حرب حزب الله السورية: أوامر إلهية… في خدمة شياطين إيران

حزب الله طوى صفحة القتال ضد اسرائيل، الساحة السورية هي الاولوية ويكتفي بما تكتبه الصحافة الإسرائيلية عن قدراته. حزب الله الذي يتحول شيئاً فشيئاً إلى قوة قتالة مذهبية لها عداء مع أغلبية العرب.

كلما طال استغراق حزب الله في القتال داخل سورية، زاد الحديث لدى قيادات حزب الله، والنخبة العسكرية والأمنية والإعلامية الإسرائيلية، عن تطور قدرات الحزب، وأنّ قوته وخبرته كجيش تزداد وتطور. ولأي مراقب ومتابع أن يلاحظ كيف أنّ وسائل إعلام حزب الله تحرص على تصيّد كل موقف إسرائيلي، سواء كان تصريحاً أو مقالاً أو تحليلاً منشوراً في إحدى الدوريات الإسرائيلية، يشير إلى هذا التطور في قدرات حزب الله. ودائماً يستشهد مسؤولو حزب الله، حين يريدون التأكيد على صوابية ما يفعله حزبهم في سوريا، إلى استحضار هذه المواقف كشواهد أو حجج لإسكات معارضي تدخّلهم في الحرب السورية.
ليس المجال هنا للنصح أو انتقاد قتال حزب الله في سورية، ذلك أنّ هذه من القضايا الكبرى التي قد لا نقدر على وعي أبعادها الكونية ومدى ارتباطها بظهور الإمام المهدي عجل الله فرجه الشريف، وبالتالي لعجزنا عن إدراك الحكمة الإلهية التي ألهمت الولي الفقيه بهذا الموقف الجلل. ما نحاوله هو أن نوصّف فقط. وأن نعترف بقدراتنا المحدودة على الإدراك والإحاطة. إذ “لا يكلف الله نفساً إلاّ وسعها”.
الأرجح أنّ هذه المهمة الإلهية التي خصّ الله بها حزب الله في سوريا، تبدو طويلة. فلا مؤشرات تدل على نهاية قريبة للحرب، ولا يريد ممثل الولي الفقيه في بلاد الشام، سماحة السيد حسن نصرالله، أن يعيد جنوده إلى لبنان قبل أن يحقق النصر. من هنا يمكن الإستنتاج أنّه ما لم يتدخل الله سبحانه وتعالى في نصرة حزبه، فالحرب طويلة وحزب الله سيستمر في القتال وفي نقل الجثامين من سوريا إلى لبنان.
ورغم اننا في حضرة حزب الله، والتكليف الإلهي، وفي محضر القرارات الإلهية، لا بدّ من ملاحظة أنّ هذه الحرب، ولو كان من يخوضها من بلادنا هم جنود الله، إلاّ أنّها في نهاية الأمر حرب، تفعل فعلها في المجتمع. ثمّة أشياء عديدة غيرتها هذه الحرب في بيئة حزب الله. فقد زاد الفساد والإفساد، بإعتراف نصر الله خلال خطابه الأخير الموجّه إلى أهالي البقاع. والفوضى راحت تتحول إلى نظام اجتماعي. وظاهرة التشبيح تنتشر، في الضاحية والجنوب والبقاع، كما العصابات والشللية. منطقة بعلبك الهرمل باتت أكثر من منطقة منكوبة، إنّها منطقة فلتان أمني واجتماعي. منطقة تهريب واستقواء وسرقات وخوات. المجتمع يأكل بعضه بعضاً، ولا همّ. فقد سيطر نظام مصالح لم يعد يجد حاجة للمطالبة بعودة الدولة. السرقات من داخل حزب الله وتطال عتاده وآلياته.

حزب الله

الانتقال إلى سوريا والعودة منها تحوّل إلى خطّ تهريب من لبنان الى سوريا وبالعكس. المخدرات تجارة ناشطة وزراعة الحشيشة تبشر بموسم جيد. على الصعيد الاجتماعي والأخلاقي القصص أكثر من أن تعد وتحصى، ومعظمها يعكس تقهقراً مضطرداً على المستوى الأخلاقي والإجتماعي، ودائماً نتحدث عن البيئة الحاضنة لحزب الله.

إقرأ أيضاً: لبنان لحزب الله وإيران

في الشأن المتصل بالموقف من اسرائيل، لا شكّ أنّ عدم قيام تل أبيب بتوجيه أي ضربة لجنود الله في سوريا، ليس منشأه عجز اسرائيلي، على ما يرجح كثيرون. فأكثر من تقرير اسرائيلي قال بوضوح إنّ وجود حزب الله العسكري مكشوف لديها، وهي قادرة، إذا اقتضت مصالحها ذلك، أن توجّه ضربات موجعة له. لكنها تكتفي بتصيّد بعض قوافل أسلحته المتجهة من سوريا إلى لبنان، وسوى ذلك لا تعكّر صفو حزب الله في سوريا، إن في حلب أو ريف دمشق أو على امتداد الجنوب السوري.
الأرجح أنّ اسرائيل تقوم بكل ما يلزم لبثّ الطمأنينة لدى بيئة حزب الله، بأنّ قتاله في سوريا لن يعكر صفو الاستقرار، بل تبثّ وسائل الإعلام الإسرائيلية ما يشير إلى القلق الإسرائيلي من تطور قدرات حزب الله القتالية، فيما هي ملتزمة بالصوم عن أي خطوة عسكرية عدائية ضده منعاً لإحراجه، ومنعاً لتعديل أولوياته السورية. ومن يتابع يدرك أنّ الحزب قد طوى صفحة المبادرة لقتال اسرائيل نهائياً، ولحسابات إيرانية بالدرجة الأولى، فيما شكل الشرخ بينه وبين السنة العرب عنصراً قاتلاً ضمن أيّ مغامرة محتملة بوجه إسرائيل. وهو سيعتصم بخيار المحافظة على الهدوء في جنوب لبنان، كورقة قوة وحيدة لديه تمنع اسرائيل من المغامرة نحوه.

إقرأ أيضاً: خطف ظابط سوري منشق في طرابلس والمتهم حزب الله

الفخ السوري يعتبره حزب الله عملياً فرصة ليتحول إلى قوة اقليمية، ولو على حساب العداء مع أكثرية الشعب السوري. هذا الفخ الذي يستنزف حزب الله وبيئته هو فرصة ليس لإنهاء حزب الله بالمعنى العسكري، بل لترسيخ وجوده كقوة إيرانية مذهبية غايتها القتال. ولأنّ القتال الوحيد المتاح حالياً هو في الحروب الأهلية والمذهبية العربية – العربية، فلا بأس أن يستمر الحزب، إلى ما يشاء، في القتال. وهذا وحده يكفي لتطويعه وإدراجه في سياق الحروب البعيدة عن اسرائيل و“الشيطان الاكبر” والغرب.
وجود حزب الله في سوريا يستمرّ كوظيفة الهية، ولو كانت في خدمة الشياطين… فأبشروا.

السابق
غاريوس: حتى اللحظة لا يمكن الحديث عن تأخير في تأليف الحكومة
التالي
#حملة_دفى سيشمل دفؤها كل لبنان