نورهان التي انتحرت…لم ترقد بسلام في الإعلام

لماذا انتحرت؟ مؤمنة أم كافرة؟ ضعيفة أم شجاعة؟ ما الأسباب؟ ما الدوافع؟ ما .. ما ..؟؟... أصمتوا أفواهكم وأسئلتكم ودعوها ترقد بسلام..

لم يكن ليل أمس عادياً، ولم يكن ذاك الحي في بشارة الخوري هادئاً، فالناشطة في الحراك المدني والمدافعة عن حقوق المرأة، الشابة العشرينية نورهان حمود قررت أن تغلق بوابة الحياة، وأن تعبر إلى الأبدية بعد أن قفزت من شرفة منزلها في الطابق الثامن.

حادثة نورهان، لم تشكل خبراً صامتاً، فالحراك المدني بشبابه من أصدقائها وأصحابها، رثى ضحكاتها والقلوب الحمراء التي كانت تنثرها لهم هنا وهناك، ليتحول الموقع الأزرق منذ ليل أمس، إلى ساحة عزاء، يخفف بها الأصدقاء فجيعة بعضهم البعض بفقدان صديقة رحلت مبكراً.
ولأنّ الموت استثمار، إعلامي وأخلاقي، لا سيما وأنّ جدلية الانتحار ذات بعد ديني وانساني عام، لم تحترم لا وسائل الإعلام ولا العديد من الأصوات الشاذة حرمة اللحظة، بل انبرى كلّ يسوّق لما يعود عليه نفعاً أو يكسبه حضوراً تحت مبدأ “إن نطق”.

نورهان
إعلامياً السقوط الأكبر تمثّل بسخافة بعض المواقع الذين تخطوا واقع الحدث لاستنتاجات تعكس الابتذال، فذهبوا لصفحة نورهان الفيسبوكية وقلبوا بها بحثاً عن منشور يوحي بفكرة الموت أو النهاية، ليعنونوه “آخر ما قالته نورهان” أو “مفاجأة في قضية نورهان”.. وغيرها من المانشيتات التي تعكس كم أن ثقافتنا الإعلامية “صفر عالشمال”.

إقرأ أيضاً: سقطات الإعلام اللبناني… تعلم الصواب وإعمل الخطأ!
من هذه المواقع التي أبدعت والمحطات التلفزيونية التي استغلت الواقعة لا كحدث مأساوي وإنّما كبروباغندا وأرقام ونسبة مشاهدة، ننتقل لمجموعة “إن نطق”، الذين رفعوا ملف نورهان لمحاكمة دينية، فطرحوا فرضية الانتحار، وأساؤوا لها، وبشروها وهي تحت التراب بجهنم وبئس المصير.
هؤلاء المجموعة من المنظرين، الذين خرجوا من قالب الإنسان لقالب الغريزة، وقاربوا الدين بالإلحاد، ونصبوا أنفسهم قضاة الله على الأرض، فحكموا على نورهان، وأدانوها، بل و وصلت الوقاحة بالبعض للتحقير واستخدام ما ناب من العبارات وما سقط، هم الأكثر مرضاً، وهم الأكثر خطيئة، والأكبر ذنباً.

إقرأ أيضاً: فاجعة انتحار الناشطة «نورهان» تشغل الرأي العام اللبناني

نورهان رحلت ببساطة، قضية انتحارها لا تعني أيّ إعلامي أو منظّر أو فضولي، وما ينتظرها بعد الموت، لا أحد يملك المعرفة به، ولا أحد له الحق بتحديده.

ختاماً، الانتحار ليس فضيلة ولا هو خطيئة، وإنّما هو حالة تشكل جدلاً، فما يصل إليه الشخص ليقدم على هذه الخطوة لا يمكن لأي متفلسف أن يشرحه، لذا فإصمتوا، ولملموا أفواهكم وكلماتكم واتهاماتكم… ودعوا نورهان تنعم بالراحة الأبدية بعيداً عن عقولكم المريضة، وإعلامكم الرخيص.

السابق
لا حجّ لإيران وحزب الله هذا العام…والآتي أعظم!
التالي
السياسة: خفض التمثيل الديبلوماسي السعودي رسالة للبنان