بعد خطاب نصرالله: الالتفاف حول الحريري أو الإنخراط في مشروع حزب الله

الحريري أخطأ، وقد كرر الخطأ مرتين أولاً بمبادرة تبني ترشيح فرنجية التي لم يتلقفها أيٌّ من الأطراف السياسية والثانية بتأييده أخيراً ترشيح الجنرال ميشال عون.

ما قام به الحريري منافٍ لإرادة من يمثل ومعارض لرغبتهم، ولكن الحريري لم يقدم على أيّ من الخطوتين لمآرب خاصة أو لدواعٍ شخصية، بل لنقل ان ايسر ما يمكن أن يقدم عليه في هذه المرحلة، هو العودة لبيته الباريسي او السعودي تاركاً لبنان يتجه نحو المؤتمر التأسيسي.

خطوة الحريري لم تكن مقبولة، وميشال عون ليس رئيساً جامعاً، واللبنانيون ممن هم في خط 14 آذار او تيار المستقبل قد استقبلوا خطاب بيت الوسط بغصة واعتراض ونقمة، ولكن في المقابل هناك يقين انّ الحريري وإن أخطأ فهو لم يكن أمام حل آخر في ظلّ التخلي العربي والغطاء الدولي لحزب الله وإيران، وفي ظلّ مشاريع الدويلة في لبنان والتقسيم والفيدرالية في سوريا المفيدة، والتغيير الديموغرافي.

كل ما ذكرته، لا يشفع للحريري خطوته، لا يشفع ان يكون المنقذ الوحيد في وطنٍ كل ساسته رجال حرب ودم وفساد، وجميعهم قد أحرقوا الوطن في الحرب الأهلية ولن يترددوا في إحراقه ثانية وثالثة لمصالحهم الطائفية البحتة.

الحريري اليوم ليس في موقع قوة، والشارع السنّي انقسم حوله، والأصوات تعلو، وتضحيته وصفت انبطاحاً وتسليماً للمشروع الإيراني، وهو نفسه توقع ردّة الفعل هذا أثناء احتفال تنصيب عون مرشحاً توافقياً واستبق المزايدة باستعداده لسماعها، وصرّح أنّ الثمن ليس سهلاً، فكان القرار كمن يتجرع كأس السم، لأجل الوطن.. وأضاع بين صفاء النيّة وبين التضحية أجزاء من هذا الوطن.

الحريري

سلبية موقف الحريري لا جدال فيها، ولكن الجدال هو في الموقف من الحريري قبل خطاب السيد حسن نصر الله وبعد خطاب السيد حسن نصرالله، فممثل “الولي الفقيه” خرج أمس من مخبئه في حارة حريك، تحدث عن الحريري بفوقية فتعالى عن تسميته وعن الرد على تصعيده، ليذكر اسمه في معرض واحد وهو أنّه سوف يضحي بالقبول به رئيساً للحكومة.

اقرأ أيضاً : نصر الله: لا رئيس للجمهورية في 31 الجاري

عبارة نصر الله هذه ما هي إلا محالة لمصادرة الصوت، ولدحض تضحية الحريري والتي كان هو نفسه الخاسر يوم سلّم لمرشح السيد، وهي أيضاً مهانة لكل خطّ الاعتدال السني ولكل بقايا 14 آذار وشهداء ثورة الأرز الذين استشهدوا وهم يخرجون نظام الوصاية الذي يرسل نصر الله اليوم مقاتليه للدفاع عنه وللموت فداه.

ما قاله نصر الله للحريري ليس موجهاً ضده بل ضدنا جميعاً، فمن رهن لحارته كرسي بعبدا، ها هو يسعى المسعى نفسه مع كرسي رئاسة الحكومة، ولكن لولا معراب ومباركتها لما ذهب القصر الجمهوري لحزب الله، فالجنرال عون ما كان وحده ليستطيع أن يخضع الحريري، لولا الحليف الحكيم وتبينه لترشيح الجنرال.

اقرأ أيضاً : الرئيس عون: مدير بأختام الوصايتين الإيرانية والسورية
واليوم المحاولة نفسها تتكرر مع ممثل السنة سعد الحريري، ممّا يعني أننا أمام اختبار أو نكون أبناء الشهيد ومن نهجه فنتعالى عن الجراح ونلتف حول الحريري ضد أوامر ولي الفقيه ، فننتقده للإصلاح لا للإطاحة، وإما نكون في الضفة الأخرى التي لن يستفيد منها إلا حزب الله، والتي لن نكون بها إلا خداماً لمشروع إيران الذي يطمح للقضاء على الاعتدال السني وعلى تيار المستقبل وزعيمه.

الاختلاف مع الحريري حق، وانتقاده واجب، والاعتراف بأنّ قراره خاطئ هو شهادة الضمير، أما الارتضاء بالاصطفاف في تلك الجهة التي تحاربه وتريد إنهاءه فهذا يعني أنّ جنود ولي الفقيه هم من يتحركون لأنّ مشروع حزب إيران هو فقط المستفيد والمنتصر من نهاية سعد الدين الحريري.

السابق
فرنجية: ماضي الجنرال عون عاطل مع السنّة
التالي
فرنجية عن عون: شفت واحد عمرو 85 سنة وبيغير عاداته