القصة الكاملة لمبنى «البيضة»: أول «مول» في الشرق الأوسط ورمز للحراك وسط بيروت!

مبنى The Egg في وسط بيروت
سينما "سيتي بالاس" أو "البيضة" هي جزء من مبنى كان اسمه "سيتي سنتر" فما هي قصته؟

لا بد أنك مررتَ خلال شهري الحراك الفائتين من وسط بيروت ولو لمرة ولفت نظرك بناء “البيضة” وهو مغطس بألوان ورسوم، وإذا كنت قد شاهدته على الشاشة واستدعاك الفضول لتعرف قصة هذا المجسم الضخم الرازخ بين ساحة الشهداء وجسر الرينغ، هذه هي القصة كاملة:

في الأصل.. كانت سينما

سينما “سيتي بالاس” أو “البيضة” “نسبة للشكل البيضوي” تعد جزء من مبنى متكامل كان اسمه “سيتي سنتر”، أو “الدوم”، وصنّف على أنه أكبر مبنى تجاري كبير في بيروت أثناء تشييده عام 1965 ليمثل أول مول تجاري في منطقة الشرق الأوسط.

احتوى البناء حينها على سلالم كهربائية، إضافة إلى محل “معتوق” المعروف بصناعة شرائح البطاطا، وحلويات “الصمدي” الذي اشتهر بالكنافة وباب محلّه الزجاجي الذي يفتح إلكترونياً.

وفي الطابق السفلي محل “بيت شوب” لبيع الحيوانات، وكان الناس ينتظرون دائماً رؤية الطاووس، بالاضافة الى محلات تجاريّة وغذائية أخرى، والسينما كانت جزءاً من هذا السنتر أي أن المبنى ليس كله سينما كما يعتقد البعض.

حكاية مبنى البيضة

تشارك آل صمدي وآل صالحة في بناء “سيتي سنتر” بيروت في العام 1965، وهو من تصميم المهندس جوزف فيليب كرم، الذي قرر تشييد مبنى ضخم يضم خمس طبقات تحت الأرض ليكون أول “مول” في الشرق الأوسط.

إقرأ ايضاً: «غرافيتي» ثورة لبنان ينتفض.. حين تصرخ الجدران بصوت الشعب

وكان من المقرر أن يتألف، إلى جانب البيضة، من برجين كان يُفترض أن يضمّا مركزاً تجارياً وسينما ومكاتب، وصمّمت السينما والمسرح، التي تتخذ شكل البيضة، لتحوي 1000 مقعد، إذ يبلغ عرضها 24 متراً أما طولها فيُقدّر بـ11 متراً.

الحرب الأهلية وخط التماس

حلّت الحرب وتحول المبنى إلى خط تماس يفصل بين منطقة بشارة الخوري وساحة الدبّاس، وتناوب على المنطقة كلاً من القوة التقدميّة الفلسطينيّة ولاحقاً حركة أمل، حيث اندلعت المعارك مع حزب الكتائب وبعدها مع القوات اللبنانية.

تحول المبنى الى مركز للقنص باتجاه كنيسة الأرمن في ساحة الدباس وصولاً إلى التباريز وكنيسة مار مارون.

رسم المخطط العمراني للبناء
رسم المخطط العمراني للبناء

وبعد انتهاء الحرب الأهلية تسلّمت “شركة سوليدير” المنطقة، وقررت المحافظة على مبنى البيضة والإبقاء عليه كما هو وأدخلته على لائحة الجرد لقيمته الهندسية الغريبة.

جدل حول مصير مبنى البيضة

في عام 2011 عاد مشروع المحافظة على مبنى “السينما سيتي” الى الواجهة. حيث زار مهندسين مختصين المبنى للبحث في سبل هدمه. فتحركت مجموعة اسمها “أنقذوا تراث بيروت” لإطلاق حملة على موقعها للتنبيه مما يجري في المبنى.

لاقت الحملة ردات فعل عنيفة واتهامات بسوء النوايا ما اعتبره الناشطون حينها حرباً خفية من “سوليدير” التي لا تريد كشف مخططاتها العمرانية.

قيل حينها أن شركة ابو ظبي العقارية اشترت كل الاراضي المحيطة بـ”البيضة”، وجرى حينها التسويق لمشروع سمّي “بوابة بيروت”، وكانت القيمة الاولية للمشروع 600 مليون دولار.

مبنى البيضة في وسط بيروت
مبنى البيضة في وسط بيروت

وفي رد فعل على المشروع، أطلقت، حينها، الطالبة في الجامعة الاميركية دانيا بدير حملة عبر الفايسبوك للمطالبة بالمحافظة على البيضة. وتقول بدير إن مبدأ حملتها “كان للمحافظة على معلم يحوي تاريخ المدينة وكانت لأهلها فيه ذكريات، شاركوها إياها”.

إقرأ أيضاً: بالصور.. بعد ليلة عنيفة وسط بيروت يتحوّل الى ساحة حرب!

لاقت الحملة حينها رواجاً كبيراً ووصل عدد المنتسبين الى المجموعة الى 5000 شخص، وفكرة بدير كانت الاولى من نوعها في لبنان، وكانت تلك المرة الاولى التي تطرح مشاريع وسط بيروت في التداول ويرفضها المواطنون. لكن، ولأسباب غير معروفة، أوقفت شركة “ابو ظبي للعقارات” مشروعها وباعت الاراضي التي كانت قد استملكتها، فعاد الوضع الى سابق عهده وتوقف عمل المجموعة من مبدأ أن المبنى أنقذ وبقي على حاله.

رسم غرافيتي على مبنى البيضا
رسم غرافيتي على مبنى البيضا

شاهد قديم جديد

مبنى The Egg
مبنى The Egg

الشاهد الوحيد الباقي من تاريخ العاصمة القريب، تدميره يعني محو آخر رمز للذاكرة الجماعية. هكذا رآه اللبنانيون ولم يعرفوا ربما أن البناء سيشهد ذاكرة جماعية جديدة منذ انطلاق حراك 17 تشرين الأول. حيث حوّل المحتجون مبنى البيضة إلى مكان لعقد الاجتماعات لمناقشة مستقبل الاحتجاجات وما يسعى المتظاهرون لتحقيقه.

وصعدت مجموعات صغيرة من المحتجين اللبنانيين درجا شددش الخطورة لرفع الأعلام اللبنانية، كما زينت الجدران بكتابات وشعارات تطالب بالثورة وبمشاركة النساء وبحقوق المثليين.

مبنى البيضة في وسط بيروت
مبنى البيضة في وسط بيروت

ورغم عدم اتضاح الدور الذي سيلعبه المتظاهرون والمكان المؤقت لاجتماعاتهم في النظام السياسي الجديد، فقد بدأت الأمور تتغير بالفعل.

المبنى المهجور لم يعد معزولاً بل تحول إلى معرض للوحات الغرافيتي التي تطرح أفكار جيل لبناني شاب يتحدى الشعارات الطائفية ويعبّر عن وطنيته وحقوقه بكافة أشكال الفنون.

وهذا فيديو يوضح حملة “الحفاظ على البيضة” يعود لعام 2009:

السابق
ليلة «مذهبية» عصيبة تجتاح حراك صيدا
التالي
بعد حرق سيارته ليلة أمس وسط بيروت.. هكذا غردّ!