لماذا تريد ايران معركة الفلوجة طائفية؟

قاسم سليماني الفلوجة
ما ان اعلن رئيس وزراء العراق الدكتور حيدر العبادي قبل ثلاثة أيام عن بدء معركة تحرير الفلوجة من تنظيم داعش الارهابي، حتى قام قائد فيلق القدس الايراني قاسم سليماني في اليوم التالي بزيارة الجبهة، موحيا ان "الحشد الشعبي" الذي تسلحه وتموله ايران هو من سوف يتولى تحرير الفلوجة، مع العلم ان مخطط المعركة يضع الحشد في الخطوط الخلفية خارج المدينة، وهنا يبرز السؤال، لماذا تريد ايران جعل المعركة طائفية، وماذا سوف تستفيد من ذلك؟

حركة سليماني الاستعراضية المرفقة بصور تظهره مع قادة الحشد الشعبي على تخوم الفلوجة يبدو انها استدعت ردا سريعا من بغداد منعا لتقويض المعركة الوطنية ضد داعش عبر زرع الفتنة بين الجيش والحشد الشعبي وعشائر الأنبار المشاركة كلها في المعركة.
فقد وصل صباح اليوم رئيس الوزراء العراقي ورئيس مجلس النواب سليم الجبوري ورئيس ديوان الوقف السني عبد اللطيف الهميم ووزير التخطيط سلمان الجميلي، إلى مقر عمليات الفلوجة ليشرفوا شخصيا على سير عمليات تحرير المدينة.
وعقد العبادي بعد وصوله للمقر، بصفته القائد العام للقوات المسلحة، اجتماعا مع القيادات الأمنية والعسكرية التي تقود عملية تحرير المدينة من أيدي “داعش”.
وفي محاولة لتطويق الآثار السلبية لزيارة سليماني وتأثيرها على وحدة جنوده وتكاتفهم بفعل ايحاءاتها الطائفية، قال العبادي إن “البعض أراد أن يعرقل حركتنا باتجاه تحرير الفلوجة، ولكنهم فشلوا في تحقيق غايتهم”. وتابع: “البعض يحاول أن ينقذ “داعش” في اللحظة الأخيرة”.

حيدر العبادي
رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي

وتابع: “ان الوطنية العراقية تجمعت في هذا الجهد الوطني لتحرير الفلوجة والذي شاركت فيه قوات الجيش والشرطة الاتحادية والمحلية ومكافحة الارهاب والحشد الشعبي والعشائري وكل المواطنين، مؤكدا ان تحرير ابناء الفلوجة وحمايتهم من عمليات القتل والتهجير والتعذيب التي لاقوها على يد عصابات داعش هو هدف عمليات تحرير الفلوجة وان قواتنا البطلة بكافة صنوفها تقاتل الارهابيين وتحمي المواطنين”.
أما لماذا تسعى ايران الى تحويل معركة تحرير الفلوجة من تنظيم داعش الارهابي فيعزوه مراقبون الى ثلاثة أسباب:
السبب الأول هو ان طائفية المعركة تمنع نمو العصب الوطني العراقي من جديد، فايران تؤجج الصراع المذهبي وتحاول زج فصائل الحشد الشعبي الشيعية التي تشرف عليها في المناطق السنية، والايحاء ان الشيعة هم من ينتصر في المعارك على السنة من أجل تقوية التطرف السني، وجعل الشيعة العراقيين اكثر التصاقا بها وابتعادا عن الدولة.

إقرأ أيضاً: مسؤول ايراني: قاسم سليماني أرفع شأنا من كل المرشحين للرئاسة!
السبب الثاني ان إيران لا تريد تكرار نموذج تحرير مدينتي الرمادي والرطبة اللذين عدا نجاحا للجيش العراقي الذي التأم وطنيا واعادت تدريبه وتسليحه الولايات المتحدة بعيدا عن رعاية ايران، فقوة الجيش العراقي الوطني المكوّن من جميع الطوائف هو اضعاف لنفوذها واشارة الى احتمال الاستغناء في المستقبل عن خدماتها العسكرية وهو ما تخشى منه ايران بشدة.
أما السبب الثالث والأخير وبحسب المراقبين، فيكمن في عدم استعجال ايران الحسم ضدّ داعش في العراق، لأنه سوف ينعكس انهيارا سريعا لها في سوريا مقابل فصائل الجيش السوري الحرّ التي ستتفرغ لمقاتلة نظام الأسد والذي سوف يرى نفسه فاقدا لكل مقومات استمراره بعد تقديم نفسه للعالم انه المحارب الأول للارهاب.
يذكر ان الفلوجة التي تعد معقلا قديما للمتشددين، تقع على بعد 50 كيلومترا من بغداد، وكانت المدينة الأولى التي تقع في أيدي “داعش” في الشهر الأول من عام 2014، أي قبل سقوط الموصل بستة أشهر في عهد حكومة نوري المالكي، وسط تساؤلات وتهم بالتواطؤ، الذي ترافق مع تهريب المئات من قادة داعش من السجون العراقية.

إقرأ أيضاً: لماذا دخل «الحرس» معركة الفلوجة؟.. مستشار سليماني يجيب

رئيس مجلس النواب العراقي سليم الجبوري
رئيس مجلس النواب العراقي سليم الجبوري

يذكر أن رئيس مجلس النواب سليم الجبوري كان قد دعا الأربعاء العبادي إ”لى التوجيه بمنع أي جهة تحاول النيل من “النصر” عن طريق الترويج لتحويل معركة الفلوجة إلى “فرصة للتعبئة الطائفية”، وذلك في اشارة الى زيارة سليماني دون أن يسميها، مؤكدا “على ضرورة تكرار نهج معركة تحرير مدينة الرطبة في الفلوجة”، أي تحريرها من قبل الجيش والقوى الأمنية بمعاونة العشائر السنية، ودون تدخل فصائل الحشد الشعبي المدعومة من ايران.
ونسأل في النهاية: هل كان اقتحام المنطقة الخضراء الاسبوع الماضي من قبل متظاهري مقتدى الصدر المقيم في ايران، تهديدا للعبادي وعقابا له على نجاح جيشه في تحرير مدينة الرطبة، وتحذيرا ضمنيّا له بعدم تكرار نموذجها الوطني في الفلوجة؟

السابق
بلدية حارة حريك: وما زال الفساد مستمرا !!
التالي
الشباب…سر نجاح تيار المستقبل في انتخابات العرقوب‎