حوار حزب الله مع جبهة النصرة… مناورة أم تكتيك؟

حزب الله والنصرة
المتابع لسيرة السيد حسن نصر الله لا يمكنه إلا و أن يعترف للرجل بذكائه وحنكته، خصوصاً وأنه شديد الحرص على تصنيف نفسه من الذين يفعلون ما يقولون، ومن الذين يصدقهم الناس في كل ما ينطقون أو يعِدون.

وبناء على ما تقدم من حنكة سياسية يتمتع بها نصرالله، فإنك لو أمعنت النظر في نص الكلمة التي ألقاها سماحته في آب الحالي بمناسبة يوم النصر على جيش العدو الإسرائيلي في حرب تموز، أو أنصتّ إلى صدى الكلمات الواردة فيها والتي في العادة لا تنسى بسهولة وتضع الكل أمام سلطة المكتوب والمقدّر الذي لا خلاف عليه والذي يتلقاه الناس من دون نقاش وجهد للإستدلال، وجدت أن تلك الأحرف المجموعة في جمل، تشي برغبة لدى صاحبها في إنهاء صراع مع أطراف يعاديهم ويتقاتل معهم، وهي دعوة من المفترض أنها إنطلقت تحت تأثير الواقعية وليس على أساس المثالية أو المبدئية التي دافع بها عن قرار إنخراطه في الحرب السورية ضد التكفيريين كما كرر وصرح وأصرّ دائماً أن يقول.

اقرأ أيضاً: نصرالله بعد حلب: خطاب الهزيمة

وبالعودة إلى النص فالحديث هنا هو بالتحديد عن دعوته داعش وجبهة النصرة وكل الجماعات التي ما زالت تقاتل في سورية والعراق واليمن إلى إيقاف القتال وإلقاء السلاح والتكلم بمصالحات، مشيراً في الوقت عينه إلى أن هذه الدعوة تحمّل الولايات المتحدة مسؤولية ما يقوم به هؤلاء من عمليات انتحارية وتفجيرات، وهو أي الأمين العام لحزب الله دعى تلك المجموعات (دون نفسه) إلى الإستيقاظ من حالة اللاوعي، لا سيما أنها أي الولايات المتحدة الأمريكية ستتخلّى عنهم في النهاية وتقضي عليهم.

الدعوة إذاً صريحة والكلام واضح، والمصرَح به كالمنبه، والمرجح أنه قيل عن سابق تصور وتصميم لكي يتطابق والواقع المتغير، كلام ينم عن إستفاقة هدفها وقف النزف الحاصل والحفاظ على النفس والعرض والنسل وما تبقى من المال. لكنها (كما هو ظاهر إلى الآن) دعوة صادرة عن واحد إلى كثيرين، ويقيناً ستدخل صاحبها في دوامة الشرط والشروط المقابلة التي من الطبيعي أن يطلقها المُخاطبون وتتعارض مع مصالحه ومصالح سلطة الأمر والنهي التابع لها ومحاولة إعتبار ذلك التفكير أو الإعلان مجرد مناورة أو تكتيك.

السيد حسن نصر الله

أما وأن ما ذكر بات واقعاً والواقع يعني أن الشيء حاصل، فأن لغة النص والأحرف المجموعة في الكلمات المرصوصة في الجمل لا تقود إلا إلى نتيجة واحدة، وفيها أن إتصالاً بينهم قد حصل أو في طريقه لكي يحصل، والتاريخ (كما يحلو للبعض أن يشبهه) هو نوع من أنواع الجراموفون الكبير، يحفظ أصوات الناس حتى وإن كانت تصدح تحت عنوان المنطق التجريبي. هو تهيج سيستغرق بعض الوقت لكنه سيصل إلى الشعور الذي هو جزء من العقل المنفعل وليس مستقلاً عنه.

اقرأ أيضاً: نصر الله عرض «الاستسلام» على الحريري و«الصلح» على… «داعش»

أولئك يستلزم وجودهم وجود هؤلاء، وكل واحد منهم يختبىء وراء حجر الآخر في ما يشبه لعبة الإستغماية، كلاهما موجود بالقوة أي بقوة الغير للعب دور، حتى أن أكثرهم صُنع لغاية حددت فصولها مسبقاً، لكن الغريب والمستغرب أنهم أنفسهم يعلمون ما كانوا عليه وما عليه سيكونون لكنهم يتناسون، والأدق أنهم لا يريدون أن يتذكروا أو أن يعترفوا أنهم أدوات في هذه المعركة العالمية فقط لا غير.

 

السابق
عقل: الثنائي يسيطر على البلديات بـ30% من الأصوات فقط
التالي
جريج: تأجيل المواضيع الخلافية في مجلس الوزراء والحكومة ماضية بتحمل مسؤولياتها