ولاية الفقيه… بين تعزيز دور علماء الدين الشيعة وإذلالهم

هل حقا ولاية الفقيه العامة المعمول بها في ايران ويؤمن بها انصار حزب الله في لبنان هي عز وكرامة للشيعة ولمشايخهم، أم فيها اذلال لهم وللطائفة الشيعية؟

  إن نظرية “ولاية الفقيه العامة” هي من الصادرات اللبنانية إلى إيران في العهد الصفوي في القرن الخامس عشر الميلادي، وبالخصوص في زمن المحقق الكركي الذي تمكن من خلال نباهته من إقناع الملك الصفوي بأنه بوصفه الولي الفقيه العام في عصر الغيبة يُعطي الملك النيابة عن الإمام المهدي في الحكم، فما كان من الملك إلا أن جعله شيخ الإسلام في الدولة وهي أعلى رتبة كانت تُعطى لعالم ديني في الإمبراطورية الصفوية يومها.
 

أدى هذا الإجراء لحماية علماء الدين الشيعة الذين كانوا يعانون من اضطهاد الدولة العثمانية يومها، فهاجر كَمٌّ كبير من علماء جبل عامل إلى إيران حينها وحظوا بالقربى لدى الحكام الزمنيين، وبذلك ساهم العمل بولاية الفقيه العامة في تعزيز دور علماء الدين الشيعة تاريخياً… 

اقرأ أيضاً: «حزب الله» يهدم كيان علماء الدين الشيعة المستقلين

فنظرية ولاية الفقيه العامة التي استوردها لبنان منذ أربعين سنة من إيران كان قد صدَّرها إليها في عهد المحقق الكركي في القرن الخامس عشر للميلاد، ولكم المفارقة هي في كون صادرات لبنان كانت لتعزيز دور علماء الدين الشيعة عند الحاكم الزمني وفي الحياة العامة، في حين وارداته كانت لإذلال الكثير من علماء الدين الشيعة الذين لا يرون شرعية لولاية الفقيه العامة في عصرنا الحاضر.

 وهنا بدأت الحرب الضروس منذ أربعة عقود على المعممين من علماء الدين الشيعة في لبنان، الذين لا يرون الولاية العامة للفقيه في الرؤية الفقهية الاجتهادية بل يحصرونها في الإفتاء والقضاء والأمور الحسبية، وقد أدى ذلك لتراجع احترام عامة الناس في لبنان لعلماء الدين الشيعة بنسبة كبيرة تبدو تداعياتها واضحة في الشارع الشيعي خصوصاً عقب الصراع الدموي بين حزب الله وحركة أمل!

اقرأ أيضاً: خراب الخميني خامنئي

ففي الوقت الذي يحاول الفريقان حصر التمثيل الديني الشيعي بهما من خلال الممارسات الميدانية، ساهم الفريقان في إضعاف السلطة الدينية بخلافاتهما في صراع النفوذ الدموي، ولاحقا في المنافسات الحادة السلمية حول النفوذ والمناصب داخل الدولة، وفي الانتخابات البلدية وغيرها التي كادت تقسم الطائفة وتشرذمها.
 وقد تعرض في طول وعرض ذلك، مئات علماء الدين الشيعة في لبنان للإذلال والاضطهاد والظلم والعدوان! 
وهذا غيض من فيض ما جرَّهُ سوء استفادة الحزبيين من بركات نظرية ولاية الفقيه العامة في لبنان.

السابق
جعجع: التحركات الفلسطينية سياسية يقف وراءها حزب الله و«حماس»
التالي
هل يملك اللبنانيون مقومات مواجهة شاملة مع «إسرائيل»؟