عن «تويتر» الذي أوقف لبنان على «رجل ونص»!

اجر ونص
لم يعد تويتر موقعاً عادياً للتواصل الاجتماعي، وربما في لبنان بالتحديد الذي أدرك حكامه كما مواطنوه أنّ تويتر لعبة ماكرة باتت تقود الرأي العام الجمعي نحو موقف معين أو تؤلب بلاداً بأكملها وتوقف مصير مستقبل الحكومة إثر تغريدة واحدة أو تصريح مباغت أو تعليق غير متوقع.

في الأمس، ليس لبنان الذي لم ينم، بل تويتر نفسه، الذي غصّ بآلاف التغريدات المتعلقة بخطاب الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله. وفي الأمس القريب كانت حادثة قبربشمون ساحة الجدال على تويتر والتراشق السياسي بين المعسكرين المتناحرين لأسابيع. وبين ليلة وضحاها قد يشتعل تويتر بهاشتاغ جديد يوقظه حدث ما ويدفع اللبنانين دون فرز في مستوى الوعي السياسي أو الرقمي للتغريد والتعليق وكأنّ لبنان يولد من جديد لكن هذه المرة على “تويتر”.

اقرأ أيضاً: ما الذي يخفيه حزب الله في رواية «غارة الدرونز» على الضاحية؟!

ساحات النزاعات نفسها انتقلت، الأحزاب ومن يواليها للعظم، وصفوف المترصبين بأي تغريدة تفلت ضد زعيمهم أو جملة ما قالها. وبهكذا يتراشق الجميع فيما بينهم حتى لو حملت التغريدات ذات الهاشتاغ مرة للدفاع ومرة أخرى للسخرية والتهكم. فحال العجلة السياسية على الأرض متوقفة وإذا ما عقدت راية الصلح على تويتر فلن تحل المشكلة في الميدان، فماذا يعني أن يلغي زعيم متابعة حساب زعيم ند، وماذا يعني أن يرد رئيس الحكومة على قضية تثير الجدل عبر تويتر. حيث انتقلت المواجهة الفعلية إلى خلف شاشات الجوالات التي تدفع بالبعض للتعبير ثم الحذف كالنائب وليد جنبلاط الذي يوصل رسائله عبر تويتر ويحذفها في بعض المرات كي لا يدين نفسه.

ومن جانب الإعلاميين فهم ليسوا بمنأى عن ما يحدث، بل تحولت حساباتهم على تويتر إلى منبر للتعبير عن آرائهم حتى لو جاء ذلك على حساب غياب عن قنوات التلفزيون أو انقطاع عن الكتابة الصحفية. ف

الحضور الفعلي يثبت نفسه كما بات البعض يعتقد في تثبيت الأرجل على تويتر، فماذا لو كان البلد متعثراً في الوقوف على تويتر ذاته، بل يعيش حالة اهتزاز من ردات الفعل الإقليمية على أي حدث يجري في المنطقة. وبالمقابل صدّر تويتر مجموعة من أصحاب الرأي الذين وجدوا فرصة سانحة للظهور وركوب موجة الحدث فلا أثر فعلي على الأرض سوى التغريد وبالتالي الشهرة وربما اقتحام المجال الإعلامي في الإذاعة والتلفزيون فيما بعد.

اقرأ أيضاً: ما أبعاد اسقاط حزب الله لطائرتي استطلاع إسرائيلية فوق الضاحية؟

قبل سنوات، كان “تويتر” يعاني من هيمنة الفايسبوك، أرباحه تناقصت وتنبؤات توقعت بإغلاقه، ورغم أن إمبراطورية مارك زوكربرغ لما  تسيطر عليه بعد، إلا أنه تفوق في حشد الرأي العام عالمياً وحقق انتشاراً واسعاً بلبنان ففرض ظله على كافة مناحي الحياة دون أن يغير من المعادلة السياسية للبلد، بل نقل ساحة الصراع إلى ميدان جديد أثبت مجدداً أن الإعلام هو أقوى السلطات وأكثرها مكراً.

السابق
«سيدة الجبل»: حماية لبنان مسؤولية الدولة حصراً ومن دون شراكة أحد واعتداء إسرائيل مرفوض
التالي
رئيس الجمهورية: اعتداءا الضاحية وقوسايا يخالفان القرار 1701 وما حصل إعلان حرب يتيح لنا اللجوء الى حقنا بالدفاع عن سيادتنا