أين موقع القوة الثالثة في انتفاضة 17 تشرين؟

الثورة لبنان
يتسآل المتابعون عن غياب القوة الثالثة الشيعية في انتفاضة 17 تشرين الأول، والتي هي مدعوّة اليوم للنهوض والاندماج بالحراك.

ما زالت انتفاضة 17 تشرين تقُضُّ مضاجع رموز السلطة الفاسدة في لبنان، هذه السلطة التي هدرت مالية الدولة والشعب في آنٍ معاً، وأوصلت البلد إلى ما أوصلته إليه من الرجعية والانهيار على مختلف الصعد الاجتماعية والاقتصادية..

ولكن لبنان لم يُعدم طاقاته الخيرة والكفيلة بالنهوض من تحت الركام، وقد تجلَّى ذلك من بعض وجوهه في طرح ما عُرِف بـ: “القوة الثالثة” التي أطلقها العلامة المفكر القاضي والمستشار في المحاكم الشرعية الجعفرية الرسمية السيد محمد حسن الأمين وهو الذي أطلق على انتفاضة 17 تشرين عنوان: “الثورة البيضاء”، واعتُبِر من المنظِّرين لهذه الانتفاضة من خلال العديد من المقالات والخطب والمقابلات التي أجرتها معه مجموعة من وسائل الإعلام والتواصل المحلية والدولية..

اقرأ أيضاً: عندما «تستبد» الفتنة والإلغائية بقلب «الثنائية الشيعية»!

والعلامة السيد الأمين كان أطلق القوة الثالثة في الدائرة الشيعية في مقابل تحُّكم الثنائي الشيعي بقرار الطائفة في لبنان في الوقت الذي ما يقارب من نصف أبناء الطائفة داخل لبنان وخارجه هم من غير العاملين في الإطار الحزبي، ولقد كان تفعيل العلامة لمنطق القوة الثالثة قبل حرب تموز 2006 التي أعطت العدو الصهيوني الذريعة لتدمير مناطق الشيعة خصوصاً ولبنان عموماً على إثر عملية خطف الجنديين الإسرائليين من وراء الخط الأزرق الذي التزمت به الدولة اللبنانية واحترمته المقاومة لسنوات قبل أن يخرقه حزب الله بقرار منفرد، فلم يتشاور في هذا القرار مع مكونات الطائفة الشيعية خصوصاً ولا مع الشركاء في الوطن عموماً، في الوقت الذي تحمل اللبنانيون عموماً وكل الشيعة خصوصاً تحملوا جميعاً القسط الأكبر من أعباء قرار حزب الله بخرق الخط الأزرق يومها والذي طالما كان أمين عام حزب الله يُهدد بتحويله إلى خط أحمر، وقد رد عليه يوماً النائب المحامي بطرس حرب بالقول : ” من الذي جعلك وكيلاً عن أرواح جميع اللبنانيين لتُحوِّل الخط الأزرق إلى خط أحمر؟

والقوة الثالثة الشيعية المدعوة اليوم للنهوض والاندماج بالحراك، لا تنكر عدوانية إسرائيل وخروقاتها اليومية للجو والبحر وحتى البر باحتلال أجزاء من الأراضي اللبنانية، كما لا تمنع القوة الثالثة من حق المقاومة للعدو ومواجهة الاحتلال وهي التي انطلقت من رحم المجتمع المقاوم لمطامع إسرائيل بمياه وأرض ونفط وغاز لبنان، ولكن القوة الثالثة تُصِرُّ على عدم تفرّد الثنائي الشيعي بالقرارات المصيرية المشتركة التي تهُمُّ جميع الشيعة، وتؤكد على ضرورة احترام رأي الجميع في جميع الملفات من قرار السلم والحرب إلى التحالفات السياسية الداخلية والخارجية إلى نمط مقاربة الملفات الاجتماعية والاقتصادية إلى منهج مواجهة الفساد والهدر في دوائر الدولة وأجهزتها الرسمية، لذلك كانت القوة الثالثة من أول الداعمين للمشاركة الشيعية الفاعلة والكبرى في الحراك الشعبي السلمي المدني الحقيقي غير التخريبي وذلك في مختلف المناطق الشيعية بين مدينة صور ومدينة النبطية ومدينة بعلبك وبعض أطراف ضاحية بيروت الجنوبية وفي ساحتي رياض الصلح والشهداء في وسط بيروت التجاري والتي شهدت مشاركة شيعية كثيفة في الأسبوع الأول من عمر انتفاضة 17 تشرين قبل أن يبدأ الثنائي الشيعي بشيطنة الشيعة المشاركين في هذا الحراك الذي حقق الكثير من الإنجازات والتي أهمها إيقاف حزمة الضرائب التي كانت تُعِدُّها الحكومة قبل الانتفاضة..

اقرأ أيضاً: لماذا يفضل حزب الله الحكومة «العميلة» على الحكومة المستقلة؟

والقوة الثالثة مدعوة اذا عادت ان تدعم حركة علماء الدين الشيعة المستقلين الذين شاركوا في انتفاضة 17 تشرين والذين زاد عددهم على العشرين وتصدروا الإعلام المحلي والعالمي ومواقع التواصل، وان تحث جميع علماء الدين الشيعة أن يكونوا في مقدمة الركب في الإصلاح الاجتماعي والاقتصادي ومواجهة الفساد في الشأن العام، وهذه هي رسالة الإسلام وطريقة الأنبياء والأئمة عبر التاريخ.

والقوة الثالثة كان لها العديد من الممثلين الشعبيين في مختلف مناطق الاحتجاجات، كما كانت لها أدواتها الإعلامية، وتعمل على توجيه البيئة الشيعية في هذا الاتجاه ولمواجهة حملة التخوين والاتهام بالعمالة التي يطلقها الثنائي الشيعي ضد كل المشاركين في انتفاضة 17 تشرين من أبناء الطائفة الشيعية…

السابق
حزب الله… حيث لا ينفع السلاح!
التالي
«موديز» تُثني على إقتراح الحريري.. يؤثر إيجاباً على إقتصاد لبنان!