بعد بيان بري عن «الفتنة والطعن من الخلف»(2): هل يسعى «حزب الله» إلى تحجيم رئيس المجلس؟

نبيه بري
بعد ان تفاجأت الاوساط السياسية والاعلامية في لبنان بدخول النائب جميل السيد على خط تأليف حكومة الدكتور حسان دياب العتيدة بإيعاز من سوريا وحزب الله، على حساب دور رئيس مجلس النواب نبيه بري، فان علامات استفهام فرضت نفسها حول مصير تحالف امل- حزب الله، مع سؤال بارز: لماذا يريد حزب الله تحجيم نبيه بري؟

في نظرة سريعة باتجاه اخر المستجدات على الساحتين الداخلية والاقليمية، فان ما يبرز هو تشديد الخناق على ايران وحزب الله خصوصا بعد اغتيال قائد فيلق القدس قاسم سليماني، الذي كان ما يزال العقبة في سبيل تنفيذ شروط واشنطن الـ12 المطالبة ايران بتنفيذها، ومنها تعديل الاتفاق النووي، وتحجيم الاذرع العسكرية التي يدعمها الحرس الثوري الايراني كمرحلة اولى ثمّ حلّها لاحقا او دمجها في دولها، مثل الحشد الشعبي في العراق وحزب الله في لبنان والحوثيين في اليمن بالاضافة الى التوقف عن دعمها لحماس والجهاد، وغيرها من الشروط التي لا يبدو ان ايران يمكن ان تنفذها بسهولة، ولكن ايضا لا يمكن ان تتجاهلها بعد اقفال كافة سبل الحوار مع الاميركيين، مما يجعل تنفيذ هذه الشروط هو السبيل الوحيد للنفاذ من العقوبات الاميركية والعالمية التي تكاد تخنق طهران اقتصاديا وسياسيا.

إقرأ أيضاً: بعد بيان بري عن «الفتنة والطعن من الخلف»(1): «حزب الله» يتصدر لائحة الإتهام؟!

حشر “حزب الله” داخليا

انعكاس تلك المستجدات الاقليمية على الداخل اللبناني برز من خلال جهود حزب الله الحثيثة لتوسيع دائرة تحالفاته الداخلية من جهة وانفتاحه على كثير من الاطراف وخصوصا تيار المستقبل وعدد والاحزاب المسيحية، ومن جهة ثانية التضييق على خصومه التاريخيين ومنهم القوات اللبنانية ووليد جنبلاط، اما بالنسبة لعلاقته مع شريكه في الثنائية نبيه بري وحركته التي يرأسها فقد بدأ يمارس الحزب ضغطا غير مباشر تجاههما لتحجيمهما، وذلك من اجل توسعة ارضيته اكثر داخل البيئة الشيعية استعدادا لمرحلة تمركزه النهائي فيها، حال انحسار نشاطه الاقليمي، وهو احتمال اصبح مرجحا في ظل التطورات الآنفة الذكر.

الانتخابات النيابية وحلم الأحادية

هذا وقد ظهر في الانتخابات النيابية قبل عامين اختلال الميزان داخل الثنائية الشيعية لصالح حزب الله بعد ان حاز نواب الحزب على ضعف الاصوات التي نالها نواب حركة امل، وذلك بسبب الدعم الايراني المستمر لحزب الله ماليا وعسكريا وما يواكبها من فرص العمل التي يؤمنها الحزب للشباب الشيعي، وكذلك القيادة المتجددة والمستقبل الواعد للحزب داخل البيئة الشيعية، على حساب المجد الآفل لحركة امل ورئيسها بسبب هرم القيادة وافتقارها للدعم الخارجي وغياب اية شخصية حركية قادرة على خلافة بري المعتدّ بتاريخه والمشهور بخبرته ودهائه السياسي.

هذا الضعف الحركي اعتاد رئيسها الذي يشغل منصب الكرسي الثانية منذ حوالي 30 عاما تعويضه، فالافرقاء اللبنانيون في 14 اذار تحديدا ما زالوا يفضلون التعامل مع الرئيس بري والتفاهم معه عند احتدام الأزمات ومنهم الحريري وجنبلاط وجعجع غيرهم، ويحرصون على بقائه كثقل داخل الثنائية الشيعية مقابل حزب الله التواق لاحتكار التمثيل الشيعي، وهذا ما يفسر مسارعة الحريري الى نجدة برّي في جلسة الموازنة من اجل تأمين النصاب ومنع كسر هيبة رئيس المجلس التي سعى لكسرها النائب جميل السيد وحزب الله من خلفه، تمهيدا لتكريس الحليف السيّد كقطب شيعي منبثقة زعامته من حزب الله، فيمهد هذا لخلافة بري وحركة أمل في رئاسة المجلس النيابي بالدورة المقبلة سواء في كل الأحوال !

غير انه وبرأي مراقبين داخل الطائفة الشيعية في لبنان، فانه من غير المجدي ابدا بهذه المرحلة الحرجة التي يمرّ فيها لبنان والشيعة في لبنان والمنطقة، ان يأخذ حزب الله على عاتقه احتكار التمثيل الشيعي لسبب اساسي يتعلّق بحاجة الشيعة الى تمثيل مدني غير امني ولا عسكري للمرحلة المقبلة، لذلك لا بدّ له من شراكة شيعية حقيقية وليست صورية، فكلما ظهر التنوع داخل طائفته كلما اصبح الحزب اكثر مناعة، فيصعب فصله عن بيئته واستهدافه.

السابق
هذا ما جاء في مقدمات نشرات الاخبار المسائية لليوم31/1/2020
التالي
«صفقة القرن».. جعجع يكسر «حصرية» حزب الله!