لا حجّ لإيران وحزب الله هذا العام…والآتي أعظم!

بعد اندلاع الحرب السورية قبل خمسة أعوام، ظهرت في وسائل الإعلام موجة من التقارير الرسمية الإيرانية تتهم فيها السعودية بنشر ودعم المنظمات المتطرفة في سوريا، لتردّ السعودية كذلك وتتهم إيران بالعمل الدأوب لتفتيت المنطقة عبر تدخلها العسكري بذرائع طائفية في سوريا، وإستدعائها للميلشيات الشيعية اللبنانية منها والعراقية والأفغانية إلى ساحة الصراع السوري.

واستمرّ احتدام الصراع الإيراني – السعودي بعد ثبوت تسليح ايران للحوثيين وتدخل حزب الله اللبناني في اليمن، وذلك على خلفية إنتشار فيديو لقيادي من حزب الله اللبناني يدرب مجموعات حوثية في موقع محاذٍ للحدود السعودية، ويعطي دروساً للمقاتلين عن كيفية إستهداف المواقع العسكرية السعودية. كما نشرت تقارير أميركية حول ضلوع إيران بأعمال إرهابية إستهدفت المملكة العربية السعودية، وقام مجلس التعاون الخليجي بوضع حزب الله على لائحته الإرهابية بعد جدولة مجموعة من الإتهامات ووثائق تشير إلى زعزعته لأمن الخليج.

خلال موسم الحج الماضي، قتل سفير إيران غضنفر ركن أبادي بحادث التدافع الشهير مع حوالي 400 حاج ايراني، وتأخرت السعودية بتسليم جثة أبادي إلى بلاده. وردّت السعودية معربة عن اسفها لمصرع المئات من الحجاج في هذا الحادث، وبمحاسبة المسؤولين عنه وتعهدت ان يكون الموسم الحالي أفضل من سابقه.

ولكن إيران عادت وإتهمت السعودية بتدبير حادث التدافع لقتل السفير الإيراني وعدد من المسؤولين معه، فإستنكرت السعودية الإتهامات، وتحدثت قبل أيام إبنة غضنفر ركن أبادي عن تسلمهم جثة أبيها خالية من الاعضاء الداخلية الحيوية، ولم تتضح للآن صحة ما قالته إبنة ركن أبادي.

ونتيجة لهذا المسار التصاعدي للأزمة، رأى وزير الثقافة والإرشاد الإسلامي علي جنتي أن الظروف غير مهيأة لأداء مناسك الحج هذا العام، فيما اعتبر المرجع الديني الشيعي حسين نوري همداني إن أداء الحج غير واجب عند الشعور بالخطر. أما حزب الله، فأفادت المعلومات التي نشرت قبل يومين في وسائل اعلامية مقربة منه، أن الحزب  عمم على عناصره وجوب عدم المشاركة بالقيام بفريضة الحج للأسباب نفسها التي أشارت اليها ايران.

ولا تخفي السعودية رؤيتها الواضحة لخطر إيراني يتهددها، ومن جهتها لا تنكر إيران دعمها للحوثيين علماً أن وزير خارجية إيران محمد جواد ظريف رفض إتهامات أميركا بان دولته تدعمهم عسكرياً رغم كل الشواهد.

وبالعودة للتاريخ، فإنه في عام 1987 شهدت مكة اشتباكات عنيفة بين مجموعة من الحجاج الشيعة الايرانيين وقوات الأمن السعودية ووصفت السلطات السعودية الاعمال بـ«الشغب» وكان حصيلتها مقتل المئات من الحجاج الايرانيين. ويقوم الإيرانيون الوافدون إلى الحج دائماً بتظاهرات سنوية ضد إسرائيل وأمريكا داخل حرم الكعبة، وهو ما تجده السعودية مستفزاً ويحمل مؤشرات عدائية لها.

اقرأ أيضاً : ما هي نشاطات إيران وحزب الله في أمريكا اللاتينية؟

وتطالب إيران دائماً خلال جلسات المجلس الإسلامي الذي يضم كافة الدول الإسلامية بإنشاء قوة إسلامية مشتركة تشرف على موسم الحج.

وكان كلا الطرفين قد وظفا سياسياً حادثة إعدام الشيخ الشيعي نمر النمر العام الماضي بقرار من القضاء السعودي، فهاجمت مجموعات إيرانية مقر القنصلية السعودية في طهران، ليعتذر بعد ذلك الرئيس الايراني حسن روحاني، ورغم الإعتذار فان السعودية قطعت علاقتها الدبلوماسية مع ايران، فيما صرّحت قيادات بارزة في الحرس الثوري انها تبارك لحظة إحراق القنصلية.  

ويومياً تدفع التطورات العسكرية الاقليمية التصاعدية إلى مزبد من إنحدار العلاقة وترديها بين البلدين،لتبلغ الذروة هذا العام مع القطيعة العامة بين البلدين، وعداء مستحكم لم تسلم منه عبادة فريضة الحج رغم اهميتها وعلو شأنها عند المسلمين.

وبطبيعة الحال لا يوجد أفق حالي للتفكير ان الصراع السعودي – الإيراني بطريقه للحل، لأن دول النزاع تقف عند فوهة البركان، أما موسم الحج فوقع ضحية الفتنة المذهبية المستعرة حروبا وتوترات على مستوى المنطقة كلها، ولا أحد يعلم هل الآتي أرحم… أم ان الآتي أعظم!

 

السابق
نديم قطيش: رح نضحك كتير على شاشة المستقبل
التالي
نورهان التي انتحرت…لم ترقد بسلام في الإعلام