بعد البيان الغاضب: هل هدأ حزب الله واستوعب القرارات المصرفية؟‏

مع بدء سريان مفاعيل الاتفاق النووي، ورفع العقوبات الاقتصادية عن إيران، تصاعدت وتيرة العقوبات المالية والمصرفية على حزب الله بموجب المراسيم التطبيقية الأمريكية وكان لافتا بيان النائب فضل الله الاسبوع الفائت الذي اتهم فيه حاكم مصرف لبنان بالانصياع للانتداب الاميركي.

في حين تحوّل الشيطان الأكبر إلى حليف موضوعي للنظام الإيراني بموجب الاتفاق النووي الموقع وسمح للنفوذ الايراني ان يسرح ويمرح في سوريا ولبنان واليمن والعراق، كان تنظيم حزب الله اللبناني ينتقل من قائمة إرهابية لقائمة أخرى مع فرض عقوبات اقتصادية ومالية تنعكس تداعياتها على الحزب أولاً ومن ثم على الدولة اللبنانية ثانيًا.

في 15 نيسان الماضي، أصدر الكونغرس الأمريكي المراسيم التطبيقة لقانون العقوبات على المصارف والمؤسسات المالية والأشخاص المتعاملين مع حزب الله، وجاء في صدارة من حددتهم هذه المراسيم، الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، والقيادي الذي اغتيل مؤخرًا في سوريا مصطفى بدر الدين، إضافة إلى تلفزيون “المنار” وإذاعة “النور”، وشركات مقاولات وجمعيات خيرية، وأسماء سوبرماركت.

هذه العقوبات ضيقت الخناق على الحزب لا سيما بعدما أوقف أحد المصارف اللبنانية حسابين لنائبين في كتلة الوفاء للمقاومة، وقد ظهرت تداعيات هذا الحصار السلبية على حزب الله جليّة في إطلالة السيد حسن نصر الله الأخيرة، والتي أثنى بها على المجاهدين بأموالهم، كما قدّم الشكر المكرر للجمهورية الإيرانية التي تعهدت للحزب بتمويله مالاً وعتادًا.

حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بدوره، التزم بالقرار الدولي المتخذ لجهة المصارف لحماية هذا القطاع ، ممّا عرضه لانتقاد لاذع من كتلة الوفاء للمقاومة، والتي اعتبرت  “ان التعاميم التي أصدرها مؤخراً حاكم المصرف المركزي وفقاً للقانون الاميركي السيء الذكر، هي إنصياع غير مبرر لسلطات الانتداب الأميركي النقدي على بلادنا ومن شأنها أن تزيد تفاقم الأزمة النقدية وتدفع البلاد نحو الافلاس بسبب ما سينتج من قطيعة واسعة بين اللبنانيين وبين المصارف، الأمر الذي يعرّض البلاد لإنهيار نقدي خطير ولفوضى عارمة غير قابلة للإحتواء”.

العقوبات على حزب الله

غير أنّ هذا الموقف الحاد، استتبعه موقف آخر عنونته الصحف ، وتضمن مطالبة من كتلة الوفاء للمقاومة لحاكم مصرف لبنان بالعودة الى الاتفاق الذي حصل سابقاً.
إلا أنّ تعميمًا واضحًا وصريحًا أصدره رياض سلامة حدد من خلال الواقع المصرفي وكيفية التعامل مع العقوبات، وتضمن” إن القانون الصادر في الولايات المتحدة هو قانون أميركي مطلوب تطبيقه عالميا وفي لبنان، وبالتالي فإن التعميم رقم 137 الصادر عن مصرف لبنان في تاريخ 3 أيار 2016 كان واجبا قانونيا لبنانيا”.
وأضاف التعميم  “إن المادة 70 من قانون النقد والتسليف تطلب من مصرف لبنان تأمين الاستقرار التسليفي. ولا يمكن ضمان الاستقرار التسليفي إذا لم يطبق هذا القانون الأميركي”.

إقرأ أيضًا: تعليقًا على العقوبات الأميركية ..حزب الله يقدم أموال السيد

في هذا السياق، كان لموقع “جنوبية” اتصالًا مع  الخبير اقتصادي الدكتور سامي نادر الذي أكدّ أنّ “العقوبات لا تشمل فقط حسابات مصرفية، فقانون العقوبات شمل ايضا أعضاء وشركات لن يستطيعوا بعد الان أن يتعاملوا مع المصارف والمؤسسات المالية  لأنّ القانون يحرّم ذلك”.
وعن توقيت سفر حاكم  مصرف لبنان وعلاقته بقانون العقوبات، أشار “أنّ سفره ليس في إطار تعديل القانون كونه قانون صادر عن الكونغرس الأمريكي، وإنّما قد يكون سفره في اتجاه الأحاديث المتزايدة حول هذا الموضوع والتي تضرب الثقة بالقطاع المصرفي اللبناني، وهذا قد يتأثر به لبنان سلبًا”.

وعن مطالبة حزب الله رياض سلامة العودة للاتفاق الصادر سابقًأ، أوضح نادر “أنّ المطلوب من المصارف اللبنانية هو وقف التعامل مع هؤلاء الأشخاص، وأن قصة اللجنة سابقة للقانون، أما الآن فهناك قرارات تنفيذية لا بد من الالتزام بها لأنّها غير خاضعة للإرادة اللبنانية، وإن لم تنفذ سوف يتحمل لبنان العواقب حينئذ”.

إقرأ أيضًا: حزب الله يلتزم بالقرار الأميركي… والمصارف خالية من أمواله

وأكد نادر “أن تطبيق القانون لا ينعكس سلبًا على النظام المصرفي اللبناني وإنّما يحميه، والضرر يكون بعدم الالتزام به”، مردفًا أنّ “استمرار الاعتراض والإكثار من الكلام بهذا الموضوع سوف يضرّ، وسوف تسحب الودائع خيفة من توقف الحسابات، وسوف يتأثر الاقتصاد اللبناني”.

وتابع أنّ “هناك مسؤولية كبرى على حزب الله فالمرجلة بهذا الموضوع ليست مفيدة، إذ أنّه ليس بإمكاننا أن نحارب نظاما عالميا، وحاكم مصرف لبنان لا يريد أن يضرب القطاع المصرفي، وعلينا أن نتعامل مع الموضوع بأقل ضرر ممكن، فهناك تدابير تاخذها أميركا وهي في قلب النظام المصرفي العالمي، ولا بد من الالتزام بها”

مضى اسبوع على البيان الغاضب لنائب حزب الله حسن فضل الله الذي اعتبرته الاوساط السياسية تهديدًا لحاكم مصرف لبنان والقطاع المصرفي، فهل هدأ الحزب أم أنّه يستعد لجولة جديدة من التهديدات والاتهامات وربما لاكثر من ذلك؟.

السابق
النجارية: لائحتان لحركة أمل…ولا تسوية حتى الآن‏
التالي
جريصاتي: انتخابات جونية أثبتت أن عون هو الاقوى في مكونه