حزب الله… حيث لا ينفع السلاح!

حزب الله حركة أمل - جسر الرينغ
يواجه حزب الله لأول مرة في تاريخه تحدياً غير تقليدي لم يعتد مواجهته، وهو الذي اعتاد في أدبياته على استخدام مفردات القوة المؤيدة من الله في سبيل القتال وتحقيق الانتصارات الداخلية والخارجية.

ليست القوة الناعمة كما يروّج مسؤولو حزب الله هي التي يواجهها في لبنان، فهو يتمتع بجهاز قوامه آلاف الناشطين “الجيش الالكتروني”، الذي يستطيع شن هجمات سيبرانية وإقفال مواقع التواصل المناوئة له متى شاء، ولكن ما يواجهه حزب الله لأول مرة هو “الناس” أي المواطنين المهدورة حقوقهم على مذابح الصفقات المالية والسياسية ومحاصصة المنافع في إدارة الدولة، التي بدأت تتحلل وتتفكك بسبب سيطرة الأحزاب الطائفية عليها.

لم يستطع حزب الله ان يقنع جمهوره رغم شراسة حملاته التي شككت بالثوار اللبنانيين ومطالبهم وأحياناً خونتهم، لم يستطع أن يقنعهم أن المظاهرات تستهدف الحزب وسلاحه حصراً كما حاول أن يروّج، وكذلك حليفه التيار الحر الذي أخفق إعلامياً أيضاً، بتصوير الحراك وكأنه ضد العهد حصراً ومدفوعاً من القوات اللبنانية وتيار المستقبل ووليد جنبلاط.

اقرأ أيضاً: نصرالله.. صيف وشتاء فوق سلطة واحدة!

فالهتافات طالت كل هؤلاء القادة الآنفي الذكر، لتأتي الضربة الكبرى أمس مع مظاهرات وأعمال شغب غير مسبوقة استمرت حتى فجر اليوم الاثنين، رفضاً لترؤس رئيس تيار المستقبل سعد الحريري للحكومة المقبلة.

وبذلك تكون نظرية المؤامرة التي يتبناها حزب الله وحلفاؤه قد سقطت، وهو مصيب من ناحية ان ما يحصل يشكل خسارة جسيمة له، لسبب أنه ولأول مرة يستمتع بتحقيق الأغلبية النيابية وحلفاؤه بقانون الانتخابات الذي قدمه له الحريري على طبق من فضة، فتوهّم أنه امتلك ناصية السلطتين التشريعية والتنفيذية بعد وصول ميشال عون لرئاسة الجمهورية وفرض أغلبية مطواعة له في الحكومة تدعم رئيس “التيار الحر” جبران باسيل في مساعيه لإضعاف الحريري وجنبلاط وعزل القوات اللبنانية.

واليوم فإن أسطوانة التباهي بقوة السلاح ومدى الصواريخ و”قلب الطاولة ساعة نشاء” التي درج عليها حزب الله لم تعد تجدي نفعاً أمام حناجر وهتافات المتظاهرين من الشباب والمراهقين الذين يعانون من احباط البطالة والتهميش، بفعل صفقات الطبقة الحاكمة وبفعل الفساد ونهب الدولة، ولقد أصبح زمام السلطة في لبنان رهن التدخل الخارجي الوشيك الذي يبدي استعداده لإنقاذ لبنان اقتصادياً في خطة طويلة الأمد مقابل تحجيم سطوة الطبقة السياسية الحاكمة ومنها حزب الله الخاسر الأكبر، الذي لم ينعم بأغلبية سطا عليها عنوة في ليل ليفقدها في نهارات وليالي الثورة  ثورة 17 أكتوبر، وليتصدر المشهد من لم يحسب لهم حزب الله حساباً مطلقاً وهم “الناس” من جميع الطوائف، الذين أحبطوا مفاعيل الصفقات السياسية والمالية التي جرت على رؤوسهم بواسطة الحزب وحلفائه وحتى بالإشتراك مع خصومه الطامعين بفتات كعكة السلطة.

اقرأ أيضاً: لبنان العالق بين ميليشيا الحكومة وحكومة الميليشيا!

وإذا كان سلاح حزب الله موجهاً ضد العدو الصهيوني وهو ما يردده الحزب دائما، فإن ما يحدث في الشوارع هو الإمتحان الحقيقي لصدق هذا التوجه، مع العلم أن الحزب يعلم جيداً أن سلاحه ومنذ أن شارك في السلطة بوزراء ونواب لم يعد ينفع بمواجهة الخصوم الداخليين حتى لو تلويحاً، لأن مصلحة الحزب ومكاسبه لن تتحقق بتلاشي الدولة، فهو يحتاجها ولو شكلا دون سلطة فاعلة.

السابق
نصرالله.. صيف وشتاء فوق سلطة واحدة!
التالي
أين موقع القوة الثالثة في انتفاضة 17 تشرين؟