هؤلاء هم المتضررون من العقوبات الاقتصادية على حزب الله

حزب الله
لقد اعتاد حزب الله على التَّكيُّف مع مختلف الظروف والمتغيرات منذ تأسيسه وحتى الآن . وسبق وتعرض لمقاطعة مالية لعدة مرات من داعمه الإيراني كانت تتفاوت في طول مدتها وقصر مدتها بحسب الأسباب والدواعي.

أثناء الحرب بين حزب الله وبين حركة أمل نهاية ثمانينات القرن الماضي، ساهم يومها المرجع الراحل السيد محمد حسين فضل الله في تغطية قسمٍ من إنفاقات الحزب من ماليته ليحول دون انهياره وإن كانت العلاقة الآن بين الحزب وبين تيار فضل الله ليست على ما يرام لأسباب يحسن عدم ذكرها. والنتيجة هي أن الحزب تمكن من تجاوز كل تلك الأزمات لديناميكيته في قدرات تجميع الثروة وتحويلها بعناوين متعددة داخل وخارج البلد. وكل هذه الإجراءات يتخذها الحزب بسرية تامة ونادراً ما كانت تُخترق أمنياً.

واليوم يواجه حزب الله الضغط الاقتصادي الجديد بعد أن أصبحت لديه تجربة طويلة في هذا المجال خلقت عنده مناعة تمنع من انهياره وسقوطه على مستوى القيادة والمحازبين المنظمين في قطاعاته الكثيرة. ومن خلال التجربة الماضية تبين أنه من الصعب إسقاط الحزب ومحاصرته بعقوبات اقتصادية من هنا وهناك ، فقد كانت مختلف الحروب على لبنان لإنهائه من الناحية الاقتصادية والعسكرية والشعبية ولم تنجح بل كانت نتيجتها تعاظم قدراته المختلفة وإلحاق الهزيمة بالعدو الصهيوني والتكفيري…

اقرأ أيضاً: العقوبات الأميركية والرهانات الإيرانية

لكن من الذي سيتضرر من العقوبات الاقتصادية الأخيرة؟

سيتضرر المستفيدون غير المباشرين من حزب الله من خلال المال السياسي الذي ينفقه الحزب على هؤلاء، فسياسة التقشف ستفرض تقليل الانفاقات غير الضرورية والمعونات المتعددة والبحبوحة في المصروفات بالعناوين المتنوعة التي كان الحزب يُغدقها على مؤيديه وفي محيط انتشاره في المناطق اللبنانية عبر الخدمات التي كان يخُّص بها من يتبنَّى نهج ولاية الفقيه، لذلك فان الحزب سيمسك يده في إنفاقاته المذكورة كي يحافظ على قوته النقدية، وستتضرر بسبب هذا الإجراء الشريحة هذه التي يمكن للحزب الاستغناء عن خدماتها عند الشدائد والتي يسهل عليه بيعها عند الاضطرار، وهم الأنصار من البيئة الحاضنة، وكل هذا يقلل من جدوى العقوبات الاقتصادية لإنهاء حزب الله بل الضائقة ستصيب قوماً آخرين ليصح على ما نحن فيه تطبيق القاعدة الأصولية القائلة: “ما قُصِد لم يقع وما وقع لم يقصد”!

اقرأ أيضاً: حزب الله ومنهجية قضم نفوذ حركة أمل في لبنان

فلن تحل العقوبات الاقتصادية المشكلة بين الدول الغربية وبين الحزب وداعمته إيران من جهة، ولن تتمكن العقوبات من حماية إسرائيل ومشروعها في المنطقة، بل بالعكس سوف تزداد المخاطر على المشروع الصهيوني في المنطقة إذا جاع الفقراء والضعفاء الذين قد يعلنوها حرباً عليَّ وعلى أعدائي” ويتزايد حجم التأييد والدعم لمشروع حزب الله وداعميه في المنطقة.

في رأينا مشروع العقوبات هو الوجه الآخر للغباء السياسي في مواجهة محور حزب الله وداعميه، ويبقى الكلام للمواجهة العسكرية التي لن يجد فيها حزب الله ما يمنعه من استخدام كل عتاده العسكري ضد إسرائيل بعدما خلقت له العقوبات الاقتصادية عذراً للتدخل بكل ثقله في المواجهة العسكرية الميدانية المقبلة.

السابق
العقوبات الأميركية والرهانات الإيرانية
التالي
حنين شيعي إلى «الزمن العربي»