«حزب الله» والتصالح مع «داعش»

كلّما تكلّم غلط. دعوه إذاً يتكلّم أكثر ليغلط أكثر. فالأمين العام لـ “حزب الله” يبحث عن “مصالحة” مع تنظيم “داعش”. حتى طهران لم تذهب علناً الى هذا الحدّ. فهي وميليشياها اللبنانية تجدان استحالة في طرح أي مصالحة مع الشعب السوري. لذلك، يبدو التوجّه الى “داعش” و”جبهة النصرة”، فيما هما مأزومان باشتداد الحملة الاميركية عليهما، أكثر سهولة – وجدوى؟ – من أجل “مصالحات وتسويات”، فهذا ما فعلته ايران عام 2001 عندما استقبلت فلول “القاعدة” الهاربة من افغانستان. وتبدو دعوة السيد حسن نصرالله بمثابة تذكير للتنظيمين بأن رفاقاً لهم لا يزالون في ملاذهم الايراني ينتظرونهم متى أرادوا الالتحاق بهم.
يشير نصرالله الى “شيء” من الاسلام و”حب النبي” والعلاقة بالقرآن ليحرّك وجدان “الدواعش”، محدّداً في سوريا والعراق واليمن وليبيا وسيناء، كي يوقفوا “هذا القتال لمصلحة اميركا”. أي: تعالوا الى القتال لمصلحة ايران التي راعتكم وساعدتكم ولا تنساكم في محنتكم. بل يقول لهم “أنتم تمّ استغلالكم خلال خمس سنوات لتدمير محور المقاومة ولتدمير شعوب المنطقة وآمالها على أنقاض أنظمة ضعيفة خانعة…”. والترجمة الفورية: “تعالوا شاركوا ايران، فهي تمارس تدميراً هادفاً ومنهجياً للدول والجيوش والمؤسسات، لكنه تدمير مضاد للتدمير الاميركي، ونحن في حزب الله نُستغل فيه أيضاً منذ خمس سنوات وأكثر”. ومن أجل “داعش” يستحثّ نصرالله جهود العلماء والعقلاء “لوأد الفتنة القائمة في الامة والمنطقة”… لكن لا هو ولا ايران ولا جميع المقاومين والممانعين لديهم الحرص نفسه على سوريا وشعبها، بل انهم يتطلّعون اليوم الى التصالح مع “داعش” بمقدار ما يأملون بهزيمة الشعب السوري في حلب وغيرها.

اقرا ايضًا: نصرالله…والتسوية مع داعش!
كل ذلك يناقض مجمل تبريرات “حزب الله” لذهابه الى سوريا، إذ دأب على القول إنه “لمحاربة التكفيريين” وهو يسعى اليوم لإرشادهم الى عنوان لوجهتهم التالية، فقد استُغلّوا لمرحلة تقترب من نهايتها ويمكن أن يكونوا صالحين للاستخدام الايراني في مراحل مقبلة، وطالما أنهم سيُطردون من سوريا والعراق فلا شك أنهم بحاجة الى كنف حنون يحتضنهم. ويأمل نصرالله بأن يكون مقنِعاً – وحكيماً – في استمالة “داعش” وتعقيله، لكن الواقع أن مجريات الصراع السوري تدور على نحوٍ غير مريحٍ لإيران، فهي باتت مدركة أن حسابات الربح المضمون في سوريا تحوّلت الى حسابات الحدّ من الخسائر المضمونة.
قاعدة الكلام والغلط تنسحب أيضاً على الشأن اللبناني برئاسته المعطّلة وحكومته المشلولة وضحالته السياسية التي أشعلت النقاش على “ايجابيةٍ” افتراضية أبداها نصرالله، أو على “مبادرة” أعاد فيها عجن أفكار قديمة كانت ولا تزال خادعة. كل ما في الأمر أنها أعانته على الظهور كمَن يوزّع المناصب الثلاثة الأعلى (المنتخبة!) في الدولة، ليقول في النهاية إنها دمى طوع أصابعه.

(النهار)

السابق
ستالينغراد الحلبية بين شرقية وغربية!
التالي
نصر الله:مصالحة بعد فتنة