وما زالت جرائم الحرب السورية دون حساب

عام 1992 بنى الجيش الصربي داخل القرى المحاصرة في مقاطعة سربرينتشيا عدة مخيمات وفرض على مسلمي المقاطعة التوجه إليها وكان الجيش بين الحين والاخر يقوم بإستدعاء الذكور المسلمين من أجل إعدامهم. في الوقت نفسه إنفجرت شهية الجنود الصربيين للإعتداء على البوسنيات المسلمات ووضع المني الذكري داخل ارحامهم لإنجاب المزيد من الصرب المسيحيين.

مذبحة سربرنيتشيا حدثت في منطقة آمنة تابعة للأمم المتحدة وكانت قوات حفظ السلام التابع للأمم المتحدة قد تعهدت بمنع جيش ميلسوفتش للتعدي على الآمنيين.

اقرأ أيضاً: مضايا… تُخنَق بصمت

ليلى ديمون فتاة تعيش في بريطانيا ولدت من أم مسلمة إغتصبت على يد جنود صربيين أثناء حملة التطهير العرقي المنفذة بحق المسلمين في سربرينتشيا. وبعد ولادة ليلى رفضت والدتها النظر إليها، أو حَملها لأنها حملت بها نتيجة الإغتصاب الذي تعرضت له، فتبنتها عائلة في بريطانيا.

إن السوريين على مدى خمس سنوات يتعرضون إلى ما هو أسوأ من رواية ليلى ديمون المولودة من اب مغتصب وأم مغتصبة. شهرياً يسجل الموت في سوريا أرقام متصاعدة جديدة. فقد تحدثت الشبكة السورية لحقوق الإنسان عن 94 مدنياً قتلوا في شهر حزيران السابق في مدينة منبج فقط.

في سربرينتشا وُثق قتل 8000 مدني. التطهير العرقي حصل على مرآى ومسمع الجنود الهولنديين التابعين إلى قوات حفظ السلام. كان الأمر حقاً مزعجاً ومشيناً أن تحصل هكذا تصفية لآلاف البشر بحضور الأمم المتحدة المكلفة بمنع حصول هذا الشيء.

وتيرة القتل في سوريا أسرع بكثير ممّا كانت عليه في في القرية البوسنية. مع إنتهاء النصف الأول من العام الحالي تم التخلص من 6567 مدنياً سورياً بأساليب بربرية. وجاء التقرير الذي صدر مؤخراً عن “حملة سوريا” ليتهم منظمة الأمم المتحدة بالتحيز إلى جانب النظام السوري خوفاً من تعرض مكاتب الأمم المتحدة إلى الإعتداءات في دمشق. تنص اتفاقية الأمم المتحدة على «عدم تقادم جرائم الحرب والجرائم المرتكبة ضد الإنسانية» وعلى إدانة إنتهاك حقوق السكان الأصليين وإدانة سياسة الفصل العنصري ومحاكمة مجرمي الحرب، وإستندت الإتفاقية على محاكمة نورنبورغ للقادة النازيين الضالعين بملفات قتل متعمدة.

هذه الإتفاقيات لا مكان لها في القضية السورية ولم تلتزم بها الأمم المتحدة عندما سمحت بمرور الغذاء إلى المناطق الخاضعة لسيطرة النظام بكمية تضاهي ثمانية اضعاف الكمية التي وصلت إلى مناطق المعارضة. من المؤكد أن الأمم المتحدة سمعت بإجراءات البلديات اللبنانية حول تضييق الخناق على اللاجئين السوريين وإستخدام مصطلحات عنصرية في بيانات صادرة رسمياً عنها، ولكنها حتى الآن لم تحرك ساكناً.

في شهر نيسان الماضي وأثناء تواجدي في مطار بيروت جلست بجانبي إحد الأمهات السوريات اللواتي تذوقن مأساة الحرب بشكل مباشر. رَوت لي الأم كيف تم إعتقال إبنها عبد المالك البريجاني من قبل قوات النظام السوري. كل ما في الأمر أن ولدها ذهب إلى إحد المفارز الجنائية في حمص لتثبيت فقدان صديقه لبطاقة الهوية، ولكن عبد المالك لم يعد إلى منزله. وبعد أشهر قليلة أرسل عسكر النظام مقتنيات الشاب عبارة عن علبة سجائر وهاتفه الجوال. بقيت عائلة عبد المالك في سوريا إلى حين تعرض منزلهم للقصف من قبل المجموعات المسلحة فغادروا سوريا وتوجهوا للعيش عند احدى أقاربهم في السعودية.

سوريا

صديقي الكردي جوان يردد دائماً كيف عممت الدولة الإسلامية إسمه على لوائح المطلوبين لديها، وكيف فر هرباً من سكين مقاتلينها ولجأ إلى كندا.

كذلك بهاء الشاب السوري تحدث مطولاً كيف تنقل بين سجن الخطيب التابع لأمن الدولة السورية وسجن كفر سوسة. كريم سليمان هو الآخر تعرض منزله إلى القصف ببرميل متفجر وأصيب أصابة بليغة بقدمه فإضطر حينها إلى مغادرة سوريا لتلقي العلاج.

مع إرتفاع حدة الدعوات لطرد اللاجئين السوريين حول العالم وإعادتهم إلى سوريا غير الأمنة والمدرجة في لائحة أخطر دول العالم فإننا نرسلهم نحو ماكينة الحرب التي لم ترحمهم.

للآن لم يتحدث احد عن خطط للمحاكمات ما بعد الحرب السورية ما عدا بعض الأصوات الصادرة من هنا وهناك لتجميع وثائق ومن ضمنها ما تحدثت عنه ديرشبيغل عن تجهيز المحامي ديفيد كرين لملف سيقدم إلى المحكمة الدولية يحوي 17 ألف وثيقة تثبت إرتكاب جيش الأسد للجرائم.

خرج ليل البارحة بعض الأمل للعدالة في الشرق الأوسط عبر انطلاق حملة نشطاء حقوقيين أوروبيين تطالب بإحالة المتهم بمجزرة حماه عام 1982 رفعت الأسد عم الرئيس السوري بشار الأسد إلى المحكمة الدولية.

اقرأ أيضاً: أيها العربي البليد.. العيد لمن؟

الدول العربية بحاجة الى محاكمة عادلة وشفافة تتولى دفتها المحكمة الجنائية الدولية، لا محاكمة على طريقة العرب كما حصل عندما نُفذ شنق صدام حسين من قبل جيش المهدي أو سيناريو ضرب معمر القذافي حتى الموت على يد ثوار ليبيا الناقمين.

السابق
المصالحة التركية الإسرائيلية… الغاز وأشياء أخرى
التالي
كيف نخرج سموم الجسم في شهر رمضان؟