نصر الله حول كارثة انفجار بيروت.. «لو كنت لا أعلم»!

السيد حسن نصرالله
لم يكن خطاب أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله بالأمس والمرتبط بحادثة مرفأ بيروت، لم يكن خطابه بالمستوى الذي كان يتوقعه الجمهور من المؤيدين قبل المعارضين، خصوصا بعد ان نفى علمه وحزبه بمستودع نيترات الأونيوم، رامياً الكرة في ملعب الأجهزة القضائية والأمنية اللبنانية للتحقيق وكشف المسؤولين عن هذه الجريمة الكبرى.

استهل السيد حسن نصرالله كلامه بتأبين القتلى والدعاء للجرحى، وحث المتضررين على الصبر ولبس الأُزُر، ووضع إمكانات حزبه بتصرف الدولة لمواجهة تداعيات هذا الحدث الجلل عارضاً مبادرة لإيواء من فقدوا منازلهم جرّاء الانفجار أو التفجير على اختلاف السيناريوهات المحتملة لمجريات التحقيق الجنائي، منوها بحملة التبرع بالدم التي أعلنها الحزب على مستوى كل المناطق لأول مرة لإسعاف الجرحى والمصابين الذين تخطى عددهم الخمسة آلآف ..  

اقرأ أيضاً: الحكومة تُمعن في تدمير اللبنانيين مرتين.. و «كورونا» يُفلت من عقاله «رسمياً»!

وما كاد خطاب الأمين العام يُختتم حتى أعلن جهاز الإسعاف التابع للهيئة الصحية الإسلامية تركه ميدان الإسعاف للصليب الأحمر اللبناني، وكان هذا أول الغيث!  

من يثق بالاجهزة الأمنية؟ 

 وقد أمطرنا الأمين العام في خطابه التقليدي هذا بدعوات يطالب فيها بتحقيق عادل رامياً الكرة في ملعب الأجهزة القضائية والأمنية اللبنانية، مُصراً على أن يتولى الجيش اللبناني عملية التحقيق كونه مؤسسة يُجمع عليها كل اللبنانيين، في حين الجمهور كان ينتظر من السيد نصر الله أن يقوم بتزويد الأجهزة القضائية والأمنية بما لديه من معلومات تساعد على كشف الحقيقة وملابسات الحادث، ويظهر أن الحزب لا يريد لواقع الحال أن ينجلي، فثبوت ضلوع إسرائيل أو أمريكا في عملية التفجير سوف يظهر عجزه عن الرد في المرحلة الراهنة وهو الذي تجاهل الرد على مقتل أحد عناصره بالغارة الإسرائيلية على الأراضي السورية الأسبوع الماضي .. 

 وقد تكرس هذا التجاهل في خطاب الأمين العام بالأمس، مما يؤكد عدم رغبته في فتح جبهة مواجهة مع إسرائيل في الوقت الراهن لحسابات كثيرة أغلبها محلية وبعضها دولية وإقليمية، فمساعدته في التحقيق بحادثة مرفأ بيروت وتقديمه ما لديه من معلومات قد تحرجه أمام قواعده الشعبية التي ستنتظر وتتوقع الرد، وهو ما لا يرغب به الحزب في المرحلة الراهنة للحسابات المشار إليه ، لذلك تذاكى الأمين العام برمي الكرة في ملعب الدولة وأجهزتها ونأى بنفسه جانباً عن التدخل في التحقيق في أسباب حادث المرفأ، مُعرضاً عن تزويد التحقيق بما لديه من معلومات، علماً أنه لا يُعقل أن لا يكون حزب الله الذي يمسك بمفاصل الدولة اللبنانية من الناحية الأمنية مما هو في صلب طبيعة عمل المقاومة الأمني، لا يعقل أن يكون حاصل معلوماته عن حادث التفجير للمرفأ يساوي صِفراً!  

أين أمن حزب الله؟ 

كما لا يمكن لعاقل ومتتبع أن يُصدق ما قاله الأمين العام بالأمس من أن المقاومة لا تملك معلومات عن مرفأ بيروت في الوقت الذي تملك المقاومة كل المعلومات عن المرافئ الصهيونية في فلسطين المحتلة، فلا يمكن لعاقل ولا لنبيه أن يقبل هذا الكلام ، خصوصاً من كان صاحب تجربة ودراية بملاحقات حزب الله لعملاء إسرائيل في الداخل والخارج ، فأجهزة أمن الحزب الأربعة وهي الأمن الداخلي والأمن الخارجي والأمن المُضاد والأمن السري، هذه الأجهزة الأمنية الأربعة تتابع كل شاردة وواردة في منافذ لبنان البرية والبحرية والجوية ، وهذا سبب من أسباب نجاح المقاومة في عملها العسكري طيلة العقود الأربعة الماضية، فنصر الله تهرَّب بطريقة تكتيكية من مساعدة التحقيق اللبناني في حادثة المرفأ، وكانت هذه نقطة أخرى من نقاط خيبة الأمل في خطاب الأمين العام التقليدي للحدث غير التقليدي …  

في سياق ودلالات حديثه نعى السيد نصر الله لجماهير المقاومة بطريقة غير مباشرة، نعى لهم الأمل بكشف المفسدين ومحاربة الفساد في الدولة والنظام الحالي الحاكم

وفي هذا الإطار دعا نصر الله إلى التهدئة بالتوقف عن تحريك النزاعات والخلافات الداخلية السياسية وغير السياسية، فهو عندما يكون مُحرجاً يدعو للتهدئة، وعندما لا يكون مُحرجاً يرهق مخالفيه بشتى أنواع الاتهامات والدعايات والملاحقات حتى يُسوِّد عليهم معيشتهم ويحاصرهم في كل المواقع، خصوصاً في الدائرة الشيعية ، فكَمُّ الأفواه في هذه المرحلة من مصلحته لذلك يدعو إليه، وعندما يكون الكلام من معارضيه في ظرف آخر يُهلك الحرث والنسل بتشُّدده في مطاردة معارضيه وأذيتهم في حياتهم الشخصية والاجتماعية والاقتصادية، والهدف الأول من تهرب حزب الله من المسؤولية الأمنية الحقيقية التي تساعد على كشف الحقيقة في هذا الحدث الهدف من هذا التهرُّب التكتيكي هو مخاوف الحزب من تدويل القضية ، لذلك يُصرُّ على قيام الدولة بالتحقيق رغبة في إثبات كون الحدث أمراً عادياً سببه الإهمال من كبار الموظفين وصغار العمال، لا الرؤوس الكبيرة في السلطة، ولا أنه مرتبط بصراع المحاور في المنطقة ..

اقرأ أيضاً: بالفيديو والصور: مجسما بري ونصرالله على المشانق..وثوار يهتفون: «حزب الله» إرهابي!

 وفي سياق ودلالات حديثه نعى السيد نصر الله لجماهير المقاومة بطريقة غير مباشرة، نعى لهم الأمل بكشف المفسدين ومحاربة الفساد في الدولة والنظام الحالي الحاكم ، وفي ذلك تخلف عن وعوده الانتخابية التي انتخبت الكثير من القواعد الشعبية فريقه السياسي الرسمي على أساسها في الانتخابات النيابية الأخيرة، وبترحيبه بالمبادرات الخارجية بعد التفجير سيما زيارة الرئيس الفرنسي يؤكد نصر الله عدم قدرة النظام الحالي على حل الأزمات، فالمبادرة الفرنسية تتضمن الدعوة إلى تغيير النظام برمته من خلال الحديث عن عقد اجتماعي جديد يتم إبرامه من جديد بين الفرقاء اللبنانيين مما يعني قراءة الفاتحة على اتفاق الطائف الذي أنهى الحرب الأهلية، وهذا هو لُبُّ المبادرة الفرنسية التي شجع عليها نصر الله، فهو إما يدري ما يقول أو يقول ما لا يدري ..  

ويبقى الخطاب تقليديا والحدث غير تقليدي لقوم يتفكرون  …  

السابق
بالفيديو: صرخة ثورية..«ممنوع لبنان ينام وفي ناس تحت الركام»!
التالي
الغضب الثوري يتفجر إحتلالات و«مشانق إفتراضية»..و«الكورونا العائلي» يُرعب الجنوب!