الجرذان والفئران في كل مكان في أزقة وشوارع وبعض بيوت ضاحية بيروت الجنوبية

الضاحية الجنوبية
مشاكل البيئة هي هي في ضاحية بيروت الجنوبية منذ عقود من الزمن، ومنذ قيام الجمهورية اللبنانية الأولى، وفي فترة ما قبل الحرب الأهلية اللبنانية المشؤومة، وبسبب تضخُّم أعداد الجرذان في بيروت وضعت الدولة اللبنانية يومها عبر البلديات آلية لمكافحة ظاهرة تكاثر الجرذان مستعينة بجهد المواطنين وذلك لمَّا خرج عن قدرتها إمكانية معالجة ظاهرة التكاثر هذه وذلك عبر وضع جائزة مالية لكل مواطن يأتيها برأس جرذ حياً أو ميتاً.

وبقيت هذه المشكلة البيئية منذ ذلك الحين تتفاقم يوماً بعد يوم لتَمُرَّ بمرحلة غياب الدولة وبلدياتها أثناء الحرب الأهلية دون حلول علمية دقيقة وعملية ناجحة. واليوم ورغم استقرار الدولة والأمن وتوقف الحروب المتعددة في لبنان لا نجد خطة واضحة ومُعلنة يحسن السكوت عليها لمواجهة تكاثر الجرذان والفئران من قبل بلديات لبنان عموماً، وبالخصوص اتحاد بلديات ضاحية بيروت الجنوبية الذي تعتبر منطقة برج البراجنة في دائرة الاتحاد المذكور الأكثر معاناةً من مشكلة تكاثر الجرذان والفئران بحسب المتابعات الميدانية!

 فلا توجد خطة لمواجهة هذه المشكلة كما لا توجد دراسة نظرية في هذا الشأن!

اقرأ أيضاً: الإهمال في مستشفيات الضاحية الجنوبية يتسبب بمآسٍ صحية..

حتى غدا المنظر رهيباً ومخيفاً لأعداد هذه الجرذان والفئران في أزقة الضاحية وشوارعها كما في الكثير من بيوتها، وهذا الأمر يلتمسه بوضوح بأم العين من يتَجوَّلُ في هذه الشوارع والأزقة أو يزور بعض البيوت العتيقة في منطقتي برج البراجنة وحي السلم، خصوصاً في فترة الليل، بل يرى ذلك في وضح النهار وإن كان بنسبة أقل ظهوراً مما هو في طبيعة سلوك هذه الحيوانات التي تتحرك في الليل بحرية أكبر وكثافة أكثر ..

وقد ضبط مراقبون اعتداء بعض هذه الحيوانات على جثث بعض الموتى في مدافن الضاحية، فشوهدت عملية حفر الجرذان لقبور عدة والوصول لبعض جثث الموتى ليتم العدوان عليها والنهش بها وببقاياها في مقابر المسلمين في برج البراجنة والرادوف والأوزاعي وحي السلم والطيونة والشياح وروضة الشهيدين وبئر حسن وفي مقبرة المسيحيين في حارة حريك!

وهذا يستدعي تحرك الجهات الدينية ومنها دوائر الوقف المختلفة في الأوقاف الإسلامية والمسيحية لمواجهة هذه المشكلة الحقيقية.

   وكنا قبل الانتخابات النيابية الأخيرة الفاشلة قد أثرنا عبر مجلة شؤون جنوبية وغيرها من المواقع الإعلامية المتابعة لمشاكل البلد الحقيقية ، كنا يومها قد أثرنا هذا الملف ليُدخله مرشحو الضاحية في جملة برامجهم الانتخابية البيئية ولكن أحداً لم يفعل ذلك، ولا حتى أشار إليه أحد من المرشحين بالرغم من الدراسات الميدانية التي قمنا ويقوم غيرنا بتقريبها حول هذا الملف!

وفي دراسة قامت بها جهة متخصصة في الشؤون البيئية فقد قُدِّرت أعداد الجرذان في منطقة برج البراجنة فقط بما يزيد عن مليون جرذ!

وتم هذا الإحصاء من خلال مراقبة الأماكن الأساسية لتكاثر هذه الجرذان ومتابعة ملاحظة البُؤر التي تتوالد فيها، وهذه الدراسة تكشف عن حجم الكارثة في منطقة واحدة في الضاحية التي تُعتبر الأسوء لوجود مطمر النفايات الكبير في محيطها الجغرافي في محلة منتجع الكوستا براڤا في شاطئ خلدة السياحي، حيث ساهم وجود هذا المطمر في تأمين نسبة عالية من الپروتينات من فضلات الطعام لهذه الجرذان – كما للفئران – مما أدى ويؤدي إلى تعاظمها في الحجم حتى بلغ وزن بعض هذه الجرذان – بحسب الدراسة المذكورة – قرابة الخمسة كيلو غرامات كحد أقصى، كما وصل وزن بعض الفئران قرابة الكيلو كحد أقصى بحسب الجهة المذكورة!

وبالأمس ظهرت للإعلام فضائح بعض مستودعات المواد الغذائية وبالخصوص الطحين عندما قام وزير الصحة الأسبق وائل أبو فاعور بحملته لمكافحة قلة الرقابة الصحية على الغذاء في لبنان ، هذه الحملة التي نأمل أن تتجدد اليوم من قبل وزير الصحة الحالي كون تكاثر الجرذان والفئران في ضاحية بيروت الجنوبية بلغ حداً يُهدد بانتشار الكثير من الأمراض التي لا خلاق لها في المدى المنظور خصوصاً مرض الطاعون الوبائي الذي يقضي على الحرث والنسل!

وهذه الظاهرة تحرم – أيضاً – لحد كبير المراكز السياحية في ضاحية بيروت الجنوبية من كثير من ريع السياحة في فصل الصيف في كل سنة. وهذه الظاهرة – بحسب الخبراء – تستدعي وقف طمر النفايات في مطمر النفايات في شاطئ ساحل خلدة السياحي، كما تستدعي إقفال معمل حرق ومعالجة النفايات في منطقة العمروسية ، كما تستدعي إخراج النفايات بالكلية من محيط الضاحية من المطمر والمعمل المذكورين ومن غيرهما من الأماكن المأهولة بفائض سكاني لا خلاق له.

اقرأ أيضاً: المأساة البيئية في الضاحية الجنوبية

 وفي المقابل يجب إيجاد حل علمي وتقني لهذه المشكلات كما تفعل الدول المُتَحَضِّرة، فلا المطامر ولا المحارق تعتبر حلاً صحيحاً صحياً على الإنسان والبيئة، وأين أصبح عرض الشركة الإيطالية ببناء معمل حديث وصحي متطور بمواصفات بيئية عالمية لمعالجة النفايات في منطقة الدامور الساحلية على أن تستثمره الشركة لسنوات ويعود ملكاً للدولة اللبنانية بعدها؟

 لماذا لا يبادر نواب برلماننا وبالخصوص نواب الضاحية بالسعي لفرض هذا المشروع البيئي الذي يعتبر الحل الوحيد في المدى المنظور لمشكلة النفايات التي تهدد بالانفجار في الأشهر القليلة القادمة؟

السابق
«ذا فويس»: كراسي الحكام ثُبتت.. فماذا عن المواهب؟!
التالي
هذا الغيتو