يسأل عدد من اللبنانيين عن أهمية هذه المناسبة واحتفال بعضهم بالذكرى وخصوصاً أن دور القوى التي بادرت إليها قد اختفى تدريجياً وخصوصا بعد عام 1992 فيما أكمل آخرون مسيرة التحرير وصولاً الى عام 2000، يوم أكمل العدو الاسرائيلي انسحابه من الأراضي اللبنانية وأبقى على احتلاله لمزارع شبعا.
في ثلاثينيات القرن الماضي شارك اللبنانيون في الصراع ضد العصابات الصهيونية الساعية آذاك لإقامة كيان استعماري في فلسطين، وذلك بطرق مختلفة وقدموا مساهمات ودعم للثوار الفلسطينيين. في مقابلة مع المرحوم شفيق الارناؤوط روى كيف كان والشهيد معروف سعد وعدد من المتطوعين يجهزون السلاح في محلة القياعة في صيدا قبل تهريبه الى الثوار في فلسطين.
اقرأ أيضاً: هكذا قضى حزب الله والنظام السوري على «جمّول»
وفي 15 ايار 1947 استشهد المواطن اللبناني محمود ناجي البزري وهو من مواليد صيدا عام 1914 اثناء مواجهة مع عصابات الهاغاناه في منطقة قريبة من قرية البيرة ودفن هناك. وخلال عام 1948 قاد معروف سعد عددا من المتطوعين وقاتلوا العصابات الصهيونية في عدد من القرى والبلدات الحدودية واستشهد يومها ديب عكرة في معركة المالكية ودفن هناك أيضاً.
بعد نكبة عام 1948 استلمت الجيوش العربية زمام الامور وصولاً الى نكسة 1967، بعدها رفع اصحاب القضية الاساسيين اي الفلسطينيون السلاح لقتال اسرائيل. وفي لبنان اوجد الفلسطينيون حالة استثنائية وفرضوا واقعا لقتال العدو الاسرائيلي عبر الحدود اللبنانية – الفلسطينية.
سعت اسرائيل ومن خلفها الى انهاء هذا الوجود المسلح عبر استخدام الانقسام اللبناني – اللبناني تحت شعارات شعبوية من جهة ومن خلال محاولة الامساك بالورقة الفلسطينية اقليميا من جهة اخرى.
لكن هذه السياسة لم تنجح، ما دفع اسرائيل للتدخل بشكل مباشر فكان اجتياح عام 1982 الذي هدف الى انهاء الوجود الفلسطيني المسلح واقامة حكم موال لها. في آب 1982 وبعد مفاوضات طويلة وشاقة انسحب المقاتلون الفلسطينيون من بيروت بعد حصار دام 88 يوماً. يومها اعلن العدو الاسرائيلي انتصاره على السلاح الفلسطيني في محاولة لاظهار ان مقاومة الاحتلال باتت في حكم المنتهية.
وفي 16 ايلول 1982 وبعد اغتيال الرئيس اللبناني بشير الحميل اقدمت قوات الاحتلال الاسرائيلي على دخول العاصمة اللبنانية بيروت لتكون العاصمة العربية الثانية التي تحتلها اسرائيل بعد القدس. وكانت تظن انها رحلة صيد ممتعة. فكان بيان انطلاقة جبهة المقاومة ليقول ان مقاومة المحتل الاسرائيلي مستمرة وممكنة وان السلاح الوطني اللبناني سيستخدم من أجل تحرير الوطن لبنان، وأن الوطن باق والاحتلاال الى زوال وهو الشعار الذي رفع آنذاك.
اقرأ أيضاً: جمّول و «الرصاصة» الأولى!
ما حصل يومها كان ردا على قول بعض المسؤولين الاسرائيليين ان العصر الاسرائيلي قد ساد ولا سبيل الى مقاومته. لكن المقاومة بدأت من جديد واجبرت العدو الاسرائيلي على الانسحاب من العاصمة بيروت وكرت الانسحابات من المناطق اللبنانية الاخرى تحت ضربات المقاومين في حين ان آخرين كانوا مشغولين بانتاج نسخة جديدة من النظام الطائفي تقوم على اساس المحاصصة.
هذا هو الدور الاستثنائي لانطلاقة جبهة المقاومة الوطنية اذ اعادت فتح باب الصراع ضد الاحتلال الاسرائيلي بعد ان حاول إغلاقه والترويج بان القضية انتهت.