حزب الله من ثورة الجياع 2004 الى ثورة المخالفات 2017

حزب الله عالق في حقل ألغام. ألغام انفجر منها منذ أيام احدها بوجهه، فهل سيعي كيفية ادارة ملفاته في القريب العاجل؟

كل فترة زمنية قصيرة تثور ثائرة سائقي الفانات في حيّ السلم بشكل خاص ومحدد، ولم نلحظ يوما ان ثارت ثائرة سائقي فانات الضاحية الشرقية لبيروت.

إقرأ ايضا: لماذا أباح حزب الله «حي السّلم» للقوى الأمنيّة؟

فهذه الضاحية المسماة جنوبية نظرا لوقوعها جنوب بيروت وتلك المسماة شرقية لوقوعها شرق بيروت، تشبهان بعضهما في الفقر والإهمال، وان كان بدرجات متفاوتة.

الا ان ما يلفت النظر هو سرعة اشتعال الارض بثورة، وحرق الدواليب والتعديّ على الاملاك العامة، والانتفاضة، والتضارب مع القوى الأمنيّة واطلاق النار، كأننا في جبهة بين عدوين.

هذه المناوشات، شبه الدائمة، لن تتوقف، لأن سائقي الفانات هم عمّال مياومين عانوا الفقر وثاروا قبل اكثر من عقد من الزمن ثورة جياع مع الامين العام السابق لحزب الله الشيخ صبحي الطفيلي عام 2004 في عهد ولاية الأمين العام الحالي لحزب الله السيد حسن نصرالله الذي تسّلم الأمانة العامة لحزب الله بُعيد اغتيال السيد عباس الموسوي عام 1992.

انتفض الشيخ صبحي الطفيلي مع الفقراء وبرفقتهم، لكن انتفاضته بوجه الزعماء بدت وكأنها رغبة سورية لشقّ حزب الله، كما فعلت سورية مع بقية الاحزاب المواليّة لها طيلة فترة وجودها في لبنان.

إقرأ ايضا: أوسع حملة لبلديات حزب الله لإزالة المخالفات في الضاحية..

نجح المخطط السوري قليلا، لكن حزب الله القيادة الأم، ارجعت الخارجين على سلطتها ولجمت المنتفضين وأقصتهم خارجا.

لكن الفقر بقي، والاهمال استمر، والجوع ازداد. فكان حزب الله يُسكت اتباعه بالمساعدات والمال والمنح والخطاب السياسي العصبوي، وصولا الى المذهبيّ.

بالمقابل، لم يعصِ جمهوره أمره بل ذهب أبعد منه في تأييده في حربه في سورية، الى ان وقعت الواقعة يوم الاربعاء في 25 تشرين الاول من العام 2017 الجاري.

حيث ان الجمهور الذي قدّم شبابه ومستقبله وتحمّل، نتيجة سياسة حزب الله، أثمان البطالة والطرد من الدول الخليجية والأوروبية والطاقات الشبابية المهدورة، اضافة الى الفساد المستشري من قبل طرف شيعي محدد واستئثاره بكل ما له علاقة بالشيعة في الدولة اللبنانية لمحازبيه، اضافة الى انتشار الفوضى والسرقات والجرائم والمخدرات في بيئته ككل والضاحية خاصة فجّر قنبلة، بحجم التأييد، بوجه الطرف الذي تبعوه حتى الموت.

انتفاضة العام 2004 وانتفاضة العام 2017، مرّ بينهما أكثر من عقد، انتهت نتيجة التقلبات السياسية المبدئية، وانتصر الاستزلام.

فحزب الله، بدأ حزبا اقليميا عام 1982 وتحوّل شيئا فشيئا الى حزب لبناني عام 1996، وما بعده، ودخل الى قلوب اللبنانيين بقوة. الا انه ومع اطلالة عام 2011 خرج من عباءته اللبنانية ليعود الى سابق عهده، راغبا بالخروج من جمهوره الذي قدّم له ما لم يقدّمه جمهور لحزب او زعيم، فكانت الفورة الداميّة، والتي لم تؤد الى سقوط ضحايا.

أراد حزب الله التضحية بساحته المحليّة لكونه مشغول بحساباته  العسكرية والاقتصادية مع واشنطن واسرائيل، والسياسية مع السعودية والخليج العربي كله، الا ان جمهوره رفض ان يدفع الثمن مرة أخرى في زمن الإحتلال السوري الجديد المتمثل بالنزوح الكبير.

إقرأ ايضا: استهداف الفقراء في حي السلم تجاوز للخطوط الحمر من قبل من؟

هذا النزوح الذي قضى على الفقراء في لبنان، والذي لم يفعل بوجهه حزب الله أي شيء، سوى الرضوخ لرغبة الطائفة السنيّة في استقبال من قد يشكلون لها غلبة ديموغرافية على المدى الطويل.

حزب الله في بوصلته الجديدة ضائع، ولا يدري كيف يسير بين الالغام، بين لغم واشنطن واسرائيل، ولغم الرياض وسورية، ولغم الواقع اللبناني الاقتصادي والانمائي والسياسي الضاغط، ولغم ولاية الفقيه الذي يفرض عليه احيانا الخروج العام بمظهر لا يتناسب مع الواقع اللبناني.

السابق
مجلس الشيوخ الاسباني يقر فرض الحكم المباشر على إقليم كتالونيا
التالي
«غبرة صباط السيد» لم تشفع لـ«الجديد»