكية او عقد صفقات تسويات معها.

لا شك أن من مصلحة تنظيم حزب الله المسلَّح وجود فريق مسيحي يدافع عن سلاحه أمام بقية الفرقاء اللبنانيين المعارضين لبقاء السلاح بحوزته كون ذلك يخالف ميثاق اتفاق الطائف الوطني فكثير من فرقاء وأقطاب السياسة والأحزاب في لبنان يطالبون بحصرية السلاح بيد الجيش اللبناني والقوى الأمنية اللبنانية ويدعون إلى تسليح الجيش اللبناني بسلاحه ليكون الجيش الوطني أقوى في مواجهة الاعتداءات الإسرائيلية تماماً كما فعلت حركة أمل بعد إبرام اتفاق الطائف. 

 كما تطالب كثير من هذه القوى السياسية في لبنان حزب الله بضم مقاتليه إلى صفوف الجيش اللبناني والقوى الأمنية لإنهاء هذا الجدل حول سلاحه وللتوجه لمعالجة القضايا الساخنة في الداخل. فمن مصلحة تنظيم حزب الله المسلح وجود فريق مسيحي يدافع عن قضاياه في هذا المحور ويدافع عن قوة جناحه السياسي في لبنان أمام محاولات عزله وإقصائه وإبعاده عن مركز القرار في الدولة اللبنانية تمهيداً لإنهاء حالة المقاومة في لبنان والمنطقة ضد المشروع الصهيوني كما يسعى الأمريكيون وحلفاؤهم للوصول إليه ليلاً نهاراً سراً وجهارا. فمن مصلحة الحزب الانتخابية لتعزيز حضوره التمثيلي تقتضي فتح ذراعيه للعونية السياسية ليستفيد من كتلتها النيابية ومن مواقف كوادرها السياسية في أزماته وعند الشدة ..   

العونيون أولاً! 

 ولكننا لم نفهم ولم ندرك ولم نعلم أن مصلحة حزب الله مع العونية السياسية تفوق مصالحه في دائرته وبيئته الشيعية التي انطلق منها والتي قامت بتغطية جميع أنشطته في الداخل والخارج في العقود الأربعة الماضية ومنذ تأسيسه، علماً أنه لم يُقدم هذه الأيام لهذه البيئة الشيعية الحاضنة ما يحسن السكوت عليه لحل مشاكلها الاقتصادية والمالية والنقدية والاجتماعية بعد الانهيار الأخير الذي نزل بساحة الوطن ونالت منه الطائفة الشيعية حظها كبقية اللبنانيين ! 

 فأن يتمسك حزب الله بالعونية السياسية إلى درجة يؤدي ذلك لإخراجه من قرار تسمية رئيس حكومة إنقاذية ويؤدي إلى افتراق قرار حليفه الشيعي عنه في المشاورات النيابية الملزمة الأخيرة هذا مما لم نفهمه وندركه ونعلمه، خصوصاً وأن العونية السياسية متَّهمة من قبل حليفه الشيعي ومن قبل أكثر الشيعة وحتى من قبل الكثير من أبناء بيئته الحاضنة بأنها تريد العودة بالبلد إلى الوراء إلى مرحلة ما قبل الحرب الأهلية اللبنانية، وأنها تسعى لعودة المارونية السياسية لتتحكم بالعباد وقرار البلاد كما كانت عليه قبل اندلاع الحرب الأهلية اللبنانية! 

الشيعة يدفعون الثمن

 فحزب الله بقراراته لصالح العونية السياسية يعمد إلى جرِّ كل الطائفة الشيعية للعمل لمصلحة هذه العونية، كما يتجاهل مصالح كل الشيعة أمام مصالحه الضيّقة كفريق من الشيعة ولا يمثل كل الشيعة في مواقفه السياسية، وإن أكثر الشيعة يؤيدون عمله كمقاومة ضد إسرائيل والتكفير ولكن أكثر الشيعة لا يوافقون على سياساته المحلية والإقليمية والدولية، وموقفه اليوم من العونية السياسية قد يفتح أعيننا على أخطائه السياسية تاريخياً يوم تحالف في إحدى جولاته الانتخابية النيابية مع الشيوعيين ضد حركة أمل في جنوب لبنان مما استدعى الرئيس نبيه بري يومها ليقول كلمته الشهيرة في مهرجان مدينة صور الشهير عام 1996: ” شو جاب كارل ماركس لحزب الله ؟ لقد تركوا الحسين! ”  مما اضطر حزب الله يومها للتراجع وترك تحالفاته الانتخابية غير الأيديولوجية…  

 فأكثر الشيعة اللبنانيين اليوم داخل لبنان وخارجه لا يفهمون ولا يدركون ولا يعلمون لماذا هذا الوقوف الأعمى من حزب الله إلى جانب العونيين في كل قراراته في الداخل ولو على حساب عودة الخلاف الشيعي الشيعي في بعض الملفات السياسية. 

 فهل قداسة ورقة تفاهم كنيسة مار مخايل ترقى فوق قداسة تفاهم حزب الله وحركة أمل مثلاً ؟ 

السابق
التشكيلة الحكومية.. ما بين «الصفقات السرّية» و«بيانات النفي»!
التالي
«ثورة تشرين العراقية» تتوقد في ذكراها الاولى..والصدر «يُشيطن» المتظاهرين!